مَقَامَاتُ الجَسَدِ
من ديوان: يوماً ما سأُكمِلُ هذا النشيد
المقام
الأوَّل
في الأربعينَ مِنْ جَسَدِهَا
تَهِبُكَ المَرْأَةُ
على قَدْرِ ما تَسْتَفِزُّ فِتْنَتَهَا
كَحَكيمٍ يَمْلِكُ إجابَاتٍ دائمةٍ
فيُضلِّلُكَ بِصَمْتِهِ
ما دُمْتَ تُخْفِقُ في طَرْحِ الأسْئِلَةِ!!!
المقامُ
الثّاني
(1)
هُناكَ في الشَّارِعِ المُهْمَلِ
يشقُّ الغريبُ دَرْبَهُ
إلى رُكْنٍ مَهْجُورٍ
يَتَأبَّطُ ذراعَ الظَّلاَمِ
بِشُعَاعٍ مُتَرَدِّدٍ
حتّى ليَخَالَهُ من بعيدٍ شبيهَهُ
على استحياءٍ يُشيرُ إلى المَكَانِ
بأقواسِ ضوسٍ مُبَعْثَرَةٍ
ويغيبُ هنيهَةً
فيطلُّ برَأْسِهِ مُجدَّدًا
ليُثبِتَ بالدّليلِ الخاطئِ
صخبًا داخليًّا
هدَّأَ من وحشَتِهِ
فالطّريقُ مُقْفِرٌ من الذّكرى
والقلبُ ما عادَ يخفُقُ احتفاءً بالغريبَةِ
الكلُّ مدعوٌ هُنا
للرّقصِ فوقَ حبالِ الشّهوَةِ
والبهلوانُ البهلوانُ
منْ يُجيدُ الرّقصَ
فوقَ حافّةِ أعضائِهِ
دون أن يَشعرَ بالخطيئةِ
كانَ ليلاً جديدًا
فللجَسَدِ أيضًا دهْشَتُهُ الأولى
وهو يتفتَّحُ في العُريِ
مَسْلوبَ الذّاكرةِ
أو مُهشَّمًا بالرّغبةِ الصَّرْفَةِ
أَصْوَاتٌ قديمةٌ
اعتَلَتْ مئذَنَةَ الوَقْتِ
“لا تَزْنِ”
مُقْفِرَةٌ تلك الوصايا
تَنْقُشُهَا يدٌ مبتورةٌ
فوقَ لوحٍ مُبْهَمٍ ورتيبٍ
مَبْغىً يُديرُ ظَهْرَهُ
لكلِّ احتِمَالاتِ الخِسَارةِ
وَحْدُهَا الحياةُ تفي أكثرَ ممّا تعِدُ
إذْ ترسُمُ مواعيدَ للجَسَدِ
وتحتفي بالضَّلالِ
مَبْغًى يولي ظَهْرَهُ
لكلِّ احتمالاتِ الخسارةِ
وقوَّادٌ كَهْلٌ
يُروِّضُ ما تَبقّى من سنيِّهِ
عن شبابٍ ضائعٍ
يَزِنُ الجَمَالَ
بأنْصَافِ البَكَاراتِ
وهي تستعدُّ للدّخولِ في شيخوخَةِ الشَّبَقِ!!
