جمع المشهد العراقي، أمس، عناصر عدة تختصر سير بلاد الرافدين في توجهات متوازية عدة، حيث اختلط الشق السياسي الداخلي المتمثل بأول حركة لمعارضي العملية السياسية في مؤتمر تحت عنوان «مكافحة الإرهاب» في أربيل، بالعامل الميداني المتعلق بالعملية العسكرية الضخمة التي تشنّها قوات البشمركة بهدف تطويق الموصل شمالاً، كما برز دخول الأردن على خط الأزمة العراقية بشكل مباشر بما رشح عن زيارة رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور إلى بغداد، في وقت كان الرئيس الإيراني حسن روحاني يجدد تأكيد بلاده دعم العراق بغض النظر عن التركيبة الطائفية والعرقية للبلاد.
وأكد روحاني خلال استقباله رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري في طهران، أن «إيران تقف مع الشعب العراقي بغض النظر عن المعتقد الديني والطائفي والعشائري»، وأشار إلى أن «العراق بات أكثر تماسكاً بعد المواجهات مع تنظيم داعش».
ولفت روحاني في ظل تواصل الحديث عن تقسيم العراق، إلى أن بلاده «تقف إلى جانب العراق، في كل منطقة من العراق تشهد معارك ضد الإرهابيين»، مؤكداً مساندتها لمقاومة «الشعب العراقي للإرهاب»، من دون أن يعنيها لمن «تكون الغالبية الطائفية أو العشائرية في تلك المناطق».
وفي هذه الأثناء، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني عبد الله النسور، أن محادثاتهما تطرّقت إلى الوضع الأمني والعسكري، ومحاربة «داعش» و»الإرهاب»، مؤكداً أن المنطقة «بحاجة إلى مزيد من التعاون لمحاربة داعش»، حيث إن الأمن «لا يتجزأ بين بلد وآخر».
ولفت العبادي إلى أن «دحر داعش في الأنبار سيكون قريباً»، مشيراً إلى تأمين «الطريق ما بين العراق والأردن لتفعيل ما تم الاتفاق عليه خلال اللقاء»، في إشارة إلى تطرق المحادثات إلى الجانب الحدودي بين البلدين، و»مرور البضائع في المجالات الزراعية والتجارية والصناعية والنفط والطاقة كافة».
من جهته أكد النسور أن زيارته تحمل رسالة واحدة وهي أن الأردن «مع العراق في حربه ضد داعش»، وأشار إلى وجود تعاون أمني واستخباراتي بين البلدين لمواجهة «داعش»، كما شدد على «وقوف الأردن إلى جانب الإصلاحات العميقة التي يقوم بها العبادي»، لافتاً إلى أن بلاده «مع العراق الموحد الواحد والذي لا يفرق بين طائفة وأخرى وستكون داعمة لهذا النهج».
ومن جانبه أكد المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي رافد جبوري، أن «الجانب الأمني كان قلب المباحثات العراقية الأردنية»، كما أكدت وسائل إعلام محلية أردنية أن زيارة النسور تناولت إمكانية تدريب الشرطة والجيش العراقيين في الأردن، بالإضافة إلى ملف المعتقلين الأردنيين في العراق، كما شملت أنبوب النفط العراقي الأردني المزمع إنشاؤه، وتأمين الطرق البرية بين البلدين.
وأكد النسور تأييد الملك الأردني عبد الله الثاني للإصلاحات التي تقوم بها الحكومة العراقية، وأشار إلى أن «هناك 22 سجيناً أردنياً في العراق وهناك اتفاقية بين الجانبين تسمّى اتفاقية الرياض تتحدّث عن تبادل المحكومين»، معرباً عن «استعداد بلاده تدريب القوات العسكرية، لاسيما أن لديها أفضل مراكز تدريب في العالم ومجهزة بأفضل التجهيزات والمدربين».
