– يقول الله تبارك وتعالى: ? وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ? التغابن: من الآية11.
– وقال عليه الصلاة والسلام : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) رواه البخاري ومسلم.
القلب :
– ان قلب الإنسان هو منبع روحه وليس مجرد مضخة فقط كما يعتقد الكثيرين , وهو عقله الباطن وبؤرة شعوره ,وبه تُحَس آلام الانسان وأحزانه وأفراحه و تُختزن مشاعره وأحاسيسه ، فالقلب هو العقل الحقيقي للإنسان , وهو أيضا جهاز كشف كذب بديع , لأنه جهاز الرؤيا الحقيقية ومن لا يري بقلبه فهو الأعمى , لأن العمى الحقيقي ليس في فقد البصر وإنما في فقد البصيرة ، والقلب أيضا مركز الذاكرة الدائمة , وقد يري الإنسان مخزون قلبه و عقله الباطن في نومه بالرؤى والأحلام .
اذن فالقلب هو الجزء المدرك المسئول في الإنسان , و بصلاحه يكون صلاح باقي الجسد وبالتالي صلاح النفس
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ? إن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد باقي الجسد ألا وهى القلب? فبالقلب يعقل الإنسان وبه يرى وفيه تختزن ذاكرته وذكرياته
* العين والبصر والقلب (العقل ) للتعلم واكتساب الخبرات ? وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ? النحل78
ونستطيع القول:- ان العقل السليم فى القلب السليم وليس فى الجسد السليم كما يقول الناس في أمثالهم، فهناك من تراه يرفع الأثقال وجسده رياضي مكتمل اللياقة , ومع ذلك فهو يفتقر إلى العقل والإدراك السليم والتصرف اللائق .
*? أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور{46} ? (الحج)
ويقول سبحانه :-
* ? إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ{37} ? (ق)
ويقول سبحانه:-
*? وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ? الأعراف179
تنقسم القلوب الى
1- قلب صحيح أجرد الا من حب الله , و هو قلب المؤمن وهو القلب السليم الصحيح , و لا نجاة يوم القيامة إلا لمن أتى الله به . فهو متجرد مما سوى الله , فيه سراج يضيئه هو نور الإيمان , وهو قلب سليم في تجنبه الشبهات وسلامته من الشهوات.
2- قلب أغلف منكوس و هو قلب الكافر والمنافق الذي لا يصل إليه نور الإيمان , كما قال تعالي عن اليهود ? وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ{88} ? (البقرة) فهي التي ضرب عليها الأكنه و الران جزاء إعراضهم عن الحق ? وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً{45} وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً{46}? (الإسراء)
? فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً{88} ? (النساء) ، أي نكسهم و ردهم إلى الباطل الذي كانوا فيه بسبب نفاقهم و هذا هو أشر القلوب و أخبثها فهو إنسان عرف ثم أنكر و أبصر ثم عمي , فهو يعتقد الباطل حقاً و يوالي أصحابه , و الحق باطلاً و يعادي أهله ، وفسقة المسلمين هم من أصحاب القلوب المنكوسه والتي طبع عليها وضرب عليها الران جزاء إعراضهم عن الحق والعياذ بالله.
3- قلب سقيم مريض وهو قلب يتنازعه دافعان ، دافع إيماني منج , و دافع هلاك نتيجة حبه للشهوات المحرمة ووقوعه في الشبهات , وهو للغالب منهما ، وهذا الإنسان هو الغافل المفرط , وهو صاحب النفس اللوامة التي تلومه علي التفريط في حق الله و ارتكاب المعاصي إذا ما غلب عليه دافع الإيمان .