مبغىً يُديرُ ظَهْرَهُ لكلِّ احتِمَالاتِ الخسارةِ
وسَقْفٌ قريبٌ
تلبَّدَتْ فيهِ غيومُ من دُخَانٍ
حتّى تخالَهُ سماءً تتأهَّبُ
لَتْجَثَمَ فوقَ صدْرِ الأرضِ
لولا نسوةٌ واقِفَاتٌ
وَدَدْنَ لو أنَّ قبطَانَ العُمرِ
يعودُ بهنَّ أدراجِهِنَّ
إلى شطآنِ الأنوثةِ
بُتْنَ في عقدهنَّ الرّابِعِ
أحوجَ ما يكنَّ
إلى مرايَا مُضاعَفَةٍ
غيرَ مَجْلُوَّةٍ
كي يَجِدْنَ التَّخمينَ
حينما تَخْذُلُهنَّ تجاعيدُ عشوائيّةٌ
كأيقوناتٍ اتَّخَّذّتْ شكْلَ جيدِهِنَّ
وَأَخَذَتْ في الاتّساعِ
أربعةٌ كُنَّ
سَمَرَاءُ تَجْدُلُ ضَفيرَتَهَا
بيدٍ شقيّةٍ
وتُروِّضُ النَّهدَ
ليَدْخُلَ حَلَبَةَ الحواسِّ
وشَقْرَاءُ
يُزَرْكِشُ ابتسامَتَهَا
صفٌّ مُنَضَّدٌ من أسنانٍ
مُمْعِنَةٍ في الصُّفْرَةِ
وأُخرَى تبدو لسُمْنَتِهَا
وقدْ دَخَلَتْ في عَقْدِهَا الجنسيِّ الأخيرِ
تَفْرِكُ نَهْدَيْهَا
بِعُنْفٍ ذكوريٍّ
لَكَأنَّهَا تُأنِّبُهُمَا عن تراجُعٍ مَلموسٍ في
الإغواءِ
وهي تُشيّعُ إليَّ نظَرَاتِ استعْطَافٍ
لكأنّي بِهَا تقولُ
أعِدْ إليَّ شيئًا من فتنتي الضَّالّةِ
ولكَ كلُّ ما تريدُ
وأُخْرَى
ترْقُصُ على وقعٍ موسيقيٍّ خافتٍ
تُدَاعِبُ شَعْرَهَا
وهي تَدْفَعُ برَأسِهَا
ذاتَ اليمينِ واليَسَارِ
فيَنْدَلِعُ مَوجٌ بينَ جنبَاتِهِ
يلطُمُ وَجْهَهَا
فتُطْلِقُ أنينًا كسولاً
سَرَى في دمي
مَسْرَى الفَجْرِ
في أَوْرِدَةِ النَّهَارِ
وفي رُكْنٍ غيرِ بعيدٍ
جَلَسْتُ أدسُّ في جوفي
كَأْسًا من النَّبيذِ المُعتَّقِ
وقد احتَشَدْنَ حولي
في عرضٍ مُمْتِعٍ
إحداهُنَّ رَاحَتْ تُدَاعِبُ شعريَ
بيدٍ تُجيدُ العزفَ
على أوتَارِ الحواسِّ
لحظاتٌ والتَصَقَت بفمي سرَّةٌ
لهَا شكلٌ دائريٌّ
مَعْقُوفٌ من دَاخِلِهِ
بشُحمَةٍ بيضاءَ مجلوَّةٍ
فرُحتُ أُقبِّلُهَا بحنوِّ طفلٍ
يَأْبَى أن يُفَارِقَ نَهْدَ أُمِّهِ
وأُخْرَى تَهْمِسُ في أُذني
“جميلٌ أن تواقِعَ جسدًا
يتَّخِذُ جميعَ الأشكالِ
كُلّما اشتدَّ عودُكَ
أعدْتَهُ طفلاً
يتهجّأُ أعضائي
عودًا على بَدءٍ”
وحدُهَا السَّمْرَاءُ
راوَدَتني عن صَمْتِهَا
بِلَمْحَةِ طَرْفٍ
قالَتْ كُلَّ ما لم تَقُلْهُ رفيقاتُهَا في الإغواءِ
لكأنّهَا وهي تُراودني عن نفسِهَا
قد أودَعَتْني
سرَّ الخليقَةِ في الخَيَارِ
لحظاتٌ
والسّراجُ يودِّعُ الضَّوءَ
فَيَلْقَاهُ على عَجَلٍ
وآخرُ باتَ لكَثْرَةِ شرودِهِ
شِبْهَ مُنْطَفئٍ
وصوتُ القوّادِ وقد ضَجِرَ من تردُّدي
وَجَدْتُ في السَّمْرَاءِ
انتقامًا مُتأخِّرًا
من لينٍ مَفْقُودَةٍ
فَأَوْمَأْتُ إليهَا
فَضَحِكَتْ كَمَنْ فَازَتْ بالرِّهَانِ
وقَالتْ :”اتبعْني على مَهَلٍ”
(2)
للعُريِ تقاسيمُ النَّارِ
لكنَّها لا تميتُ
مَبْغًى وَغُرَفٌ مُهْمَلَةٌ
وَأَعْقَابُ سنينْ
ووجوهُ أحياءَ أو مَوتَى
مُضْمَرَةٌ
في سَوَادِ فِرَاشِهَا الشّاحِبِ
وهوَ يَشْرَبُ رائحَةَ كلِّ من عَبَرُوا
هيذي تُعيدُ للمَكَانِ صَخْبَ الأجْسَادِ
وتَمْخُرُ عبابَ النَّشْوَةِ
أَبدًا تَحْفَظُ للغُربَاءِ
سجلاًّ ضائعًا
في صَفَحَاتِهَا البيضاءِ
بلونِ الإثْمِ الجميلِ
مَبغىً وَغُرَفٌ ضَيِّقَةٌ
كَأنَّهَا الجَسَدْ!!
