تداولت مصادر مطلعة عن اوساط دبلوماسية ، بعراقيل واعاقات قد تكون قد وُضعت ، وبصورة جدية ، امام وصول المساعدات العسكرية الايرانية التي اعلن عنها أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني علي شمخاني خلال زيارته الاخيرة الى لبنان قبل اسبوع، وتترقب الاوساط ما اذا كان وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل سيُلبي الدعوة الايرانية لزيارة ايران في السابع عشر من تشرين الاول الجاري، للبت النهائي في تسلم المساعدات الايرانية.
ورأت الاوساط ، ان المساعدة العسكرية الايرانية ، وعلى الرغم من دوافع حسن العلاقات ومواجهة استهداف الجيش اللبناني من قبل القوى الارهابية ، وهي مساعدة اذا ما وصلت الى الجيش ، فان من شأنها ان تعزز قدراته وتسهم في انجاح مهامه الوطنية ، فانها احرجت لا بل ازعجت الكثيرين من «اصدقاء» لبنان ، الغربيين والخليجيين على السواء، سيما ان تأتي بعد فُتات المساعدات العسكرية الاميركية التي تصل بصورة دورية عبر مطار بيروت ، وبعد «مسلسل» الوعود السعودية بتزويد الجيش باحتياجاته من الاسلحة والعتاد الفرنسي، وبهبتين بمبلغ اربعة مليارات دولار، بالفعل.
وتقول الاوساط ، يبقى الاهم من كل ذلك ، الضغوط التي ستمارسها الادارة الاميركية ، بالتلويح بوقف المساعدات ، من خلال التذكير بالحظر الاميركي على تصدير الاسلحة الايرانية ، وهي ضغوط ستُبلغ الى الجهات الحكومية ، لرفض الهبة، ولفتت الى ان هذه الاجواء التحضيرية لعدم تسلم المساعدة العسكرية الايرانية ، بدأت اشاراتها تتضح، لان استحقاق المساعدة يتطلب موقفا من الحكومة التي تلقت اشارات سعودية برفضها ، من خلال نواب «تكتل المستقبل» الذين ينظرون الى «اسلحة ولاية الفقيه» على انها غير مرغوب بها .. وفي هذه الحالة ، تصل البلاد الى مواجهة القوى الارهابية وهي عارية ومجردة من اي سلاح يكفل خوض هذه المواجهة ، فلا الوعود بـ «الاسلحة المليارية» تُرجمت ، ولا المساعدات الايرانية قُبلت.. وكأن المطلوب الاكتفاء بمساعدات اميركية هي ما دون الحد الادنى المطلوب .. بكثير .
وتشير الاوساط ، الى ان حكاية الحكومات اللبنانية مع المساعدات العسكرية الايرانية طويلة ، وربما من اهم انجازات قوى الرابع عشر من آذار ، ان بامكانها ، وفي اي لحظة سياسية ، ان تُمرر كل الهبات والمساعدات السعودية والاميركية والغربية على انواعها ، من برامج تربوية اميركية وبريطانية الى قرطاسية سعودية ، في حين يعجز فريق الثامن من آذار ، ومعه «حزب الله» من تأمين موقف حكومي ، ولو واحد ، لوصول هبة ايرانية، تحت شعار التزمه «حزب الله» طويلا مع الفريق الخصم، وهو «كسر الشر»، من دون الالتفات الى المصلحة السياسية .. اوالتوقف مليا عند المصلحة الوطنية ، التي تقتضي تسليح الجيش اللبناني بما يتلاءم مع حاجاته لمرحلة المخاطر التي تتهدد البلد، اكان المصدر ايران او روسيا والصين ، او حتى السعودية او دول غربية.
وبرأي الاوساط ، فان وزير الدفاع لا يشعر بالارتياح تجاه «الكرم» الايراني الذي سبق ان رفضته الحكومة ، حين هلّل وزير الدفاع انذاك الياس المر ، للهبة العسكرية الروسية التي تضمنت طائرات حربية متطورة من نوع ميغ 31 ، .. تحت ذريعة ان كلفة صيانة الطائرات وتكاليف الطلعات الجوية ، لا يمكن للبنان ان يتحملها.. لكن مقبل ينتظر قرار الحكومة.
واضافت الاوساط ، ان المؤشر الخطير الذي برز مؤخرا ، ينذر باعاقة اتمام وصول المساعدات العسكرية الايرانية الى الجيش اللبناني ، مشيرة الى ان اصوات من فريق الرابع عشر من آذار بدأت تحذر من وصول هذه المساعدات ، تحت ذريعة انعكاس المساعدات على وضع لبنان بسبب الحظر الاميركي والاوروبي على تصدير الاسلحة الايرانية الى الخارج، وهو امر يراعي المصلحة الاسرائيلية بعدم حصول الجيش اللبناني على اسلحة نوعية من شأنها ان تُغير من ميزان التسلح بين لبنان واسرائيل ، فضلا عن تفادي احراج السعودية وفرنسا بشأن هبة المساعدات الفرنسية الممولة سعوديا ، والتي ما تزال لوائح الاسلحة التي قدمتها قيادة الجيش ، والتي رُفعت الى الفرنسيين ، تخضع للدراسة الاسرائيلية، لكونها تتضمن لوائح اسلحة محظور على الجيش اللبناني امتلاكها.
