يسيطر الهدوء الواضح على علاقة تيار المستقبل بحارة حريك جمهوراً وقيادات بخلاف العلاقة التي تأججت النار تحتها بين التيار الأزرق على خلفية التمديد والنار التي قصفت بها مدفعية الرابية زعيم المستقبل وتياره فجاء الرد عنيفاً ايضاً من قيادات المستقبل، وحديث وهمسات كثيرة تدور في الصالونات السياسية عن رضى وقبول من قيادة حزب الله لأول مرة على أداء المستقبل وطريقة تعاطيه مع انتشار الارهاب وتنامي الاصوليات وبعد احداث طرابلس، وهذا ما اكده الأمين العام لحزب الله باشادته بطريقة تعامل المستقبل مع الاحداث في طرابلس مما جعل البعض يستبشر خيراً ويتوقع ان تتم ترجمة هذه المشاعر والانفعالات على ارض الواقع وربما في حوار او الى طاولة تجمع الجهتين. ولكن هذا التمني لا يزال وفق اوساط سياسية مطلعة غير مطروح في الوقت الراهن، اولاً لأن اي تقارب في الملفات الأخرى لا يزال صعباً ومعقداً وغير مطروح، والمقصود هنا ان التلاقي في الملف الرئاسي من المستحيلات بسبب تمسك حزب الله بترشيح ميشال عون الذي سماه نصرالله في المناسبة العاشورائية، وايضاً لأن ما تحقق من خطوات بين الطرفين هو بحد ذاته كافياً لا بل يعتبر خطوة متقدمة في ظل العلاقة السيئة التي تحكمت بالعلاقة في مراحل سابقة.
فالمستقبل والحزب يسيران جنباً الى جنب في حكومة تمام سلام رغم كل المعوقات والاشكاليات ورغم كل الاختلافات في وجهات النظر ، فالهاجس الأمني يبدو واحداً لديهما وكذلك الخشية على تفجر الوضع اللبناني وعدم السيطرة او فقدان القدرة على مواجهة داعش والنصرة، وحزب الله يبدي ارتياحه لطريقة تعامل المستقبل مع الارهاب بعدم توفير البيئة السنية الحاضنة وإلا لكن الوضع اللبناني اصبح نموذجاً اوتكراراً لسيناريو العراق وسوريا. ولعل نموذج طرابلس يعتبر من افضل النماذج فهو يختلف على حيثيته وخصوصيته السنية عن عرسال وسائر الاحداث ، فالواضح ايضاً ان تيار المستقبل الذي لم يتراجع بالمطلق عن ترداد ان حزب الله هو الذي استجلب الحرب الداعشية الى الاراضي اللبنانية فان المستقبل وفي بعض الدوائر اللصيقة به بات مقتنعاً بان المجموعات الارهابية كانت ستأتي عاجلاً ام آجلاً، وبان حزب الله هو اكثر من يدفع ثمن الحرب ضد الارهاب في بيئته وجمهوره المستهدفين بالدرجة الاولى من المجموعات المتطرفة.
من هنا تضيف الاوساط فان اي حوار كما يتردد اليوم هو بدون جدوى ولا يقدم ولا يؤخر طالما ان التنسيق والتعاون في الملف الامني قائم، وطالما ان الطرفين مشيا في التمديد وتلاقت مصالحهما وحساباتهما بان التمديد افضل من إجراء الانتخابات النيابية في ظل الظروف غير المستقرة، وحيث ان حزب الله لديه اولوياته الأمنية وحربه وجبهاته المفتوحة ضد الاهابيين ولا وقت لديه للانتخابات، فيما المستقبل واثق بانه لن يحصل الأكثرية نفسها التي يملكها في المجلس الحالي. وبالتالي فان اي حوار هو وفق هذا التصور لا يفيد خصوصاً ان الاولوية اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي فان حزب الله لا يمكن مهما بلغت الضغوطات ان يساوم على ترشيح عون او التضحية به خصوصاً بعد الاعلان الصريح لنصرالله عن التزامه بترشيح عون، فيما المؤشرات جميعها تدل على انطلاقة قوية لحرب جديدة بين التيار الأزرق والتيار الوطني الحر، وهذا ما يبدو من الحملات التي عادت لتستعر في الاعلام وفي السياسة بين المستقبليين والعونيين مما يوحي بان الرابية وصلت الى مرحلة اليأس من المستقبل ولم تعد تنفع معها التطمينات ، ولذلك فان عون الذي خسر معركة التمديد وتقدم بالطعن الدستوري الذي لن يوصل بالمؤكد الى اي نتيجة، يركز على مخاطبة جمهوره المسيحي بطريقة يائسة وبتجييش هذا الرأي العام على حقوقه المهدورة والمسلوبة من المستقبل وبالتصويب على رئاسة الجمهورية التي بات من الواضح ان المستقبل الذي اعاد تجديد اكثريته ليس معنياً بالمعركة الرئاسية ويترك المسيحيين «يقتلعون اشواكهم» بانفسهم، خصوصاً ان كلمة السر الإقليمية لم تحضر بعد، ومن جهة اخرى فمن الواضح ان المستقبل كما يقول عونيون لا يلتزم حدوده بل يسعى الى الرقص واللعب في ملعب الآخرين ن وهو بدأ كما يقول هؤلاء يعمل على الاشادة وتسويق ترشيح قائد الجيش لإغاظة عون وإخراجه من صمته واستفزازه، فيما في الواقع فان المستقبل ليس معنياً بقوة بالموضوع الرئاسي وهو على حد قول العونيين مرتاح الى الفراغ في الكرسي الاولى، هذا الفراغ الذي يبدو واضحاً ان المستقبل يفضله على وصول ميشال عون الى قصر بعبدا.
ابتسام شديد