وفاتنَةٌ جاهزةٌ لبُلوغِ الذّروَةِ
فلا تُطيقُ صبرًا
لتمارينَ وقتيّةٍ
في الهياجِ الطّفوليِّ
ونايٌ مُعتَّقٌ بوَجْدٍ قديمٍ
ترشَحُ الألحانُ عن حدودِهِ
فهلُمَّ يضبُطُهُ
فمٌ مجازيٌّ
لهُ شَكْلُ شَفَتَانِ مُسْدَلَتَانِ
بيدَيْهَا أَسْنَدَتْ جدارًا مُتْعَبًا
وَهَيّأَتْ مَحَارَتَهَا
لغزوٍ مُرْتَقَبٍ
وأَخَذَتْ تَخْتَلِسُ الصُّراخَ المجّانيَّ
من رتابَةِ أُغنيةٍ مُكرَّرَةٍ
حتَّى السَّأَمْ
رحلةٌ… رحلتَانِ
تقطَّعَتْ أَوْصَالُ الصَّمْتِ
والصُّراخُ عادَ أنينًا عَذْبًا
رحلةٌ … رحلتانِ
أَسْنَدَتْ جدارًا مُتْعَبًا
بيدٍ مُرتَجِفَةٍ
وبأُخْرَى راحتْ تُشارِكُ النَّايَ لُعْبَتَهُ
حتّى إذا ما اتَّحَدَ الجسدَانِ
في لحظَةِ افتراقٍ انتَظَرَتْهَا
أبَتْ أن يكُفَّ عَنهَا
وهي تستنشِقُ أوَّلَ عَهْدِهَا
بطفولةِ الأعضَاءِ
والشَّبَقِ الصَّرْفِ
(3)
واستراحَتْ بينَ يديهِ
سمراءُ عطشى تفلُّ من فيهِ
رحيقَ عُمرٍ مَضَى
وفوقَ صَدْرِهِ المُعشَوشِبِ
وعينيهِ المُطْفَأَتَيْنِ قالتْ:
أنَا المومسُ
حديثُ الأغرابِ في سرِّهِم
الصُّورةُ المُحبَّبَةُ لهم
وهم لا يجرُؤونَ على التَّحديقِ بِهَا
في مرايَا ذواتِهِمْ
أنا المومسُ والمأجورةُ
جسدي ناموسُ العُهْرِ
وما بينَ محارتي
المَشْحوذَةِ بسكّينِ الخَطايا
ذكورَةٌ تُريقُ لُعابَهَا
على حافّةِ جسدي
ثمَّ ترمُقُني بعينٍ قذِرَةٍ
لكأنَّهَا وهيَ تكيلُ ليَ الصّفاتِ
تغسُلُ نفسَهَا ممّا أَصَابَهَا
كلانا يُروِّضُ الأجسادَ
عن صرخَةٍ طائشةٍ
وما الفارقُ إلاّ أنّني أعودُ
حينمَا يُغلِقُ اللّيلُ أبوابَهُ
لأقصَّ على الشَّمسِ حكاياتي
عن مجاذيبَ وسُكَّرٍ
حاكوا في الظُّلمَةِ
قُمْصَانَ رَغباتِهِمْ
وفي الفجرِ عادوا ببراءةِ طفلٍ
وطهارةِ قدّيسٍ
أنا المومسُ
لا أُسْلِمُ نفسي إلاّ لنفسي
فذلكم جسدي
تقاسموا فتنَتَهُ ما استطعْتُمْ
والعريُ احتجابٌ
نهدٌ خائرُ النَّشوةِ
ومحارةٌ رتيبةٌ
ادخلوا دارةَ جسدي
آمنينَ
ولكُمْ من صُراخي ما شئتُمْ
لترتقوا فحولَتَكُمْ
ادخلوا دارةَ جسدي
آمنينَ
وافترشوا سريرَ عفّتي
ما شئتُمْ
واركلوا عجيزتي
كما تركلون حمارًا حردًا
واعتصروا نهديَّ
بما أُوتيتُمْ من نَزَقٍ
أو دُكُّوا قلاعيَ الأخيرةَ
برماحٍ شرسَةٍ
واهنأوا بنشوةٍ مُضاعَفَةٍ
وعودوا ظافرينَ
بغيرِ ما أنوثتي
فاتحينَ غيرَ ما مُدُني
