كيف سترد سوريا في حال الإعتداء عليها من أميركا في حربها على داعش؟
سؤال تبدأ الإجابة عليه من النظر إلى خريطة العلاقات التي بنتها دمشق خلال عقود من الزمن، بدأتها في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، و استمرت على ذات النهج دمشق في عهد الرئيس السوري بشار الأسد، وبذلك يفهم الرد العسكري وفق النقاط التالية.
الرد الأولي سيكون عبر سلاح الصواريخ، القواعد العسكرية الأمريكية والإسرائيلية في كل من الأردن و فلسطين المحتلة و العراق ستكون تحت مرمى صواريخ لم يكشف عنها بعد، خصوصاً تلك المصنعة في معامل الدفاع السورية، وهي ما حاولت يوماً أن تكشفه أمريكا عبر بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، حيث رفضت دمشق دخول بعثة المراقبين إلى نقاط كانت ضمن البرتوكول الذي عرض على دمشق حينها.
و سلاح الصواريخ هنا سيستهدف بشكل مباشر قواعد ” الرويشد ووادي المربع ” في المملكة الأردنية وبهما عدد كبير من المقاتلات الأمريكية المتنوعة، كما توجد في الأردن الوحدة 22 البحرية الاستكشافية الأميركية، ولن تكون بعيدة عن صواريخ الجيش العربي السوري القصيرة و المتوسطة المدى، وبسيل ناري كثيف.
و هنا لن تكون قاعدة “الأمير سلطان” الجوية بالرياض بعيدة عن استهداف سلاح الجو السوري، و تحتوي القاعدة على 80 مقاتلة أمريكية، و 500 جندي أمريكي ، إذ سحبت القوات الأمريكية في العام 2003 نحو 4500 من مقاتليها نحو قاعدة “العديد” في العاصمة القطرية، و لن تكون الأخيرة أفضل حالاً، برغم إنها تمتلك مدرج يعتبر من أكبر المدارج في القواعد العسكرية الأمريكية، و فيها نحو مئة مقاتلة، إضافة إلى 500 آلاف مقاتل من مشاة البحرية الأمريكية.
و لا تستبعد بقية القواعد الأمريكية في دول الخليج العربي و مصر من الدخول ضمن دائرة النيران السورية التي قدرها خبراء إسرائيل العسكريين في وقت سابق بنحو 1500 صاروخ خلال السيل الأول الذي قدرت مدته بنحو ساعة عملياتية واحدة.
يضاف إلى القدرة السورية القدرة العسكرية الإيرانية التي يلعن ساستها و العسكريون بشكل يومي وحدة الحال و المصير مع الحكومة السورية، و ستكون أولى مفردات الرد العسكري المشترك بين سوريا و إيران على العدوان على سوريا في حال حدوثه، إغلاق الخليج العربي بوجه بوارج نقل النفط، الأمر الذي سيؤدي إلى إنهيار اقتصاديات كبرى في أوروبا، مع التذكير بتضعضع الوضع الاقتصادي لكثير من دول أوروبا، ومما يزيد الطين بلة بالنسبة لأوروبا أن تستخدم روسيا ورقة الغاز، و إن لم يكن تصريح موسكو بإن ذلك كرد على الحرب على سوريا فإنها تمتلك المبرر الدوبلوماسي لذلك بكونه رد روسي على العقوبات الأوروبية على موسكو.
في حين أن إيران أيضاً تمتلك السيل الناري المرعب بالنسبة لإسرائيل، وهو أمر لا يخرج من دائرة التفكير لدى أمريكا، فإي معركة في المنطقة قد تودي بإسرائيل للمحو عن الوجود، وعلى ذلك فاستفزاز إيران غير مرحب به أمريكياً الآن، خصوصاً و إن أمريكا لم تتأكد بعد من امتلاك إيران للسلاح النووي أو عكس ذلك.
دخول حزب الله على خارطة المعركة مرعب أيضاً بالنسبة لإسرائيل، و إن كانت الأخيرة قد استفادت من إخلاء قوات فض الاشتباك لمواقعها في الجولان بما يمهد لتقدم برّي من قبل وحدات جيشها، فإنها تدرك تماماً إن جبهة الجليل الأعلى ستكون مفتوحة لتقدم لقوات المقاومة اللبنانية و تحت مرمى نيران صواريخ حزب الله بشكل كثيف، فالقدرة الصاروخية لسوريا و إيران و حزب الله ستصب جام غضبها على على إسرائيل. سياسياً الكفة مرجحة لصالح سوريا، فالفيتو الروسي و الصيني سيكون حاضر لرد أي مشروع قرار يشرعن التدخل العسكري في سوريا ضد داعش أو غيرها دون الرجوع لقرار دمشق، و بذلك تضمن الأخيرة سلامة الخاصرة السياسية في مشروع الحرب عليها تحت مظلة الحرب على داعش، و بذلك تستعرض الحكومة السورية استرخائها السياسي و العسكري، فلا تحرك الوحدات الأساسية من جيشها نحو مناطق التحصن ضد ضربة عسكرية محتملة من قبل أمريكا، و إن كانت قد أعلنت إنها ستسقط أي طائرة تخرق المجال الجوي، فإن الحكومة السورية تمارس حياتها اليوممية بشكل طبيعي، متجهة نحو فرض سيطرتها على المناطق المشتعلة في سوريا عبر ثنائية “الجيش و المصالحات الوطنية”.
و ما يؤكد استرخاء دمشق، وارتياحها لمجريات الأمور، أن القرار الأمريكي مازال متخبط ولا يملك الاستراتيجية الواضحة لهذه الحرب، فما بين تأكيد وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل بأن أمريكا تدرس خيارات التقدم البرّي و نفي رئيسه ( أوباما) لوجود النية بمثل هذا التقدم، أقل من 24 ساعة.