الداعية الشيخ عمر بكري محمد فستق في قبضة المعلومات، الخبر كاد ان يكون عادياً في ظل المداهمات والتوقيفات الناجحة للقوى الامنية في الآونة الاخيرة، لكن الشيخ عمر بكري كان له نكهة خاصة لما له من حياة صاخبة في جدال دائم ومستمر حول العقيدة الدينية التي يبشر بها اتباعه، كما ان حراكه الدعووي كان مثار اسئلة لدى الفرق الاسلامية الاخرى، التي لطالما حاذرته وتجنبت الانضمام الى مواقفه الحادة، خصوصاً عندما يتطرق فستق للجيش اللبناني، فيهاجمه بعنف وصولا الى ان يستدرك محاولاً التخفيف من حدة مواقفه مؤكداً الى ان دعوته تقتصر على رأي الشرع فقط، نافياً وجود اتباع له يعملون في الجهاد رغم ايمانه (فستق) به.
اذا الداعية عمر بكري في قبضة المعلومات، او بتعبير آخر سقط الداعية في المواجهة مع «تيار المستقبل»، كما ان الغطاء السياسي رفع عن الشيخ المثير للجدل، الذي همس في حلقاته الضيقة فور سقوط حليفه الشيخ احمد الاسير وفراره متخفياً قائلا لمن حوله، «لقد بدأ عهد رفع الاغطية الحزبية والسياسية، من الرموز الاسلامية الجهادية، وبأن الساحة اللبنانية ستشهد انحساراً للمد السني الفاعل لصالح القوى السياسية السنية التقليدية» وهو حذر المقربين منه بأن «اعادة محاكمته ستبدأ سريعاً وسيكون هو الضحية الثانية التي تلي اختفاء الشيخ الاسير على قاعدة «ذبحت يوم ذبح رفيقي في النضال والجهاد».
اذا الصراع بين فستق و«تيار المستقبل» لم يكن وليد الساعة بل يعود الى اعوام مضت وتحديداً عقب تصريحه لاذاعة «بي.بي.سي» البريطانية، بأن مقتل الرئيس رفيق الحريري فيه مصلحة للدعوة الاسلامية، ولأن الحريري كان يحكم بغير ما انزل الله. هذا التصريح المثير افضى الى الاشتباك مع «تيار المستقبل»، خصوصاً عندما انطلقت الشائعات التي رافقها عرض فيديو على «اليوتيوب» تظهر فيه ابنة فستق بأنها راقصة في الملاهي الليلية، هذا الامر نفاه فستق واتهم «تيار المستقبل» ببث الشائعات الهدف منه تشويه صورته كداعية وكشيخ مسلم كما ان المستقبل نفى اية علاقة له بهذه الشريط معتبراً ان لبكري مشكلة داخل عائلته لا علاقة البتة لمستقبل بهذا الموضوع. وهنا لا بد من القاء نظرة سريعة على تاريخ الداعية الذي انطلق من حلب، وفيما هو ينفي ويؤكد بأن اصوله لبنانية مئة بالمئة.
لكن اوساطاً اسلامية تؤكد ان والده قدم الى لبنان في ستينات القرن الماضي وحصل على الجنسية اللبنانية في العام 1967، تنقل في انتماءاته من خبير في الجماعات الاسلامية مع جماعة عماد الرحمن الى «حزب التحرير» الى جماعة «مهاجرون» ثم الى جماعة «الغربا»، كما انه ذهب الى السعودية واعتقل هناك في العام 1983 وفي العام 2004 اطلق تصريحات قال فيها انه يشجع على توجيه ضربات شبيهة بضربات الحادي عشر من ايلول، كما انه من العلماء القلة الذين نعوا اسامة بن لادن بعد مقتله.
وفي مجال الدعوة وانشائها عبر الشيخ عمر بكري، فان بعض المشككين في الاوساط الاسلامية سألت عن السبب الحقيقي لقدوم بكري الى لبنان بعد ان رحلته بريطانيا فيما هو ادين في العاصمة البريطانية بتهمة الارهاب، لكن ترحيله بقي مريباً لدى التنظيمات الاسلامية اللبنانية، كما ان بكري لم يتوقف يوماً من اثارة العواصف من خلال تصريحاته التي تعتبر ان الجيش اللبناني غير شرعي من الوجهة الاسلامية وبأن «الربيع العربي» سيتحول في لبنان الى ربيع اسلامي، اضافة الى رفعه الدائم للاعلام التي يرفعها «القاعديون».
اذا يبقى السؤال الدائم، لماذا اطلقوا سراح عمر بكري في بريطانيا وقبله اطلق سراحه من السعودية، فيما الدولة اللبنانية التي اعتقلته ومن ثم اطلقت سراحه بعد ما ساعده حزب الله في ضائقته القضائية، فلماذا السلطات اللبنانية انتظرت اعواماً قبل ان تعتقله مجدداً، عن هذا السؤال تجيب اوساط مطلعة بأن الانفراج السياسي القائم بين قوى 8 آذار وتحديداً «حزب الله» مع «تيار المستقبل» نجح في ترسيخ الامن الذي افتعل في الاونة الاخيرة وانغمس الجميع في ورشة اعادة الهدوء، وكانت لهذه الحماسة وهذا التعاون اثراً فاعلاً في القضاء على ظاهرة الارهاب المتسربة من سوريا لتتلاقى مع بيئتها الحاضنة.
فالجميع يذكر تقول مصادر في تيارالمستقبل بأن وزير الداخلية نهاد المشنوق اشترط في بداية عهد الحكومة السلامية، على ان يكون الامن الوطني شراكة وبالتالي تشترك قوى الامن الداخلي مع سائر القوى العسكرية لمكافحة الارهاب واقتلاعه وبالتالي فان القوى السياسية والشعبية التي يمثلها المشنوق سترفع الغطاء عن كل متطرف وبالتالي فان الشارع السني لن يتحرك في مواجهة عمليات ملاحقة المطلوبين ولو كانوا رجال دين، وهذا ما حصل مع الشيخ عمر بكري حيث لم تنفع عمليات التخفي في الطابق الخامس في احدى بنايات عاليه، فعيون المعلومات تعرف جيداً اين هم المتطرفون، كما ان «تيار المستقبل» رفع نهائياً الغطاء…. وبالتالي وقع الشيخ في قبضة الامن ذات ليلة في مصايف عاليه.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...