يمضي الوضع اللبناني الداخلي في مواجهة محاولات ذرع بذور الفتنة المذهبية واللعب على الوتر الطائفي من بوابة ملف العسكريين المخطوفين، في ظل تراجع الحركة السياسية المتعلقة بالملف الرئاسي في مقابل تقدم الملف الامني على ما عداه، مع تنبيه اوساط دبلوماسية معنية من ان لبنان يمر حاليا في اخطر مراحله التاريخية منذ الحرب الاهلية، من هنا على كافة الاطراف السياسية المعنية العمل على لجم التوترات المتنقلة التي قد تتطور بسرعة في حال فلتان الضوابط وتتحول الى حرب باشكال متنوعة يصعب وضع حد لها او التنبؤ بنهايتها.
فالجو العام المسكون بهاجس الفتنة التي أطلت برأسها من البقاع، تطلب تطويقها بذل جهود مركزة وإعلان حال استنفار سياسي في ظل الاجماع على عدم الوقوع في فخ «داعش» اللاعبة على التناقضات والانقسامات اللبنانية لإثارة فتنة مذهبية وطائفية، دفع بحزب الله للتحرك ، بحسب مصادره، مبلغا الجهات الرسمية المعنية رفضه التعرض للنازحين السوريين او لمخيماتهم كما قطع الطرقات وعمليات الخطف والخطف المتبادل واي تحرك في الشارع، طالبا من جهة اخرى من عائلات المخطوفين ورؤساء العشائر التعاطي مع الظروف المستجدة بحكمة وروية وعدم الاندفاع وراء الممارسات الغرائزية.
حالة القلق السياسي والشعبي تلك، عززها الارتباك في موقف الحكومة وطريقة إدارتها للازمة تقول مصادر وزارية، مع فشل خلية الازمة في التوصل الى اي قرارات فعلية ،وان كانت دفة التردد تميل حتى الساعة لمصلحة وجهة نظر الثامن من آذار، في ظل أزمة ثقة بين فريقي الحكم ، ظهرتها السجالات وتبادل الاتهامات بين مكونات الحكومة، بدات بالحملة ضد قيادة الجيش لتنتقل بعدها الى رئيس الحكومة محملة اياه مسؤولية إعاقة حركة الجيش وعرقلة استكماله معركته ضد الإرهاب وعدم إكمال عملية الانتشار ميدانيا بين عرسال وجرودها، هدفها بحسب المطلعين جر الدولة اللبنانية إلى تعاون أمني وعسكري مع النظام السوري، وصلت حدود ربط المصادر بين ترؤس رئيس الحكومة تمام سلام لوفد لبنان الى نيويورك، ومحاولة فريق سياسي في البلد اختلاق توترات امنية خلال الفترة الفاصلة عن موعد الافتتاح لحمله على صرف النظر عن الرحلة، على ان يترأس الوفد عندها وزير الخارجية جبران باسيل او حتى مندوب لبنان لدى الامم المتحدة، ليبقى السؤال الابرز من سرب داتا الاتصالات بين رئيس الحكومة وقائد الجيش؟ولمصلحة من؟ علما ان مصادر دبلوماسية ابدت قلقها من تمدد المسلحين باتجاه مناطق حدودية مع لبنان ، ما سيعجل باستدراجه الى حروب المنطقة بشكل اكبر، خاصة ان الوضع الميداني في عرسال يخضع لعوامل وحسابات سياسية وعسكرية ومناخية ولتطور الظروف والأوضاع في المحيط السوري، متخوفة من رد فعل المسلحين بعد نجاح الجيش في احكام سيطرته على تلة الحصن ما يعني عمليا اقفال شريان الحياة الوحيد بين عرسال والجرود.
وفيما بدا واضحاً خلال الساعات الماضية ان ملف العسكريين بحسب مصادر متابعة للملف، الذي كان انتقل الى مرحلة اخرى مع انطلاق الوساطة القطرية عبر الشخصية السورية (ج.ح) التي سبق ان لعبتْ دوراً في قضية راهبات معلولا، بات ينذر باستيلاد معارك جانبية، مع نجاح «داعش» في التفاوض بالسلاح الابيض فيما يترنّح الموقف اللبناني بين »أوراق قوة« تلوّح بها الحكومة بدفْع من أطراف سياسيين فيها وبين «نقاط الضعف» تظهّرت جليا في تضامنها الوزاري، كثرت الدلالات والاشارات المقلقة ،ولعل ابرزها:
– تفلت الشارع من ايدي السياسيين كما حصل في سعدنايل مع مندوبة ال ام تي في وقبل مع مندوب المحطة نفسها في الضاحية عندما بادر الى الاعتراض على ما تفوه به غاضبون في الشارع من عبارات مذهبية تحريضية.
