يكاد ماكس بلومنتال، وهو كاتب سياسي اميركي، ان يقول لباراك اوباما «ابعث بجو بايدن الى بشار الاسد»!
يستعيد قولا ايرلندياً عتيقاً « الثعبان لا يستأذن حين يدخل الى الحديقة»، ليلاحظ» اننا بفعل حلفائنا فقدنا قدرة السيطرة على حجارة الشطرنج»، قبل ان يسأل ما اذا كان حسن روحاني اكثر خطرا على المصالح الاميركية من رجب طيب اردوغان…
بلبلة في الاروقة الاميركية كما في وسائل الاعلام، وحتى في معاهد البحث التي تسأل ما اذا كانت نظرية الالتباس الخلاق التي ابتدعها هنري كيسنجر صنعت لتشتيت اعداء اميركا ام لتشتيت اميركا…
بلومنتال يرى ان ارودغان لم يرفع اصبعه في وجه اوباما بل رفع العصا، وقد يكون من المعقول ان يعتبر سوريا ولاية عثمانية و ينبغي ان تعود اليه، وهو الذي تلاحقه عقدة السلطان، ولكن هل من المعقول ان يتعامل مع اميركا على انها ولاية عثمانية؟
معلقون اميركيون في المنحى ذاته. علنا يقول رئيس الوزراء التركي « لن اقف معكم الا بعد ان تهبوني سوريا». يفترض بالقاذفات الاميركية ان تدع تنظيم الدولة الاسلامية وشأنه، اي ان يقيم دولة الخلافة من الرقة الى الموصل، لتضرب النظام في دمشق. حينذاك يتقدم الجيش التركي ويرفع العلم العثماني في ساحة المرجة حيثما رفع احد قادة هذا الجيش (جمال باشا السفاح) اعواد المشانق منذ مائة عام…
المعلقون يتساءلون « متى تنفجر العلاقات بين واشنطن وانقرة؟». من نحو اربعة اشهر حذر الصحافي التركي قدري غورسل من ان اردوغان يدفع بتركيا، بل وبالمنطقة، الى المحرقة. في كل يوم تزداد مساحة النيران، ويتسع استقطاب الايديولوجيا المجنونة لا سيما في شبه الجزيرة العربية.
يفترض هنا ان نتساءل ما اذا كان الانكليز الذين اظهروا انهم اقل انتهازية بكثير من الفرنسيين، لم يحذروا من ان اردوغان لا يريد التوقف عند دمشق او عند بغداد. انه يريد الرياض لا مكة التي لم يحج اليها اي من سلاطين بني عثمان، اذ كيف للسلطنة ان تعود الى بهائها، و سطوتها، وتكشيرتها، ان لم ترتفع راياتها في ربوع نجد والحجاز، على ان يكون الطريق من هناك الى مصر التي طالما كانت عقدة العقد بالنسبة الى السلاطين، ودون ان نقارن، بطبيعة الحال، بين عبد الفتاح السيسي ومحمد علي باشا…
كان الاسرائيليون ينتظرون اقامة انقرة، وبالتنسيق العملاني مع «داعش»، المناطق العازلة التي تعتبر الخطوة الاولى نحو تكريس التجزئة في سوريا، لكي يعلنوا بدورهم اقامة المناطق العازلة، وبالتنسيق مع» جبهة النصرة». ألا يتحدث الاردنيون عن مدى العلاقة التي نشأت بين موشى يعالون وابي محمد الجولاني والى حد التأكيد ان الاثنين التقيا، وان الاسرائيليين يدربون ضباطا تابعين ل«النصرة» ومن جنسيات مختلفة ( يقال ان الشيشانيين يمثلون ثلثي هؤلاء الضباط تقريبا).
ولا ندري لماذا يبقى صوت القاهرة خافتا الى هذا الحد؟ ايها السيد المشير ارفع صوتك وقل انك حذرت دولاً عربية من التعاون، في حال من الاحوال، مع رجب طيب اردوغان»لانه يخطط لابتلاعنا جميعا». في هذه اللحظة كلنا ننتظر صوت مصر التي نريدها في سوريا، وفي العراق، وحتى في لبنان، بعدما ضاع العرب وضاع معهم لبنان..
ذلك الكلام عن» سيادة الرئيس» تناهى الينا من اكثر من زميل مصري يعرف ما يدور في الغرف المقفلة. هناك خوف في القاهرة من ان ترضخ واشنطن، في لحظة ما، لشروط رئيس الوزراء التركي الذي ليس ضنيناً، بأي حال، بالدم السوري ولا بالارض السورية، والذي يتجاوز في ديكتاتوريته اي ديكتاتور اخر في المنطقة، وهو الذي عرف كيف يزحف كما الثعبان الى منصب…الباب العالي.
المصريون يقولون ان ايران التي يتم تصويرها على انها الامبراطورية التي ستغير مسار المنطقة، وربما مسار الكرة الارضية، تدرك جيدا اين هي الخطوط الحمر ولا تقترب منها. صحيح انها تلعب جيوبوليتيكيا في اكثر من مكان في الشرق الاوسط. تلعب كما الجميع يلعبون ولان اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وضع كل ثقله من اجل الحيلولة دون قيام نظام اقليمي يضم الدول العربية وايران و تركيا كي لا يبقى ذلك الدوران السيزيفي، والابدي، في الحلقة المفرغة…
لا مجال لتبرئة احد من اللعب، او التلاعب، بحجارة الدومينو التي قد تكون الوجه الآخر لحجارة الشطرنج، ولكن حينما يغدو اللعب مكشوفا الى هذا الحد، وقاتلاً الى هذا الحد، لا بد من رفع الصوت. هل يريد رجب طيب اردوغان القضاء على النظام في سوريا ام على الدولة في سوريا، وهو الذي طالما تلاعب ولا يزال يتلاعب، وامام الملإ، بدم الاكراد، والذي طالما تلاعب ولا يزال يتلاعب، وامام الملإ بدم العرب؟
لا بل ان المصريين يسألون ما اذا كانت هناك صفقة ما بين انقرة و تل ابيب اذا ما لاحظنا كيف ينشط السناتور جون ماكين في اروقة الكونغرس باعتبار ان الرهان على القبضة العثمانية التي وحدها تستطيع مواجهة القبضة الايرانية هو الرهان الذهبي للمصالح الاميركية في الشرق الاوسط..
حديث عن» الليلة البابلية» في المنطقة. لا احد يدري الى اين تمضي الامور. يقول توماس فريدمان « الجميع في وسط الحلبة». من يبقى هناك؟ المرجع الوحيد الذي يمكنه الاجابة هو… الله!
مقتل قياديين اثنين من “داعش” في غارة أميركية شمالي سوريا
أعلنت القيادة المركزية الأميركية، مقتل قياديين اثنين ينتميان لتنظيم "داعش" في غارة جوية، في القامشلي شمالي سوريا. وقال بيانٌ للقيادة...