ويرتبط الأردن والعراق باتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة وقعت خلال العام 2009، ولم تستكمل إجراءاتها الدستورية من قبل الجانب العراقي، كما تم توقيع اتفاقية في العام 2008 لتزويد الأردن بالنفط الخام بمعدل 10 آلاف برميل يومياً وتمّ تمديدها لثلاث سنوات تنتهي العام الحالي، بينما أشار العبادي إلى أن أنبوب الغاز المزمع إنشاؤه بين البلدين «يصبّ في مصلحة الطرفين»، وأن هناك «عملاً من الجانبين الأردني والعراقي له».
في غضون ذلك، جدد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال هاتفي مع رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، دعم واشنطن للإقليم في مواجهة «الإرهاب»، وأكد أن الأكراد «أمل العالم الحر وكل من يقف ضد الإرهاب»، وأعرب عن ارتياحه لإخراج الكونغرس حزبي «الديموقراطي الكردستاني» و»الاتحاد الوطني الكردستاني» من القائمة السوداء الأميركية رسمياً، بحسب بيان صدر عن رئاسة الإقليم، في وقت عقد المؤتمر العربي لمكافحة «الإرهاب والتطرف» في أربيل بحضور نائب رئيس الجمهورية لشؤون الأمن أسامة النجيفي وشخصيات سياسية أخرى والقيادي في ائتلاف «متحدون» رافع العيساوي الذي يُعَدّ من أبرز المعارضين للعملية السياسية في العراق.
وأكد النجيفي «عدم التنازل عن حقوق أهالي المحافظات الست» و»الانخداع بالوعود»، وأشار إلى أن تحويل المحافظات إلى أقاليم «أمر دستوري ولا غبار على قانونيته» ويجب أن يبحث بعيداً عن الاتهامات، واعتبر أن قوة «الحرس الوطني» ستمثل جميع «المكونات في أية محافظة عراقية وهو ليس قوة لطائفة أو قومية أو دين».
بدوره شدّد العيساوي وهو أحد قياديي «تحالف القوى الوطنية» عن تشكيل ثلاث لجان لمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر وبرنامجه، أبرزها لجنة النازحين، كما أوصى بعقد كل محافظة من «المحافظات السنية» مؤتمرها الخاص للانفتاح على المكونات فيها وبحث خصوصية كل واحدة منهن.
ولم يحظَ المؤتمر بإجماع جميع الأطراف المعنية، حيث رأت فيه بعض العشائر اجتماعاً سياسياً يهدف لخدمة حزب معين خسر شعبيته بعد احتلال «داعش» لمناطق نفوذه، وتمهيداً لتأسيس «إقليم سني».
ميدانياً، واصلت قوات البشمركة مدعومة بطيران «التحالف الدولي»، عمليتها العسكرية ضد تنظيم «داعش» في منطقة سنجار، وتمكنت من استعادة ثماني مناطق، تمهيداً لقطع خطوط الإمداد عن التنظيم كمقدمة لعملية عسكرية كبيرة على الموصل، بينما أكد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي أن الغارات الأميركية في العراق قتلت ثلاثة من كبار قادة تنظيم «داعش» خلال الأسابيع الماضية.
وذكر مصدر عسكري أن «قوات من الفرقة الذهبية والبشمركة وصلت إلى أسوار قاعدة الكسك العسكرية، التي تبعد 40 كيلومتراً غرب الموصل، والتي كانت تضمّ مقر الفرقة الثالثة للجيش ومقار أمنية عدة، بعد انسحاب عناصر تنظيم داعش منها عقب اشتباكات عنيفة بغطاء جوي لطيران التحالف الدولي». وتقع قاعدة الكسك العسكرية على مفترق طرق بين مدينة الموصل وقضاء تلعفر وسنجار وناحية ربيعة.
الصدر: نوافق على الحوار إذا كان علنيًا ولتشكيل حكومة بعيدة عن التبعية والتدخلات الخارجية
أعلن زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، عن موافقته على المشاركة في الحوار مع جميع الجهات في البلاد ولكن...