*-وقد جمع الله سبحانه وتعالى بين هذه القلوب الثلاثة في قوله :-
? وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{52} لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ{53} وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{54} ? (الحج)
*-فجعل الله ما يلقى الشيطان على قلوب الناس فتنة لمن في قلبه مرض والقاسية قلوبهم , فإن اشربوا الفتنة زادت أمراضهم وزادت قسوتهم , وإن قاوموها ورفضوها صحت قلوبهم ، فالفتن للاختبار والتمحيص وأحياناً مداً للغي فالله سبحانه يقول :-
· ? فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ{10} ? (البقرة) هذا إن أصروا على تشرب الفتن واستعذبوها ، أما قلب المؤمن فهو القلب الناجي من الفتنة حيث يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة , فهو قلب مخبت لربه مطمئن به مستسلم لقضائه راض به , لا يضره ما يلقيه فيه الشيطان من فتن الشك والريبة , إلى أن تصل به المرحلة إلي الترقية فى درجات الإيمان فلا يكون للشيطان سلطان عليه * ? إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ{42} وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ{43} ? (الحجر)
فالشيطان وان القى الفتن فى القلوب ليكتسب أعواناً وأتباعاً يؤنسوه في نار جهنم هو بإذن الله لتمحيص القلوب فالذين فى قلوبهم مرض ويصرون عليه تزيد الفتن موت قلوبهم . وهناك من يرفض الفتن ويقاومها فيصح قلبه ويزداد إيمانا بالله سبحانه وتعالى
شبهات { كالبدع والضلال}
فالفتن إما
شهوات { كالمعاصي والغي والظلم }
وفتن الشبهات تؤدى إلي فساد العلم والاعتقاد ، وفتن الشهوات تؤدى إلى فساد النية والإرادة والقصد
ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) شبه التصاق الفتن من شهوات وشبهات بالقلب كما يلتصق الحصير بجنب النائم وتؤثر فيه شدة التصاقها ، والقلب إذا عرضت عليه فتنة وأشربها كما يتشرب الإسفنج الماء نكتت فيه نكتة سوداء وهكذا حتى يسود تماماً وينتكس { ينقلب ويصير كالكوز المقلوب} ويصير أسود مرباد { أي فيه بياض يسير يخالط السواد} وينتهي به الحال إلى أن يشتبه عنده المعروف بالمنكر وربما استحكم عليه مرضه حتى يعتقد المعروف منكرا و يعادي أهله والمنكر حقا ويوالي أهله فهو متبع الهوى ، ومعبوده وإلهه هواه .
*-وقلب أبيض : فيه نور الإيمان فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وعلم أن الحق في خلافها فيزداد نوره وإشراقه وقوته. ويعلم بطلان ما يلقيه الشيطان فيزداد إيمانه بالله , ويثبته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا في الآخرة . ويمن الله عليه بنعمة اليقين { واليقين درجات } ولا يأتي إلا بالتجارب الملموسة كما طلب إبراهيم الخليل من ربه أن يريه كيفية إحياء الموتى .
والعبرة بخواتيم الأعمال حتى لا يطمئن المؤمنون إلي أعمالهم فيتهاونوا , أويقنط العصاة من رحمة الله فيزدادوا في غيهم و ظلمهم فتصير الدنيا إلي الفوضى ، فالمؤمن لا بد أن يواظب على طاعته حتى يختم به بعمل أهل الجنة و العاصي لا يقنط من رحمة الله و من التوبة فقد يكون نهاية عمله من نوع عمل أهل الجنة فيدخلها .
في النهاية تقسم القلوب إلي قسمين : فالقلب الذي تمده مادتان إما يصح فيصبح قلبا ً أبيضا ً أو يموت فيصبح قلبا ً أسودا مرباد و هو الذي فيه بياض بسيط يخالط السواد ، فطريق الآخرة إما إلي الجنة وإما إلي النار ولا طريق ثالث .
– روي عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله r :
? تعرض الفتن علي القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتي تعود القلوب إلي قلبين قلب أبيض فلا تضره فتنة مادامت السموات و الأرض ، وقلب أسود مرباد كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ? (أي الكوز المائل الذي لا يستقر فيه الماء)
-جاء أناس إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم على أحدنا أن يتكلم به ، قال أوقد وجدتموه ؟ ، قالوا نعم ، قال ذاك صريح الإيمان .
-روى ابن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قيل يا رسول الله من خير الناس ؟ قال? كل مؤمن مخموم القلب ?