فأنا مومسٌ لا تُسْلِمُ نفسَهَا إلاّ لنفْسِهَا
ولا تهبْ أحدًا مُفتاحَ رَغْبَةٍ
أودعتْهَا كفُّ السّنينِ
هُناكَ
في غابَةِ جسدٍ مُضاءٍ
فالويلُ لمن ينبُشُ في تُرْبَتِهَا
بحثًا عن كنزٍ مفقودٍ
فقد ضلَّ مرَّتيْنِ
أنا المومسُ
لكثرةِ ما فَاضَتْ روحي
وهي تتجوّلُ في سماءاتٍ مُبهَمَةٍ
باتت تتَّسِعُ لأكثر من جسدْ
أنا المومسُ
أبيعُ جسدًا خاسرًا
واللّيلُ متجري
فأيُّها السّراةُ
خفّفوا الوطءَ قليلاً
فلا تُفسدوا عليَّ ظلّي
وإنْ شئتُمْ أَفْسِدوهُ
فكم ضلَّ من ظنَّ
أنَّ دمَ المسيحِ على الصّليبِ
قد سالَ من جَسَدِهِ
وخابْ
(4)
القصيدةُ أصدَقُ انباءً من الجَسَدِ صغيري
أنا تاجٌ نورانيٌّ
يُزيِّنُ رأسَكَ
في مملكةِ الخلودِ
أنا نبْضُ النَّصِّ
وخَفْقُ القوافي
والدَّمُ النّاصِعُ يجري
في أوردةِ المجازِ
كُلّي ينضَحُ إلاّ بي
الجسدُ لغةٌ لا يُتْقِنُهَا إلاّ الفانونَ
فصدِّقْ ما فاضَ منّي في خيالِكَ
ولا تُصدِّقْ جسدي
_ لِمَ تهجَّأَ فتنَتَكِ إذن
عابرٌ أحمقُ؟
_ لأجْعَلَ نصَّكَ أعمقَ
(5)
لطالما ساءلتُني
أن تعشقَ امرأةً
تُدلي باعترافٍ جسديٍّ
لأوَّلِ مُنقِّبٍ
في تفاصيلِ عُريِهَا
عن آثارٍ لشهوَتِهِ
حماقةٌ أم نبؤةٌ؟؟
والآنَ أُسائلُني
أن تعشقَ امرأةً
تُمْسِكُ كتابَ الجَسَدِ بيمينهَا
وقصيدتي بيسارِهَا
قدّيسةٌ أم عاهرهْ؟؟؟
المقام
الثّالث
(1)
فجرٌ ينهَضُ
بعدَ سباتِ اللّيلِ
يختَصِرُ الجّهاتِ
ويَصْعَدُ رويدًا رويدًا
أدراجَ السّماءِ
فجرٌ ينهَضُ
بعدَ سباتِ اللّيلِ
والنّومُ ثقيلٌ
ببساطةِ مؤمِنٍ
يدلِفُ شيخٌ
إلى غُرفَةٍ متوَّجَةٍ
بآياتٍ محفورةٍ فوقَ رخامٍ عتيقٍ
تتنَاهشُها الصُّفْرَةُ
وأضراسُ الغُبَارِ
حتّى لتخالَهَا أَشْبَاحًا من كلمَاتٍ
فكم من بَسْمَلَةٍ سيُنْجِزُ
ليستحقَّ رضى الملكَيْنِ
فالصَّلواتُ كثيرةٌ
والذّاكرةُ مُعدَّةٌ للنّسيانِ
فاشحذا قلمَكُمَا ما استطعْتُمَا
وليكُنِ الكتابُ
دليلاً صحيحًا
السَّيّئةُ واحدةٌ
والحَسَنَةُ بسبعينَ
الشُّعاعُ يُداعِبُ بطَيْفِهِ
زجاجَ النّوافذِ المُغْلَقَةِ
والظّلالُ مموَّهَةٌ
إذنْ ليتدفَّقْ سيلُ الضَّوءِ
شفيفًا كوجهِ الرّحمانِ
(2)
هيذي تُنظِّفُ شهوتَهَا
بعدَ ليلٍ بغيٍّ
وأعضاءَ طافحَةٍ بغرقاهَا
إبَّانَ اندلاعِ الحواسِّ
في فوضى الأجسادِ
رَحْمَتُكَ أيُّهَا الماءُ
وأنتَ تنسابُ رقيقًا