اقدام مجهولين يستقلون عشرات الدراجات النارية على تكسير احد المحلات على طريق الحدت في بيروت.
– قيام شبان غاضبين في بلدة سعدنايل بتمزيق صورة رئيس حزب – المستقبل – سعد الحريري المرفوعة في ساحة البلدة ورفعوا مكانها صورة خليفة «داعش» ابو بكر البغدادي، وقد تسبب ذلك باشكال حيث تخلله اطلاق نار، قبل ان تعاد الصورة إلى مكانها إلى جانب صورة لرئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة.
– دخول المناطق المسيحية على الخط للمرة الثانية بعد حرق الاعلام ، خلافا لارادة اهالي الاسرى المسيحيين، مع اقفال التيار الوطني الحر لطريق رومية ، في خطوة وصفها المسؤولون العونيون بالبروفة في حال تقرر اخلاء اي سجين
– عدم تبني اي جهة لخطف ايمن صوان ، ومحاولة وضع الموضوع في اطار طلب الفدية المادية.
– قطع الطرقات المنظم بالتزامن مع ظهور مسلح في اكثر من منطقة حساسة مذهبيا حيث جرت عمليات تدقيق في هويات بعض المارة ، في اكثر من منطقة وصولا الى بيروت.
– توقيف إستخبارات الجيش اللبناني المدعو ( وليد ش.) بتهمة الانتماء لجبهة النصرة في زغرتا غرين – الضنية بعد توقيف شقيقه.
– القبض على شخص ينتمي لتنظيم «داعش» الإرهابي في مدينة صور بينما كان يحاول شراء سيارة من نوع «بيك اب» من أحد المعارض في المدينة وقد ضبط بحوزته الهويتين اللبنانية والسورية.
– تسريب لوائح بمطلوبين من كلا الفريقين من سكان بلدة عرسال.
– المفارقة تبادل ادوار على خط النصرة «داعش» بينما اهالي العسكريين براء مما يحصل على الارض من تحريض طائفي.
– اطلاق بعض السجناء غير ممكن لاسباب خارجية من هنا طرح تسليمهم ما اعتبر تعقيدا للموضوع . علما ان الكثير من الموقوفين لم يطلق سابقا بناء لطلب اجهزة استخبارات خارجية .
– المخاوف من انفجار على صعيد ملف النازحين بعد التعرض لهم في بعض المناطق وحرق خيم لهم وتسجيل حركة «نزوح» جديدة لهم ضمن الاراضي اللبنانية، وبدء ازمة صامتة بين الدولة والمنظمات المعنية بالملف.
ازاء ذلك تؤكد المصادر ان «داعش» لن تكف عن الضغط على لبنان حتى ينسحب «حزب الله» من سوريا كما انسحبت الميليشيات العراقية، ناجحة في نقل الازمة الى الداخل اللبناني محققة هدفين اساسيين ، مزيد من التعاطف داخل بيئة اللاجئين السوريين نتيجة ردات الفعل ، ومساومة على عسكريين في لعبة تكاد تفجر صراع مذهبي سني – شيعي، وسط مخاوف من قطبة مخفية وراء الغارات السورية المكثفة والمفاجئة على مواقع معينة في جرود عرسال خلال الساعات الماضية، ما يعيد الى الاذهان تجربة اعزاز وما رافقها يوما، خاصة ان عمليات الخطف والخطف المضاد لم تكن سوى بروفا مصغرة لما قد يحدث مستقبلا .
واشارت المصادر الى ان مشهد الخطف المتبادل خطف الاضواء فما عاد الانتظار لنهاية المهلة التي حددتها داعش ولا لمواعيد الاجتماعات التي ضربها رئيس الحكومة ولا لاوراق القوة التي لوح بها ، وسط الكلام عن مئات القطب المخفية. فما عجزت العصابات الارهابية عن تحقيقه خلال معارك عرسال تسعى لتحقيقه من خلال النفاد الى النسيج اللبناني وعبر محاولة ايقاظ الفتنة كي تعم لبنان.فهل أصبحت القضية في مكان آخر؟ وهل وقع المحظور؟
ميشال نصر