قالوا : وما مخموم القلب ؟ قال : ? هو التقي النقي الذي لا غش فيه ولا بغي ولا غدر ولا غل ولا حسد ? رواه ابن ماجة وقال العراقي صحيح ، وقلب أسود و هو قلب الكافر و المنافق والفسقة فهم أصحاب النفوس الأمارة والأرواح الخبيثة .
* ولنلحظ أقسام القلوب وأقسام الأنفس وأقسام الروح : نجدها نفسها بما يعني أنه إذا ذكر القلب كان المقصود السر الكامن فيه وهو أنه منبع الروح التي هي النفس .
ذاكرة القلب : لفت انتباه الأطباء بعد عمليات نقل القلب التغيرات النفسية والسلوكية والادراكية في الكثير من الحالات وكذلك انتقال أشياء من ذاكرة الشخص الميت (المتبرع ) إلى الآخر الحاصل علي القلب فبحثوا عن السبب , كان كل بحثهم منصبا ً على الجانب المادي فقط مع أن الحقيقة أن الذاكرة في الأساس قلبية روحية .
الذي لفت انتباه بعض أطباء الولايات المتحدة الأمريكية أن هناك ظاهرة غريبة تتعلق بأولئك المرضى الذين تمّ لهم زراعة القلب ، وعمليات زراعة القلب كانت بدأت عام 1967 ثم تطورت هذه العملية حتى إننا نجد اليوم كل سنة أكثر من ألف عملية زراعة قلب تتم في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، والأطباء الذين راقبوا حالة هؤلاء المرضى وجدوا شيئاً غريباً ، أن المريض فور تغيير قلبه تتغير أمور عميقة في شخصيته ، وتحدث تغييرات جذرية في شخصية هذا المريض.
وعمليات زرع تتم في حال اشرف المريض على الهلاك يكون بسبب خلل في نظام عمل القلب أو بسبب انسداد شرايين القلب انسداداً كاملاً أو غيرها من الاضطرابات في نظام عمل القلب مما يستدعي تغيير هذا القلب, فيستبدل بقلب إنسان آخر مات مثلاً منتحراً أو مات بسبب حادث أو إصابة مفاجئة فيأخذون القلب من هذا المتوفى ويضعونه في صدرالمريض فيعيش بذلك بقلب غير قلبه .
وهناك مئات العمليات التي أجراها الأطباء في زراعة القلوب وجميعها كانت تحدث معها تغييرات عميقة في شخصية هذا المريض .
-ومثال آخر هناك طفل أيضاً قتل ، فأخذوا قلبه ووضعوه لطفل آخر لديه فشل في عمل القلب وإذا بهذا الطفل بدأ يرى كوابيس وأحلاما ًمزعجة ، وبدأ يحس وكأن شخصاً يريد أن يقتله وهذه الحالة استرعت انتباه الأطباء فلما سألوه عن أوصاف هذا الشخص الذي يحاول قتله وصف لهم بدقة ما يراه ، وبالبحث توصلوا أن هذا الشخص هو القاتل ، من هنا نستطيع أن نستنتج أن هناك تغييرات مهمة جداً تحدث لهؤلاء الذين يزرعون القلب. .. فما هو التفسير العلمي لهذه الظاهرة ؟
هذه الظاهرة المحيرة لم يجد لها العلماء إلا تفسيراً واحداً وهو: أن في القلب مراكز خاصة بالذاكرة ، يعني القلب ليس مجرد مضخة لضخ الدم , إنما في خلايا هذا القلب برامج أودعها الله تبارك وتعالى تتحكم في عمل هذا القلب وتستقبل هذه البرامج المعلومات وكل ما يسمعه ويراه الإنسان ويتم تخزينه في القلب ثمّ يصدر القلب أوامره إلى الدماغ ليقوم بأداء مهامه . وليس هذا كل شيء فالقلب منبع الروح والروح هي المسؤولة عن الإدراك والوعي واليقظة وكذلك الذاكرة .
