لم يخطئ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، عندما دعا اهالي العسكريين المخطوفين، الى ان لا يكونوا ادوات تشغيل لدى خاطفي ابنائهم من «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، الذين يتلاعبون باعصابهم وعواطفهم، ويستخدمونهم في قطع الطرقات امام المواطنين الذين يقفون مع قضيتهم الانسانية خصوصا والوطنية عموما.
فقضية العسكريين المخطوفين، التي انشئت لها «خلية ازمة»، وتحدث رئيس الحكومة تمام سلام عن اوراق قوة يمكن اللجوء اليها للمقايضة بعناصر الجيش وقوى الامن الداخلي، الا ان ما وقعت به الحكومة او سلطة القرار السياسي، هو تعدد الطباخين، كما في عدم اتباع آلية واضحة، وفق ما يؤكد مصدر وزاري كان من الداعين الى حصر الملف لدى المؤسسة العسكرية المعنية بهم، واعطائها القرار السياسي بتحريرهم بالوسائل والطرق التي تراها مناسبة، وتترك الامر لها، وهي تنسق مع المؤسسات الامنية الاخرى من امن داخلي وامن عام وامن دولة، ولا بأس ان يكون مرجعيتها رئيس الحكومة. عندها يضبط القرار، كما آلية التفاوض، وتتم دعوة الاهالي الى اجتماع توضع امامهم كل المعطيات، ويطلبون منهم ان يسلموا الموضوع الى الدولة المسؤولة عن كل مواطن فيها سواء كان موظفا من ضمن اجهزتها ومؤسساتها او لم يكن.
انما الذي حصل، ان اهالي العسكريين لجأوا الى مراجعهم السياسية والدينية، وهذا حق لهم، لكن ما جرى هو ان بعض الاهالي فتح خطوط اتصال مع الشيخ مصطفى الحجيري ومع مسؤولين في «النصرة» و«داعش» ظنا منهم انهم ينقذون ابناءهم من الذبح، ولكن وقعوا في فخ الخاطفين كما بعض السياسيين، فباتوا يلبون مطالبهم، كما يقول المصدر، وهو ما افقد المرجعية الرسمية دورها وصدقيتها، واصبح الموضوع في التداول الاعلامي كما في التجاذب السياسي، واخرجه عن سريته، مما خلق ما يسمى «بابل قضية المخطوفين»، وهو خطأ جسيم وقعت فيه الحكومة في متابعة القضية التي تحولت الى تبادل اتهامات بين وزراء، وحتى صبغها بالوان طائفية ومذهبية، فدخل عليها العامل المناطقي والطائفي.
فالمطلوب هو سحب قضية المخطوفين من التداول السياسي والاعلامي، كما اخراجها من الشارع الذي بدأ يربك الحكومة، كما شكل مادة تصادم وتنافر بين المواطنين واهالي العسكريين عند قطعهم للطرقات، كما يقول المصدر الذي يؤكد ان التعاطي مع قضية العسكريين، كانت «شوربة» وقد نخسرها اذا لم نبدل اسلوب العمل معها، ونستفيد من تجارب قام بها اخرون، منها المفاوضات التي كان يجريها «حزب الله» مع العدو الاسرائيلي عبر وسيط هو الحكومة الالمانية، كما في قضية مخطوفي اعزاز التي تولاها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، ونجح واوكلت اليه قضية العسكريين وهي معقدة اكثر من قضايا خطف اخرى، لكن يجب وضع آلية تقوم على مصارحة اهالي العسكريين بالعقد التي ترافق قضيتهم، ودعوتهم الى الهدوء والتعقل والمساعدة في تحرير المخطوفين، بعدم الوقوع تحت تأثير ابتزاز الخاطفين، بحيث يكون تحركهم مساعدا للضغط على الخاطفين وليس على الحكومة وتحويل «غضبهم عن آسري ابناءهم وازواجهم الى الدولة».
فاوراق القوة يجب ان تظهرها الحكومة، كما يقول المصدر الوزاري، ومنها اهالي المسلحين الموجودين في مخيمات عرسال وهم بالالاف، ويمكن ان يشكل الحصار عليهم مادة ضغط على المسلحين لاطلاق سراح العسكريين، وهذه الورقة حاول الجيش استخدامها فمنع، فبدل ان يكون اهالي الخاطفين هم اداة بيد المسلحين، فلماذا لا يكون اهالي المسلحين ورقة من الاوراق في ايادي اهالي العسكريين كما الحكومة وهذه الورقة لا يمكن استخدامها اذا لم يؤمن اهل عرسال البيئة الحاضنة لاهالي العسكريين، لا ان يكون بعضهم ادوات بيد المسلحين ويشكلون ممرات لهم لايصال المواد الغذائية والصحية وادوات التدفئة وهواتف للاتصال مع بطاقاتها، وتهريب السلاح والذخائر احيانا، وان قطع طرق الامداد او بعض المنافذ بوجه المسلحين في جرود عرسال ومن يساندهم، هي ورقة ضغط ايضا فاعلة، وهذا الامر يتطلب من فعاليات عرسال ان تساعد فيه، لانها تساعد نفسها اولا بالحفاظ على امنها وامن الجوار.
كثيرة هي اوراق الضغط يقول المصدر الوزاري، لكن اهم ورقة هي التوافق السياسي داخل الحكومة حول هذه الاوراق التي يبدو ان اقواها هي التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري لاقتلاع الارهابيين عند حدود البلدين، ولن يقبل به لا رئيس الحكومة ولا خصوم النظام السوري.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...