– الاسلحة الفرنسية المحظورة –
ما يُمنع على الجيش اللبناني امتلاكه ، ليكون ضمن التسليح الذي يمكنه من القيام بالاعباء المتمثلة بالمخاطر التي تشكلها الهجمات الارهابية عليه، وصل الى مقاتلي القوى الارهابية في سوريا، حيث زودت فرنسا هذه القوى التي ما تزال تُصر على تمسيتها بـ «المعتدلة»، بصواريخ مضادة للطائرات من نوع مسترال «Mistral» الذي يشكل خطرا حقيقيا على الطيران الحربي، وهو دقيق الاصابة، فيما الحظر الفرنسي على تزويد الجيش اللبناني بدبابات متطورة من نوع «لوكلير»، جاء ليراعي الهواجس الامنية الاسرائيلية من وجود مثل هذا النوع من الدبابات في لبنان، انطلاقا من الحرص الفرنسي على تأمين المصالح العسكرية لاسرائيل، سيما في الدول الملاصقة للحدود مع فلسطين المحتلة، وفي مقدمها لبنان الذي يحظى بحساسية اسرائيلية مفرطة تجاه العقيدة القتالية للجيش اللبناني التي تقوم على اعتبار اسرائيل عدواً، تُضاف الى القلق الاسرائيلي من تنامي القدرات العسكرية والصاروخية لـ «حزب الله».
– مسترال Mistral –
وفي المعلومات المعطاة عن الصاروخ الفرنسي «مسترال» Mistral ، مضاد للطائرات، يحتاج الى جنديين ، ويمكن تجهيزه للاطلاق خلال دقيقة واحدة ، وهو موجه ذاتياً بالأشعة دون الحمراء، ويبلغ طوله 186 سنتيمتراً ووزنه يتجاوز الـ 18 كيلوغراماً، فيما يبلغ وزن الرأس الحربي 3 كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار ومزود بكرات من مادة التنجستين، يعمل بالليزر وبالأشعة دون الحمراء، ويبلغ ارتفاعه 3 آلآف متر بمدى ما بين 5 و6 كيلومترات.
وتمتلك وحدة الاحتياط الفرنسية العاملة في قوات الامم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان «أليونيفيل» شبكة من هذه الصواريخ ، وهي تخضع لامرة القام العام لقوات «أليونيفيل».
– الدبابة «لوكلير» Le Clere-
الدبابة الفرنسية «لو كلير» Le Clerc ، وهي تحمل اسم احد القادة العسكريين الفرنسيين المشاركين في الحرب العالمية الثانية فيليب لوكلير، وهي دبابة قتالية متطورة، يصح القول فيها انها غرفة عمليات متحركة ، وهي حديثة الصنع عام 1992 ، وخدمتها تقتصر على الجيش الفرنسي والجيش الاماراتي ، مزودة بمدفع من عيار 120 ملم، وقادرة على التخفي اثناء الرماية ، ونظام تلقيم تلقائي آلي ، بسرعة رماية تصل الى 12 طلقة مدفعية في الدقيقة ، ومدفعها صمم ليتحرك 360 درجة افقيا ، مع رشاش 12,7 ملم ، وهي مزودة ايضا بانظمة الكترونية تتحكم بمسار المناورة والرماية خلال المعارك .
لم تكن السلطات الفرنسية التي استلمت ملف الهبة العسكرية السعودية للجيش اللبناني موفقة ، حين اجرت مشاورات عسكرية واسعة مع قادة الاحتلال الاسرائيلي ، حول الاسلحة التي من المقرر ان يتسلمها لبنان ، فوضعت اسرائيل لائحة بالمحظورات من الاسلحة .. يومها قال مسؤول عسكري فرنسي رفيع : ان فرنسا لن تسلم لبنان دبابات من نوع «لو كلير» ، لتجنب «الاضرار» التي يحدثها هذا النوع من الدبابات بالطرقات اللبنانية ، علما ان لدى فرنسا دبابات من النوع نفسه مجهزة بدواليب بدل الجنازير.
تملك الوحدة الفرنسية العاملة في قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان «اليونيفيل» مجموعة من هذه الدبابات، وهي قامت قبل عام ، بسحب الدبابة المجنزرة من لبنان وابدالها باخرى مدولبة ، حفاظاً على الطرقات التي تربط القرى والبلدات الجنوبية.
محمود زيات