إذن يمكننا القول إن العقل هو القلب وليس الدماغ ، طبعاً هذه النتائج هي ملامح لظاهرة غريبة يراها الأطباء اليوم فهذا هو الدكتور (جاك كوبلاند) أشرف على أكثر من 700 حالة زراعة قلب فماذا وجد هذا الطبيب؟
الذي وجده أن هؤلاء المرضى تحدث دائماً مع كل تغيير للقلب تغييرات عميقة في شخصيتهم ، ولذلك قال أنا لا أستبعد أن يكون هناك شيء ما في هذا القلب نجهله تماماً ، (الحقيقة الغائبة عنهم أن القلب هو منبع الروح) ، وهنالك الكثير من الأطباء الذين يؤكدون هذه الحقيقة اليوم ولكن ليس لديهم دليل مادي ملموس على ذلك سوى الظواهر التي يشاهدونها أمامهم .
وهنا تتجلى أمامنا عظمة القرآن تتجلى أمامنا هذه الآيات العظيمة عندما قال رب العزة تبارك وتعالى? لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا ? إذن هذا سبق قرآني في علم النفس ، هذا السبق أكّد لنا أن القلب فيه مراكز كثيرة ويقول كثير من علماء الغرب اليوم إن خلايا القلب تختزن الذاكرة وتختزن ما يسمعه الإنسان وما يراه .
ومن الأشياء العجيبة أن خلايا القلب والرئتين تصدر ترددات صوتية خاصة بها ، فقد قام أحد العلماء الباحثين في جامعة كاليفورنيا منذ أشهر قليلة ببحث حيث أخذ بعض الخلايا من قلب إنسان وقام بدراستها فوجد أن هذه الخلايا تصدر ترددات صوتية خاصة بها ، ولكن هذه الترددات غير مسموعة ، يعني هي في المجال غير المسموع الذي لا يسمعه الإنسان بسبب ضعف هذه الترددات فاستخدم ما يسمى كمبيوتر ذري من أجل التقاط الإشارات الصادرة من هذه الخلايا ووجد بأنها ترددات صوتية تصدرها خلايا القلب ، وهنا ربما نتذكر أن الله تبارك وتعالى: ? وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ? الإسراء 44 ، وقال أيضاً ? الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ? الرعد 28
والقلب يمثل العقل الباطن أما المخ فيمثل العقل الظاهر ، ولا غنى للإنسان عنهما لكن ما هو المحرك الحقيقي للإنسان والذي يستمد منه طبعه وسلوكه ؟ هذا يعتمد على أيهما يغلب على الإنسان , إدراكه القلبي أم إدراكه الذهني ، وهل يعقل الأمور بقلبه أم بذهنه.
ومحل العقل والإدراك السليم هو القلب قال تعالى : ? أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ{46}? الحج .
وقال تعالى في آية أخرى :
? وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ? الأعراف179
والمعنى أن الله يطبع على قلب كل متكبر جبار ، إلا أن الله قال : كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار ، ومن هنا نستنتج أن الإنسان = قلب ومنشأ الطباع والسلوك في الإنسان هو القلب فهو العقل الباطن .
لذلك قال صلى الله عليه وسلم ? استفت قلبك وإن أفتوك وإن أفتوك وإن أفتوك ? . فالقلب هو المنقي المرشح , لكن يشترط أن يكون سليماً وإلا فقد هذه الوظيفة فبات لا يصح أخذ الفتوى منه, لأنه سيسمح بمرور الذي ما يلائم هواه ، ولا يصلح قلب يحكم بالهوى أن يكون مصدراً للفتوى ، ففتوى القلب هي للمؤمن وليس لسواه .
والقلب هو منع الروح وبالتالي منشأ السلوك في الإنسان هو الروح فمن طابت روحه حسن سلوكه فالنفس المطمئنة لها سلوك يختلف عن الأمارة عن اللوامة .
اللهم اجعلنا جميعا من ذوي النفوس المطمئنة ممن طابت أرواحهم وحسن سلوكهم..وحازوا رضوانك وفازوا بمغفرتك يااا رب العالمين.