لم تكد تنتهي
إعلامياً زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى إسرائيل (أراضينا المحتلة في
فلسطين) خلال الأسابيع الماضية والتي لا تنسجم مع تطلعات الشعب اللبناني ووحدتهم،
حتى برز موقف لافت له هذا الأسبوع طالباً الحوار مع قاطعي الرؤوس وآكلي لحوم البشر.
دعوة البطرك جاءت على
الشكل التالي نذكر حرفيته ليُبنى على الشيء مقتضاه: واحدة فقط تجمعنا بكم هي
إنسانية الانسان. تعالوا نتحاور ونتفاهم على هذا الأساس… انتم تعتمدون لغة
السلاح والإرهاب والعنف والنفوذ، أما نحن فلغة الحوار والتفاهم واحترام الآخر
المختلف… ونسألكم ماذا فعل المسيحيون في الموصل وكل العراق العزيز لكي تعاملوهم
بمثل هذا الحقد والتعدي؟”.
كيف للبطريرك العظيم
الذي يُكرس كما المفترض كافة معاني الإنسانية ان يوجه رسالة سلام الى داعش؟ كيف له
ان يطلب الحوار معهم؟ كيف يجرؤ على ذلك؟
إنسانية الانسان، هي
مجموعة من الدلالات الاجتماعية والأخلاقية التي تحدد قيم وكفاءة الانسان حسب
المتوارثات الفكرية والمجتمعية للفرد او الجماعة في بيئته. ومن الواضح ان هذه القيم
عند الداعشيون لا توحي بأي شكل الى كفاءة تخولهم العيش ضمن جماعات إنسانية بدائية
كانت او متحضرة، ولا تُكَوِن كفاءات تجعلهم قادرين على حوار أساسه الانسان.
والواضح ان جيناتهم تختلف عنا عموم البشر، نحن من ننادي بالأخلاق والمحبة والسلام
والعفة وحب الحياة، والداعشي يمارس القتل بأبشع انواعه ويسرق ويزني ولا يعطي للقيم
والأعراف والقوانين أي معنى.. نحن نخضع للعقل والحكمة وهو يخضع للفطرة الحيوانية
المطلقة التي تتحكم به.
والغريب العجيب، ان
البطريرك يعلم ماذا يجري في الموصل، ونفترض انه، وهو كذلك، على علم بما يقترف
هؤلاء الداعشيون من مجازر وإرهاب وتنكيل بكافة فئات المجتمع الذي يخضع جغرافياً
تحت سلطتهم البربرية، وعلى دراية أيضاً بأنهم يقتلون من دون أي وازع أخلاقي ولا
رادع ديني، يقتلون لمجرد الاختلاف أو حتى لمجرد لذة القتل. (صورة مرفقة بالأسفل نتمنى على الأطفال وأصحاب القلوب الضعيفة عدم الاطلاع عليها).
بعد كل ذلك، يتبين
لنا ان الداعشيون لا يجمعنا بهم شيء، حتى انسانية الانسان ليست القاسم المشترك
بيننا، ولا نستطيع حتى ان نطلق عليهم مصطلح بشر، هم مجرد مخلوقات تدبدب على سطح
هذا الكوكب وقد يكونوا المخلوقات الفضائية التي جاءت لتغزو الأرض. فلماذا وجه
البطريرك الراعي رسالة الحوار الى داعش، وهو يعلم بالأساس انهم لن يستجيبوا لها؟
مصادر خاصة مطلعة،
قالت لنا ان البطريك الراعي وجه هذه الدعوة الى داعش لانه أحس ان المجتمع المسيحي
بدأ يلتف حول حزب الله وينظر اليه كالمخلص، وذكر احد السياسيين على قناة تلفزيونية
ان: “كتائبيون من القاع ومن عائلة مطر شكروا الله أمامي على وجود
حزب الله لأنّه عامل طمأنة على وجودهم المسيحي الحرّ في المنطقة، الناس بدأت تعرف
حقيقة الأمور“. هذه الحقيقة تؤكد مقولة حزب الله الدائمة انه يقاتل في
سوريا دفاعاً عن لبنان ودفاعاً عن المسيحيين والسنة والشيعة مما أثار استياء
مسيحيي 14 آذار وطلبوا التحرك من رأس الكنيسة فجاءت رسالة الراعي وكأنها تقول أن الحوار
أيضاً يمكن ان يحميكم والاقتتال الذي يمارسه حزب الله قد لن يجلب الا الفوضى.
أدهم الحسيني