تستَكْشِفُ بالنّقاءِ المحضِ
تقاسيمَ هلاميَّةً
ما وراءَ العُريِ
بصفاءِ الشَّبَقِ
وهو يُنكِرُ كُلَّ لونٍ
ويلْبَسُ شكلَ تدفّقِهِ
(3)
أعوذُ بي مّما أرى
وأستغفرُكَ اللَّهُمَّ ثلاثًا
كيفَ لا وقد بَطُلَ الوضوءُ
وعمّا قليلٍ
ستنقضي صلاةُ الصُّبْحِ
أوّاهُ أعوذُ بي ربّي
من سلطانِ ما أرى
لكن ما بالُ الخطوَ قد تثاقَلَ
فالقلبُ مُشْتَعِلٌ
والرّؤى تدفَعُ الرّؤى
فلا تمّحي…
تُراهَا أصواتُ شيطانٍ رجيمٍ؟
إن تَكُنْ فعصيٌّ عليهَا أن تمتَحِنَ إيماني
هو رِجْسٌ أُبْعِدُهُ
فلأعدَّ للصّلاةِ ما استطَعْتُ
من صفاءِ السَّريرَةِ
ولأدفعْ عنّي نزقَ الخيالِ
وحدُهُ الوضوءُ
يُضيءُ القلبَ
لكن عجبًا ما للماءِ
يؤجِّجُ فيَّ
شهوةً مُضمرةً
ترسَّبَتْ في قاعِ السّنين
تفلاً منسيًّا
أللماءِ حكمةٌ مزدوجةٌ ربّاهُ؟؟
وهي تَغْسِلُ القلوبَ
وتُزيِّنُ الفتنةَ
بإغواءٍ مُضاعَفٍ؟؟
وما ليديَّ
لا تقويانِ على أن تردَّا الضّوءَ ظلالاً؟؟
وما للعينِ
لا تَبْرَحُ صورةً مُعلَّقةً هناكَ
فوق تجاويفَ صدئةٍ
لا تُحرِّكُ ساكنًا؟؟
دوارٌ عنيفٌ
يَعْصِفُ بي
أنا الموزَّعُ الآنَ
بينَ لعناتٍ مؤودَةٍ
وصهيلِ الرَّغباتِ
تهتفُ بي
“لا تتركْ الحصانَ وحيدًا”
ربّاهُ
هل حقًّا
السّيّئةُ واحدةٌ
والحسنةُ بسبعينَ؟؟
فما ضرَّ الملكانِ
لو استراحا قليلاً
فالفجرُ قد يتَّسِعُ لأكثر من صلاة!!!
أعوذُ بي من شيطانِ ما أقولُ
لكن كيفَ لي ان أؤدّيَ الصّلاةَ
والذّاكرةُ حبلى بتوأمِ عريٍ
حيث الدَّمُ كورسٌ
يحتشدُ كالسَّيلِ
على بوّابَةِ هذا الغناءِ
والأورادُ طبولٌ منتفخَةٌ
والكفُّ كمنجَةٌ سحريّةٌ
تروِّضُ اللّحنَ
عن صَخْبٍ مُرْتَقَبٍ
والأنفاسُ تقاطيعُ صوتيَّةٌ
لإيقاعٍ مُرتَجَعٍ
يخفُتُ فلا يَضْمَحِلُّ
أعوذُ بي من شيطانِ ما أقولُ
لكنَّ للقلبِ قدرتَهُ على الاحتمالِ
فلأطوِ من فوري صفحَاتِ هذا الفجرِ
وأغطُّ في نومٍ مُرتَجى
أوّاهُ
ما للخطوِ يتثاقَلُ
ومنازلُ الجسدِ المهجورةِ
تستعدُّ لاستقبالِ الضّيوفِ
أعودُ بي من شيطانِ ما أقولُ…
(4)
ليلٌ
يَتَنَازَعُهُ صَوْتَانِ
حتّى إذا اكتملَ مشهَدُ الصّباحِ
كان الشّيخُ مستلقيًا فوق أريكةٍ معدَّةٍ للتّلاوَةِ
يُكمِلُ حُلمًا
امتدَّ أكثرَ من عمرٍ
ولم ينقضِ….
للتواصل مع الكاتب عبر الفايسبوك: https://www.facebook.com/bassel.b.elzein