شهادات
للبيع بأسعار مدروسة للجادين فقط!!!!!
مرّت
أربعة عشر عاما على دراستي الجامعية، ولما تزل…
أربعة
عشر عاما لم أمل ولم أكل من التحصيل العلمي، ليقيني بأن العلم لا حد له ولا حصر،
وأن التحصيل الثقافي جزء لا يتجزأ من هوية الإنسان، بخاصة إذا اقترن بمهنة سامية
وراقية، وأعني تحديدا مهنة التعليم.
عشرة
أعوام مرت على ممارستي مهنة التعليم…
عشرة
أعوام كانت كفيلة لتقلب لدي جملة من المفاهيم الطوباوية القبلية التي لا تغني من
جوع ولا تروي عطشا.
عشرة
أعوام، كنت أسعى جلهدا خلالها إلى بذل كل جهد ممكن من أجل التطوير الذاتي، إلى
جانب التحصيل العلمي، ليقيني بأن مهمة التعليم تتوقف عن لعب دورها الريادي حالما
يتوقف المعلم عن تطوير أدائه ومهاراته ليغدو كشرطي السير يمرر الجميع ويبقى قابعا
مكانه.
لكن،
مرة أخرى يعكس الواقع حقيقة مرة تجعلك ترتد على أعقابك…
لقد
طالعتني جملة وقائع صادمة أصوغها باختصار:
?-
تحول عمل المعلم من مبدع صفي إلى موظف إداري، على اعتبار أن مستجدات العصر الحالي
التكنولوجي وما لف لفه، فرضت على المعلم جملة وظائف ثانوية في ظاهرها، لكنها في
العمق وظائف ادارية مست صميم عمله التعليمي وأتت على دوره التقدمي والطلائعي.
?-
تحول القسم الأكبر من المعلمين إلى موظفين خاملين يوظفون ما سبق لهم اكتسابه من
جملة معلومات قاصرة على امتداد اعوامهم الجامعية، ويعيدون اجترارها عاما تلو عام،
دون أن يخطوا خطوة واحدة باتجاه اختلاف المنظور وتوسيع آفاق البحث وسبل التدريس.
?-
غرق معظم مدراء المدارس في تقنية البعد المالي، حتى أتى توجههم على الحوافز
المتبقية لدى معليهم، إذ لطالما صرح بعضهم بأن ما يحتاجونه بالضبط من معلميهم هي
جملة المعلومات المتعلقة بالإجازة الجامعية، دون البحث عن جودة الأداء ، والتطوير
المستمر، والارتقاء الدائم في سلم تحصيل الدراسات العليا أو التحصيل الذاتوي.
لقد
غدا مجتمع المعلمين فرصة لمناقشة قضايا غاية في التفاهة والعقم، ولا أغالي إذا قلت
بأن آخر كتاب قرأه بعض المعلمين، إن لم يكن جلهم يعود إلى عهد الدراسات الجامعية،
والكراريس المقتضبة وما أدراك ما الكراريس المقتضبة.
مما
تقدم، ألفيتني وجها لوجه أمام شهاداتي الجامعية المتنوعة والمتعددة كما يلفى عدو
أمام عدوه، ولهذه الغاية قررت أن أنعم أفق النظر المعرفي بعيدا عن كل شكل رسمي
للدراسة، وأن أطرح شهاداتي للبيع كي لا أشعر بالعار مضاعفا وأنا أقف وجها لوجه
أمام أساتذة يحملون إجازتي عينها لكنهم يفتقرون إلى كل مقومات التعليم والتطوير
والأداء الفهمي الطلائعي الذي أمسى ضربا من ذكريات الماضي الجميل…
أستاذ باسل بديع الزين – صدى العرب
للتواصل مع الكاتب عبر الفايسبوك: https://www.facebook.com/bassel.elzein?fref=ts&ref=br_tf