لا تزال المتابعات الداخلية جارية على قدم وساق للملمة الوضع الداخلي ومنع انزلاقه نحو براثن الفوضى والفتنة التي أطلت برأسها خلال اليومين الماضيين في منطقة البقاع الشمالي التي تشهد قراه وبلداته حصول موجة عالية من شراء وتكديس وتخزين الأسلحة والذخيرة من كل الأنواع والعيارات…
وكأن الحرب الأهلية باتت على الأبواب وكأن أيضا كل التطمينات التي يطلقها بعض المسؤولين اللبنانيين لم تعد تلقى الآذان الصاغية عند الناس خصوصا أن هناك ثمة أزمة ثقة بين الناس وبعض هؤلاء المسؤولين الذي استخدموا ورقة التطرف لغايات وحسابات سياسية شعبوية ضيقة والذين هم في نظر الناس يتحملون المسؤولية الكاملة عن الوضع المحتقن الخطير الذي وصل إليه الشارع الذي يهدد انفجاره بتقويض أمن واستقرار
لبنان وسلمه الأهلي والعيش الوطني المشترك. هذا ما قالته أوساط متابعة واسعة الإطلاع لـ الديار.
واشارت المصادر الى ان مشهد ظهور تشكيلات عسكرية حزبية ومناطقية داخل بعض القرى الحدودية تحت وطأة الخطر التكفيري الإرهابي الداهم الذي يهدد القرى المسيحية والشيعية والدرزية في منطقة البقاع قد يكون مبررا وطبيعيا بسبب ظروف وأحوال تلك القرى القريبة من الحدود السورية والتي هي موضع تهديد جدي وصريح من قبل «
داعش» بسبب الهوية الطائفية والمذهبية لتلك القرى، وقد يكون إطار هذه التشكيلات العسكرية أمرا مفيدا وضروريا للجيش اللبناني كون أعمال الحراسة والمراقبة التي توفرها وتؤمنها تلك التشكيلات توفر على الجيش إمكانية استخدام عديده القليل في المهمات الأساسية في حربه الضروس ضد الإرهاب ، إلا أن ظهور تلك التشكيلات العسكرية الحزبية والمناطقية في بعض قرى البقاع ليس بدافع محاربة «
داعش» ومثيلاتها من التنظيمات الإرهابية، بل فقط بخلفيات طائفية ومذهبية ميلشياوية، وهذا أمر في غاية الخطورة كون إطار ومضمون عمل وتوجه تلك التشكيلات من شأنه أن يزيد من التوترات الطائفية والمذهبية في المنطقة وبالتالي إرهاق الجيش في مهام حفظ الأمن والإستقرار الداخلي بين مكونات المجتمع اللبناني بدل من أن يصب كل طاقاته وجهوده في اتجاه واحد وهو محاربة الإرهاب، أما المشهد الأخطر لتلك التشكيلات العسكرية الشاذة فيكمن في أنها تقدم صورة لمشهد ظهور التشكيلات العسكرية المليشياوية السابقة التي برزت خلال الحرب الأهلية في بعض هذه القرى على خلفيات طائفية ومذهبية بحتة مرتبطة بحسابات داخلية وليس بهدف مواجهة خطر خارجي يتهدد أمن واستقرار
لبنان وسيادته وحريته.
إلى ذلك أكدت مصادر سياسية وسطية بأن ما يدور في كواليس الأروقة السياسية ينذر بأن الايام المقبلة قد تشهد موجة إضافية من التصعيد السياسي والأمني الداخلي على خلفيات سياسية ابدتها بعض القوى المشاركة في الحكومة بغية هز الوضع الحكومي للضغط على مجرى الاستحقاقات. ومن المتوقع أن تتكثف الاتصالات والمشاورات مع هذه القوى لثنيها عما تنوي الاقدام عليه كي لا يؤدي الامر الى نقل البلاد من حال الشغور الرئاسي الى حال الفراغ الحكومي، وعلى خلفيات إقليمية مرتبطة بأوضاع المنطقة وتطوراتها وأحداثه المتسارعة المقلقة. خصوصا أن ثمة معلومات دبلوماسية في بيروت تشير على أن الكباش العربي – الإيراني لا يزال حاضرا بقوة حتى هذه اللحظة وليس هناك من بوادر تهدئة وتبريد على خطوط توتر العلاقات
السعودية – الإيرانية الساخنة…و بحسب المصادر عينها يمكن ملاحظة صورة استمرار هذا التوتر السعودي – الإيراني حيال ملفات المنطقة وقضاياها من خلال مشهد الموقف الخاطئ في استبعاد إيران عن الإجتماع العربي – الأميركي – التركي الذي يعقد في جدة بإستضافة المملكة العربية
السعودية لبحث مسألة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في المنطقة وسبل مكافحته،والذي يضم دول مجلس التعاون الخليجي وكلا من مصر والأردن وتركيا وبمشاركة الولايات المتحدة الأميركية ممثلة بوزير خارجيتها جان كيري.
