جدد مجلس الوزراء اللبناني دعمه للجيش في مواجهة المسلحين السوريين الذين اكملوا
انسحابهم من بلدة عرسال امس.
وشارك قائد الجيش العماد جان قهوجي في الجلسة مع اللواء ابراهيم بصبوص المدير
العام لقوى الامن الداخلي وغيرهما من قادة الامن، وبدا قهوجي مرتاحا تماما لسير
الامور في عرسال، وقال قبل دخوله قاعة المجلس: وضعنا جيد جدا على الارض، وستسمعون
الاخبار الطيبة قريبا.
قهوجي ابلغ مجلس الوزراء بان المسلحين السوريين اكملوا الانسحاب من عرسال عند
الثالثة فجرا، وقد نقلوا العسكريين الاسرى معهم.
ولاحقا، وصلت بعثة من هيئة علماء المسلمين الى عرسال واعلن امين سر الهيئة الشيخ
حسام الغالي ان جميع الاطراف التزمت بالاتفاقات، المسلحون انسحبوا، والبلدة شبه
خالية منهم، والجيش التزم بما تعهد به، ونحن نشكر الجيش وقيادته واهالي عرسال
والنازحين في عرسال، وتوقع عودة الامن الداخلي الى البلدة بعد استكمال الاجراءات،
مشيرا الى اخراج 42 جريحا مدنيا لبنانيا وسوريا من البلدة الى المستشفيات التي تم
تزويدها بالادوية والامصال، كما امكن توزيع بعض الخبز على الاهالي المتلهفين
للرغيف.
وسئل عن مصير العسكريين الذين اخذهم المسلحون معهم، قال ان المسألة قيد
المراجعة، وعن جرحى المسلحين قال: لقد اخذوهم معهم.
واشار الشيخ الغالي الى تحرير سبعة عناصر من قوى الامن كانوا مختبئين في احد
المنازل، وقال ردا على سؤال ان قادة المسلحين اعترفوا بان ما حصل في عرسال كان خطأ
كبيرا، وان المجموعة التي تولت الامر اعترفت بالخطأ.
وعن امن النازحين السوريين، قال: نحن ملتزمون بأمنهم.
وكان وفد هيئة العلماء التقى العميد شامل روكز قائد فوج المغاوير في عرسال قبل
بدء تحرك الوفد في البلدة.
هذه التطورات الميدانية انعكست ايجابا على جلسة مجلس الوزراء، وافسحت المجال
للتوسع في الحديث عن رئاسة الجمهورية ووجوب سد فراغها وامكانية حصول ذلك في الجلسة
الحادية عشرة المقررة يوم 12 الجاري.
والمؤكد في ضوء هذه التطورات ان رئاسة الجمهورية بدأت تقترب من العماد جان قهوجي
انسجاما مع متطلبات المرحلة اللبنانية الراهنة في ضوء المعالجة المدروسة والناجحة
للوضع في عرسال.
وقال وزير الاتصالات بطرس حرب قبل الجلسة ان الخروج من الوضع الحالي يتطلب
انتخاب رئيس جديد.
ويذكر ان النائب وليد جنبلاط حاول خلال لقائه الاخير مع العماد ميشال عون اقناعه
بالمشاركة في اختيار رئيس توافقي، بعد تمهيدات سياسية واسعة، وقد علمت «الأنباء» ان
عون رد بما يشبه الاستغراب ان يطلب منه تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية فيما هو اقوى
المرشحين المؤهلين لهذا الموقع.
وزير العدل اشرف ريفي شبه العمل الجاري لانهاء محنة عرسال كمن يعمل على تفكيك
الالغام، وقال: كان المتوقع اطلاق ستة عسكريين من اسرى الجيش الا ان امورا معينة
حصلت وادت الى تعقيد المفاوضات التي تقودها هيئة العلماء في هذا الشأن.
الشيخ صبحي الطفيلي، الامين العام السابق لحزب الله، رأى ان ما حصل في عرسال كان
متوقعا منذ زمن، وهناك جهات في لبنان غرقت في المستنقع السوري وتريد زج لبنان فيه.
واشار لاذاعة «لبنان الحر» الى ان هذا الامر يجعلنا امام احتمال زج الجيش
اللبناني في أتون هذه المعركة، وقد هنأ الجيش على حكمته ووعيه، لأن الدخول في هذا
المستنقع ولو من عرسال خطر جدا.
وقال الطفيلي: علينا العمل للهروب من هذا الامر، وسأل: لماذا في «يبرود» تدفع
للمسلحين اموال طائلة لينسحبوا وفي عرسال نريد معركة مهما كان؟
واكد الطفيلي ان من ذهب الى سورية اتى بالحرب الى لبنان، وقال: الآن ماذا ينفع
الندم، ودعا من دخل سورية الى العودة منها مع الاعتذار من اللبنانيين والسوريين
وليس هناك من خيار امامه، والا فلبنان ذاهب الى الهلاك.
في هذا الوقت، باشر الرئيس الحريري اتصالاته مع الرئيس تمام سلام ووزير الدفاع
سمير مقبل والداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد قهوجي للشروع توا بتحديد
احتياجات الجيش والقوى الامنية.
