بديهي أن الحرب تبدل ما في نفوس وعقول المحاربين. تعطي الحرب لهؤلاء الأخيرين سلطة ونفوذا على الناس. تسود في زمان الحرب شرعية البندقية، التي تمنح المحارب صفة تمثيلية، دون الرجوع إلى المعنيين. شرعية البندقية، لا تشرع التعددية في الحي أو المدينة أو الطائفة. «ديك القن» هو الأقوى، الذي استطاع الفوز في الصراع الدامي ضد خصومه ومنافسيه بالقوة.
إذا ما حقق المخطط اليهودي تقدما، كما هو مرسوم على يد أشخاص يعرفون ما يبتغون، وإلى أين يسيرون، فستصبح الحياة صعبة لا تطاق إن بالنسبة لجيران الدولة اليهودية المباشرين أم القريبين إذ ستصبح أوضاع هؤلاء ملغمة من الداخل ومهددة بأساليب إقتصادية وإجتماعية وسياسية مختلفة (من الخارج) ميشال شيحا 11 أيار 1948.
ما أود قوله بعد هذا الإقتباس، أن الدولة المارونية، الناشئة في لبنان، أصيبت بالخلل نتيجة لهزيمة حزيران 1967. فلم تصمد في وجه العواصف التي بدأت تضرب المنطقة منذ أن توقفت الحرب في تشرين أول 1973 على جبهة قناة السويس. لا حرج في القول أن هذه الدولة سقطت في 13 نيسان 1973. في يوم «بوسطة عين الرمانة». ملاحظة كانت هذه البوسطة تنقل فلسطينيين إلى مخيم «تل الزعتر». صار المخيم أيضا، أثرا بعد عين!
إن أصل المشكلة في لبنان، هو في ظهور جماعات مسلحة، ميليشيات، إمتلكت من القوة المادية العسكرية والمعنوية، ما جعلها تستطيع تهميش الأحزاب والحركات الوطنية. لتنتقل بعد ذلك إلى تقسيم اللبنانيين، طائفيا ومذهبيا، تمهيدا لإقتسام البلاد. من نافلة القول أن إجتياز هذه المراحل الثلات تطلب صراعا دمويا داخل القن الطائفي والمذهبي نفسه، ثم بين الطوائف المختلفة. شرّع ذلك أبواب البلاد أمام قوى خارجية. فأيدها أفرقاء وتصدى لمقاومتها أفرقاء آخرون. نجم عنه تفاقم إتساع الهوة بين الإقطاعات اللبنانية. التي صار لكل منها أجهزة أمنية، ومدارس، وحلفاء إقليميون ودوليون.
مجمل القول أن الإنفصال كان حاصلا فعليا، في داخل الوطن. نتيجة للحروب التي يشارك فيها الذين يتزعمون الطوائف والمذاهب في لبنان وفي بلاد عربية أخرى. لا شك في أن تشرذم الناس وإحباطهم ويأسهم وضعفهم، أثار أطماع المستعمرين في فلسطين المحتلة وفي الغرب. هم يريدون «مملكة تصل إلى حدود الفرات وتجمع ما بين أور في أرض الكلدان وأورشليم» ويريدون أيضا كل النفط والغاز.
لقد فاتهم أن الجماعات المعبأة بفهم مغلوط ومزور عن الدين، لن يكون لها الفعالية نفسها التي أظهرتها في أفغانستان، تحت راية القاعدة. كون المجتمعات في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام ومصر هي مجتمعات مفتوحة ومختلطة. ينبني عليه أن الحقائق ما تلبث أن تتكشف في هذه البلاد. بالتالي ليس مستبعدا أن تجعل الأعمال الوحشية التي تقترفها في بلادنا، حكومات كمثل حكومات الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإنكلترا، بواسطة جماعات المرتزقة، العابرة للحدود والممولة من مجلس التعاون الخليجي، ليس مستبعدا أن يؤدي ذلك إلى توحيد الناس وإلى إقتناعهم بضرورة أن يحافظوا على أوطانهم وأن ينبذوا المستعمرين وعملاءهم وأمراء النفط.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...