المصادر أشارت الى ان المتابعات السياسية التي حصلت خلال الساعات الماضية توجت بالإنجاز الأمني الكبير الذي حققه مرة جديدة ضباط ورتباء وجنود
الجيش اللبناني البواسل الذين نجحوا من خلال الخطة المحكمة التي قاموا بتنفيذها عبر سلسلة من المداهمات والإنزالات النوعية إلى إطلاق سراح المواطن أيمن صوان الذي كاد أن يجر اختطافه منطقة البقاع ولبنان من ورائه إلى مشكلة كبيرة، وهذا الإنجاز الأمني للجيش تصاحب بإنجاز عسكري تمثل قي إحراز الجيش تقدما في مواجهات مرتفعات عرسال في إطار القرار الحكومي المتخذ سابقاً بفصل مسلحي المرتفعات عن بلدة عرسال.مشيرة بأن تنفيس الإحتقان بسبب اطلاق سراح أيمن صوان الذي كان سائدا لا يعني بأن مناطق البقاع التي كانت مسرحا لعمليات الخطف والخطف المضاد في اليومين الماضيين قد تجاوزت الخطر سيما أن التوترات الطائفية والمذهبية التي يشهدها
لبنان لا تزال على حالها كما أن فتيل إشعال الفتنة المتمثل بقضية العسكريين المخطوفين لا يزال قابلا لإشعال المنطقة في حال فشلت الوساطات في اطلاق العسكريين أو في حال تعثرت الوساطات وأدى هذا التعثر «لا سمح الله» إلى اقدام المسلحين التكفيريين الإرهابيين إلى نحر أحد الجنود فعندها لا أحد يعلم لا من المسؤولين ولا من الأجهزة الأمنية إلى أي مدى يمكن أن تصل ردود الأفعال الغاضبة في الشارع المحتقن والمعبئ إلى أقصى الحدود بشتى أنواع العصبيات الطائفية والمذهبية التي تجعل
لبنان قابعا على برميل كبير من البارود.
الأوساط عينها أضافت بأن اتصالات المراجع السياسية مع قواعدها الشعبية الهلعة والمتوترة تضمنت رسائل تحذير شديدة اللهجة في أن المرحلة الحالية لا تتحمل المس بالاستقرار وهزّ الاوضاع أكثر مما هي مهزوزة بما يؤثر على سلامة العسكريين وقوى الامن المخطوفين، الأمر الذي لا تتحمل الحكومة المسؤولية عنه.مضيفة بأن هذه الإتصالات لم تثمر النتائج المرجوة وضمن هذا السياق فأن التقارير الأمنية التي قدمت للمسؤولين في الدولة اللبنانية تضمنت تحذيرات من الوضع الأمني الذي يبعث على القلق في ظل غياب وحدة الموقف السياسي الصلب داخل الحكومة وعلى صعيد موقف المرجعيات والقيادات السياسية في البلاد على صعيد مسألة الحرب على الإرهاب وما تقتضيه هذه الحرب من اجراءات وخطوات على الأرض تبدآ من مسألة توفير كل الدعم والغطاء للجيش اللبناني والقوى الأمنية في مواجهة الإرهاب من دون أي ضوابط أو شروط خصوصا أن مثل هذه الضوابط والشروط أدت فيما أدت إليه في السابق وفي عرسال تحديدا إلى زج
لبنان في فخ أزمة العسكريين المخطوفين التي يستخدمها المسلحون الأرهابيون ومن يشغلهم ويمولهم ويسلحهم من القوى الإقليمية التي تستخدم ورقة العسكريين المخطوفين في سياق مذهبي فتنوي مسموم غايته ابتزاز الدولة اللبنانية وممارسة الضغط على المقاومة ودورها في حماية
لبنان الشعب والجيش من الخطر الإسرائيلي والتكفيري على حد سواء.
هشام يحيى