لا يمكن وصف ملف العسكريين المخطوفين بالمنعزل عن يوميات الساحة الداخلية المنشغلة بالمقاربات الديبلوماسية الاميركية والاوروبية للملف الرئاسي، لان البند الاول المطروح على طاولة مجلس الوزراء كما لدى كافة مرجعيات قوى 8 و14 آذار يتركز في كيفية تحرير العسكريين من الجهات الارهابية على حدّ قول مصادر نيابية وسطية، التي تختطفهم منذ خمسة اشهر، نظراً للارتدادات الخطيرة التي ستكون لهذه القضية فيما لو بقي الارباك السمة الاساسية للتعاطي معها والذي ادى الى تجميد اي وساطات او مفاوضات على انواعها مع الخاطفين وتطيير او انسحاب كل الجهات الخارجية السورية والقطرية والتركية التي شاركت في مرحلة معينة، ولاهداف خاصة بها، في عملية التواصل مع جبهة «النصرة» وتنظيم «داعش» في منطقة القلمون.
وفي انتظار ظهور مؤشرات جديدة على حراك وزاري وامني سبق وان دعا اليه الرئيس نبيه بري، توقفت المصادر الوسطية، ان تتبلور قريبا صيغة جديدة للتفاوض مع الخاطفين، ولكن وفق معايير مختلفة بالكامل عن الاسلوب الذي ادارت فيه خلية الازمة الوزارية هذا الملف المعقد والشائك. وكشفت المصادر ان واقع الارباك والتخبط الواضح للجميع في التعاطي الرسمي مع خطف العسكريين، ساهم في استغلال الجهات الخاطفة لنقاط الضعف الناجمة عن الانقسام الحكومي والسياسي وادى الى استضعاف الدور والى زيادة حجم الضغط من خلال الشارع عبر ابتزاز اهالي وعائلات الجنود المخطوفين من جهة وعبر تنفيذ جرائم الاعدام لاستدراج ردات فعل طائفية ومذهبية من جهة اخرى. وبالتالي فان استمرار هذا التخبط مرشح لان يفاقم معاناة المخطوفين واطالة فترة خطفهم لدى الارهابيين كما لابقاء القضية برمتها مكشوفة وعرضة للسجالات والتجاذبات كما التوظيفات السياسية من قبل اكثر من طرف فاعل على الساحة الداخلية كما على الساحة الاقليمية.
واذ اشارت المصادر النيابية الى ان قضية المخطوفين باتت على مشارف منعطف جديد، اعتبرت ان نتائج المشاورات التي سيجريها النائب وليد جنبلاط مع القوى السياسية المشاركة في الحكومة، ستحدد طبيعة المقاربة المقبلة لهذا الملف. واضافت ان السلطة الرسمية غير موحدة في مواقفها ازاء كيفية التفاوض، وهذا الانقسام دفع نحو الاتهامات المتبادلة بالاساءة الى الملف حيناً كما برمي المسؤولية على الاعلام احياناً، علماً ان التسريبات الاعلامية تأتي من داخل الحكومة وتهدف الى عرقلة اي جهد مبذول لاقفال هذا الملف عبر التشويش عليه.
اما حول الاسباب التي دفعت اهالي العسكريين المخطوفين الى التوجه نحو قنوات سياسية جديدة فهي رغبتهم في ان يتولى الملف طرف سياسي لا يبحث عن اية مكاسب ولا اولوية لديه سوى حماية الاستقرار الداخلي وحماية الجيش والمؤسسات العسكرية، وبالتالي يملك القدرة على توظيف كل امكاناته وعلاقاته مع الاطراف الاخرى والحديث بصراحة وبلغة واحدة امام الاهالي كما امام المسؤولين وذلك لتحقيق المصلحة العامة وعدم ترك القضية عرضة للتجاذبات والانقسامات. واشارت المصادر نفسها الى ان المشكلة الاساسية اليوم تكمن في غياب الموقف الحكومي الموحد سواء من مسألة تكليف «هيئة العلماء المسلمين» التفاوض مع الجهات الخاطفة او من قرار فتح قنوات اتصال وتفاوض جديدة وبحث في الاثمان المفروضة لتحقيق المقايضة وهو الاسلوب الذي اتبعته كافة الحكومات في الدول التي عانت من عمليات الخطف الارهابية. واكدت ان التفاوض كما دفع الثمن المطلوب ليس ضعفاً او انتقاصاً من هيبة السلطة بل ان ما يضعف الدولة هو صورتها المهتزة امام الخاطفين كما امام الرأي العام معتبرة ان المواجهة تقتضي بلورة صيغة جديدة للتفاوض من خلال ادارة جدية حازمة وقادرة على اتخاذ القرار الملائم والحاسم لاقفال هذا الملف بعيداً عن حال التخبط الراهنة. وخلصت الى ان القرار النهائي يبقى داخل الحكومة وهي التي تقف امام تحدي تشكيل هيئة جديدة للتفاوض مع الخاطفين تأخذ في الاعتبار وتستغل كل اوراق القوة لدى الاجهزة الامنية.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...