مع إعلان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي الثلاثاء عن تدمير طائرتين من أصل ثلاث طائرات استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في حلب، ثارت مجددا على مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات حول خطورة التهديد الجوي الذي يمثله التنظيم.
وقال الزعبي إن داعش استولى على ثلاث طائرات قديمة من مطار الجراح العسكري في محافظة حلب شمال سورية، وطار بها عناصر من التنظيم، إلا أن مقاتلات سورية أغارت فورا على مدرج المطار ودمرت طائرتين، فيما خبأ التنظيم الطائرة الثالثة.
تصريحات الزعبي هي التأكيد الرسمي الأول من نوعه لما سبق وأن أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكان المرصد قد نقل عن شهود عيان في حلب قولهم إنهم شاهدوا “طائرة واحدة على الأقل تحلق على علو منخفض في أجواء المنطقة بعد إقلاعها من مطار الجراح العسكري”.
طلعة استمرت 10 دقائق
الناشط السوري موسى العمر نشر، بدوره، فيديو على حسابه على يوتيوب يوم السبت 18 تشرين الأول/أكتوبر تظهر فيه طائرة تحط على مدرج.
وقال العمر إن الطائرة الظاهرة في الفيديو هي طائرة ميغ استولى عليها داعش. وكتب على يوتيوب أن الطائرة حلقت على علو منخفض يوم الجمعة (17 تشرين الأول) في “ثلاث طلعات تدريبية قبيل المغرب قرب مطار الجراح المعروف بكشيش الذي يبعد 70 كلم شرق حلب”.
أما مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن فقال السبت الماضي إن عناصر في داعش يتلقون تدريبات على الطيران من طيارين كانوا يخدمون في الجيش العراقي قبل 2003.
وتوقع عبدالرحمن أن تكون الطائرات التي استولى عليها داعش إما طائرات ميغ 21 أو ميغ 23.
ومهما كان طراز الطائرات، فهي لم تتجاوز الدقائق العشر في الطلعة الواحدة، وظلت تحلق على ارتفاع منخفض خشية أن ترصدها الرادارات التابعة للجيش السوري.
وقال عبدالرحمن إنه من غير الواضح إذا كانت الطائرات تحمل أي أسلحة هجومية.
ولم تؤكد واشنطن ولم تنف استيلاء داعش على طائرات. وقال قائد المنطقة الوسطى للقوات الأميركية الجنرال لويد أوستن الجمعة إن لا علم لدى البنتاغون بامتلاك داعش لطائرات أو حول انشقاق طيارين وانضمامهم لداعش.
طائرات من دون طيار
وكان التنظيم قد نشر سابقا صورا لمقاتليه وهم واقفون بجانب طائرات حربية ومقطع فيديو واحدا على الأقل تظهر فيها طائرة ميغ سورية مخزنة في حظيرة بمطار غير محدد.
وفي آب، نشر التنظيم مقطع فيديو آخر على يوتيوب تظهر فيه صور جوية لمطار الطبقة العسكري السوري، وقال إن طائرة مسيرة (من دون طيار) تابعة له التقطت تلك الصور.
ويسيطر داعش على عدة مطارات في سورية، منها مطار الجراح بمحافظة حلب، ومطار الطبقة العسكري في الرقة، ويقاتل للسيطرة على مطار دير الزور العسكري، طمعا في الاستيلاء على طائرات ومروحيات مخزنة هناك.
ويقول موقع “دايلي بيست” الأميركي إن داعش يملك أيضا طائرات “آيرو إل-39 ألباتروس”، التي تستخدم عادة لأغراض التدريب. وهي من إنتاج الدولة المتفككة التي كانت تعرف بـ “تشيكوسلوفاكيا” ويعود تصميمها إلى فترة الستينيات.
خطر على طياريها
يمتلك داعش، إذن، طائرة ميغ وعددا غير محدد من الطائرات المسيرة، ويسيطر على عدة مطارات عسكرية في سورية. ويظهر من دعاية التنظيم أن عددا من أعضائه يستطيعون قيادة الطائرات، فهل يعني هذا أن التنظيم سينقل هجماته الإرهابية إلى سماء سورية والعراق؟
يؤكد خبراء في حقل الحرب الجوية أن ذلك الخطر مستبعد، مشيرين إلى العقبات التالية على طريق امتلاك داعش لقوة جوية:
1- عدم توفر مجال جوي آمن لإقلاع الطائرات. خاصة أن سورية تمتلك نظام رادار متقدم نسبيا تقول مجلة الأمن والدفاع العربي إن إيران زودتها به منذ 2009، وإنه مستنسخ عن نظام صيني.
تجدر الإشارة إلى أن المرصد السوري قدر فترة التحليق لطائرة ميغ في حلب بـ10 دقائق وبمستوى منخفض. ورغم ذلك، قال وزير الإعلام السوري إنه كان بمقدور الطائرات السورية أن تتحرك فورا وتضرب مدرج المطار.
وإذا تجاوزت طائرة لداعش هذه الحلقات، فلن تتجاوز “قائمة الأهداف الحساسة” للقيادة المركزية الأميركية. وهذا يعني أنه سيتم استهداف الطائرة بشكل أوتوماتيكي، وبحد أدنى من التنسيق، حالما يتم التأكد من الهدف.
2- الطائرات التي يملكها التنظيم قديمة، تحتاج صيانة، ولا تتوفر لها قطع غيار، وفق طيارين سوريين منشقين.
3- طائرة ميغ 21 مصممة للاشتباك مع طائرة أخرى، وحمولتها التسليحية قليلة، وهذا يعني أن استخدامها في الهجوم على أهداف برية غير فعال.
ميغ 23 سورية كانت قد هبطت في إسرائيل عام 1989ميغ 23 سورية كانت قد هبطت في إسرائيل عام 1989
4- طائرة ميغ 23 أكبر وأكثر تعقيدا لكنها تحتاج طيارا محترفا ليقودها بأمان. والطيارون السابقون في جيش صدام حسين لم يقودوا طائرات منذ سنوات طويلة وهذا يجعلهم غير قادرين على القيادة بشكل جيد فضلا عن تدريب طيارين آخرين.
ونقل موقع “ديلي بيست” عن مصدر لم يسمه في سلاح الجو الأميركي قوله إن هؤلاء الطيارين يشكلون خطرا على أنفسهم أكثر من الخطر الذي يشكلونه على الآخرين، فاحتمال مقتلهم في حادث هو احتمال عال جدا.
وكذلك فإن تدريب طيارين جدد يستغرق أشهرا، ولربما سنوات، قبل أن يتمكن هؤلاء من قيادة الطائرات بطريقة احترافية.
ويقول “ديلي بيست” إن الطيارين الجدد لو تدربوا على طائرات “آيرو إل-39 ألباتروس” فستكون قيادة “ميغ 21” نقلة كبيرة أما قيادة “ميغ 23” فنقلة عملاقة تستلزم تدريبا فعليا يستغرق وقتا طويلا.
5- صحيح أن داعش تسيطر على مطارات، لكن مدرجاتها يمكن تدميرها بسهولة. خاصة أن في سورية 91 مطارا منها 29 بمدرجات ممهدة، وفق كتاب “حقائق العالم” الذي تصدره وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.