وكان الحريري اعلن في مؤتمر صحافي عقده في جدة وبث تلفزيونيا على جميع القنوات
اللبنانية ان حزب الله لم يشارك في القتال في عرسال، لكنه مسؤول عما حصل.
وقال ان ما حصل ويحصل في لبنان لعنة نزلت على لبنان من المستحيل على الكبار
والشرفاء في امتنا الوقوف منها موقف المتفرج.
وقال ان الارهاب سرطان يهدد وجود لبنان والمنطقة كلها بانتشار الفوضى والفتن.
واضاف: ان لبنان يواجه هجمة ارهابية غير مسبوقة عملت على خطف بلدة عرسال واسر
اهلها ومهاجمة المراكز العسكرية والامنية المتواجدة فيها، وقد استحال على الكبار
والشرفاء في امتنا الوقوف متفرجين على ما يحدث، وقد جاءت المكرمة السعودية الجديدة
في اطار مواجهة ذلك.
بدوره، قال النائب وليد جنبلاط معلقا على الهبة السعودية الجديدة للجيش بالقول:
السعودية اثبتت انحيازها لاستقرار لبنان.
من
أجواء الحدث
? اتهامات وصدامات بين داعش والنصرة في عرسال: حصل صدام مسلح بين الفصائل في
عرسال على خلفية انسحاب «جبهة النصرة» من الأماكن التي كانت سيطرت عليها وسط
البلدة.
وقد تركت فصائل «جبهة النصرة» أرض المعركة وسط البلدة في اتجاه أطراف عرسال على
وقع تبادل التهم بالخيانة. فمسلحو «النصرة» يفاوضون وفد «هيئة العلماء المسلمين»
ويبدون استعدادهم للانسحاب الى الجرود، بينما يرفض مسلحو «داعش» الانسحاب قبل إطلاق
الموقوف السوري عماد جمعة.
وذكر أحد الوزراء أن قيادة المجموعات المسلحة في داخل عرسال انتقلت من تركيبة
«داعش» التي كان يديرها الموقوف عماد جمعة الى قيادة «النصرة» بإمرة «أبومالك»
وفريق من معاونيه السوريين، وهم أبلغوا الوسطاء من «هيئة العلماء المسلمين» أنهم لم
يريدوا يوما القيام بأي عمل عسكري خارج الأراضي السورية، خصوصا على الأراضي
اللبنانية، واتهموا جمعة بالتآمر عليهم في هذا التوجه.
وأضافوا أن هناك مجموعات سورية ترفض الانسحاب من عرسال، وأن مهمتهم إنهاء هذه
الاعتراضات الداخلية بالقوة إن لم تستو الأمور بالحسنى، وتعهدوا بتأمين الإفراج عن
العسكريين المخطوفين جميعا من دون أي استثناء تزامنا مع الانسحاب منها.
? انسحاب المسلحين إلى الجرد: انسحب عدد من المسلحين السوريين المتواجدين في
عرسال بعدما ترك الجيش اللبناني منفذا من جهة تلة الحصن الواقعة شرق عرسال، باتجاه
الجبال المؤدية إلى الحدود السورية، بعدما أحكم سيطرته على كامل النقاط العسكرية
التي فرضها.
وأوضحت مصادر ميدانية أن الجيش يبسط سيطرته على كامل التلال
المشرفة على البلدة من جهة الغرب، وعلى تلة السرج التي تمتد من حاجز المصيدة (شمال
شرقي عرسال) حتى وادي الرعيان الواقع جنوب غربي البلدة، مشيرة إلى أن الجيش أحكم
سيطرته أيضا على حاجز وادي حميد، كما بات يسيطر بالنار على الطريق في الوادي المؤدي
إلى الحدود السورية.
? نزوح معاكس من عرسال إلى القلمون: أكدت مصادر أنه إضافة الى خروج المسلحين
باتجاه المعبر المؤدي الى فليطا في سورية، «بدأ مساء 2500 سوري، بعضهم من المسيحيين
السوريين النازحين في عرسال، بالخروج الى سورية عبر منطقة ثنية رأس بعلبك، ترافقهم
بعض العائلات اللبنانية في عرسال»، مؤكدة أنهم «عبروا طريقا ترابيا فتحه الجيش
اللبناني بالتعاون مع راهبات جبولي في لبنان وراهبات دير عطية في سورية لإخراجهم
الى عرسال».
وأوضحت أن هؤلاء عبروا الى منطقة جوسيه السورية، قبل انتقالهم الى دير عطية
وقارة في القلمون بريف دمشق الشمالي، والتي تسيطر عليها القوات الحكومية السورية.
? 2000 مسلح شاركوا في معارك عرسال: تفيد المعطيات الميدانية بأن عدد المسلحين
الذين احتلوا عرسال يبلغ قرابة 2000 عنصر، توزعوا على 10 مجموعات، مع أرجحية عددية
لـ «جبهة النصرة» تليها «داعش»، فيما ينتمي حوالي 500 عنصر الى عرسال. وعلم أن
«أبوطلال»، نائب القيادي الإرهابي الموقوف عماد جمعة، هو الذي يتولى حاليا إدارة
الدفة والتفاوض.