لماذا يصّر احمد داود اوغلو على الرقص فوق اشلائنا، وان كان جنكيز تشاندار، المعلق التركي، قد قال انه يحترف الرقص في قعر الزجاجة. اضاف «…حين تكون الزجاجة محطمة»؟
انه «الصدر الاعظم» في الادبيات العثمانية، وهو اللقب الذي كان يسبغ على رئيس الوزراء. الآن يتبارى المعلقون على التلاعب اللغوي باللقب. الرجل حاول ان يطرح نفسه منذ 4 سنوات على انه الفيلسوف الاستراتيجي الاكثر حنكة و الاكثر رؤيوية في الشرق الاوسط. كان يطرب منظّر «النيو عثمانية» لتشبيهه بـ «كيسنجر التركي»، مع انه كان يكثر من الحديث عن ميترنيخ و تاليران اللذين كانا نجمي مؤتمر فيينا عام 1815
لعله يتصف بالطاووسية اياها التي يتمتع بها وزير الخارجية الاميركية الاسبق، فحين قال احدهم عبر الـ CNN ان كيسنجر هو ميترنيخ القرن العشرين علّق قائلا بل ان ميترنيخ هو كيسنجر القرن التاسع عشر.
في اي حفرة لم تقع تركيا منذ ان جلس اوغلو على كتف رجب طيب اردوغان على انه الدماغ الديبلوماسي والاستراتيجي الذي يشق امامه الطريق ليكون سلطان الشرق الاوسط، حتى انه زار بغداد اخيرا، بعدما حاول الالتفاف عليها من خلال التفاهم الاستراتيجي مع مسعود برزاني الذي اكتشف في لحظة ما ان الاتراك لم يسمعوا صيحة الاستغاثة التي اطلقها حين كانت قوات تنظيم الدولة الاسلامية تكاد تدخل الى اربيل. الايرانيون هم من لبوا النداء، فكان ان قاسم سليماني، الرجل الغامض في طهران، قاد سبعين من رجاله ودفع بـ«داعش» الى الوراء…
في الخليج الذي طالما راهن اوغلو على ان يكون بمثابة مغارة علي بابا يغرف منها الذهب لاقامة انظمة تابعة لاسطنبول في دمشق و بغداد والقاهرة و تونس و طرابلس، لا احد يحبه ولا احد يثق به مع انه حاول ان يلعب مذهبيا، وعلى نحو مشين، في سوريا كما في العراق قبل ان ينصحه مسؤول فرنسي بأن يكون شديد الحيطة لان التشكيل الفسيفسائي للمجتمع التركي لا يقل هشاشة وقابلية للانفجار عن المجتمعات المجاورة…
الاميركيون يقولون انه يكذب. صرح اكثر من مرة بأن واشنطن تتسق مع دعوته الخاصة باقامة مناطق عازلة في سوريا و بأنها تعطي الاولوية لتفكيك النظام على تفكيك التنظيم، قبل ان يبادر باراك اوباما الى التشديد على ان معركته الآن هي ضد «داعش» وليتحدث عن الحل السياسي في سوريا…
وحتى حين جاء جو بايدن الى انقرة لم يتورع بعض المعلقين المقربين جدا من اوغلو عن التلميح الى ان نائب الرئيس الاميركي انما خشي من (التهديد بماذا؟) فكان ان اوفده البيت الابيض على بساط الريح كي يجثو بين يدي الصدر الاعظم…
ولكن من لا يعلم ان رهانه على لوران فابيوس وفرنسوا هولاند جُبه بالسخرية من الاميركيين الذين طالما ابلغوا حلفاءهم ان الطريق الى واشنطن لا يمر بأي مدينة اخرى، كما ابلغوهم ان الاخطر في الوقت الحاضر هو التنظيم لا النظام، وان كان هذا لا يعني في حال من الاحوال ان الاميركيين لا يلعبون من وراء ظهر الجميع..
أليس الذي يجري امامنا كوميديا عسكرية بعدما خبرنا، كعرب، كل اشكال الكوميديا الديبلوماسية. آلاف الغارات حتى الآن ضد «داعش» وفي مناطق تخلو من التضاريس الجغرافية المعقدة، وبالرغم من ذلك يخترق الداعشيون الرمادي، ويصمدون في عين العرب-كوباني، و يتموضعون على مسافة 30 كيلو متراً من الحدود الايرانية، فهل ثمة من سيناريو محدد، وبطلب من انقرة وربما من اسرائيل، لاتاحة المجال امام الخليفة ابي بكر البغدادي التموضع عند تلك الحدود لاستنزاف ايران عسكريا و…مذهبياً؟
كل هذا من اجل ان يكون لاحمد داود اوغلو موطن قدم في سوريا. معلقون اوروبيون يدركون ما يحدث الآن في المنطقة تساءلوا ما اذا كانت ستبقى اقلية هناك و حتى في لبنان اذا ما تم تحطيم الجيش السوري، وكما يأمل رجب طيب اردوغان، بصواريخ التوما هوك او بقاذفات الـ«ف-35»..
لمن يريد ان يعرف اكثر ما عليه الا ان يطلع على مراسلات انور باشا ومدحت باشا إبان الحرب العالمية الاولى و كيف تمت ابادة الارمن، فهل يدري العرب ان القوميين في تركيا يدعون الى الثأر من العرب على انهم كانوا وراء هزيمتهم، و بالتالي سقوط السلطنة، في تلك الحرب؟
نظرية اوغلو التي تضاف الى سلسلة نظرياته الفولكلورية (بما فيها نظرية صفر مشاكل) هي تركيب الجيش السوري البديل الذي لن يكون سوى نسخة كاريكاتورية عن الانكشارية، على ان تتولى الدبابات التركية، بتغطية جوية، واستراتيجية اميركية، الزحف باتجاه حلب و باتجاه اللاذقية وحمص لتسقط دمشق تلقائيا في يد من يحاصرونها…
بهلوانية راعبة ام غوغائية راعبة حين يسعى احمد داود اوغلو، وبكل ذلك اللهاث، من اجل احتلال سوريا عبر تلك الدمى المرقطة؟
رجل لا يعي، ولو للحظة واحدة، ان قواعد اللعبة في المنطقة اكثر تعقيدا بكثير من الاثارة المذهبية حينا والاثارة التاريخية حينا آخر..
متى كان للسلطان قلب؟ لاحظوا اية اثارة رثة يلجأ اليها اردوغان حين يقول ان المسلمين سبقوا كريستوف كولومبس الى اكتشاف اميركا. للبحث صلة. لكن السلطان الذي من دون قلب يعاني من نقص في الوعي ايضا…
عبد السلام: دول العدوان تتحمل مسؤولية إفشال الهدنة باليمن وتفاقم المعاناة
كشف رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام، اليوم الإثنين، عن آخر مستجدات الهدنة أثناء التواصل مع الاتحاد الأوروبي للشؤون...