تنشط الدول الخارجية باتجاه لبنان من أجل تسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا تلبث أن تُرسل موفدين رئاسيين للقاء المسؤولين السياسيين والضغط عليهم للتوافق على إسم الرئيس. فبعد الموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف، يزور الموفد الرئاسي مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جان- فرانسوا جيرو للغاية نفسها. وقد تتحمّس دول أخرى وتُرسل من يُطالب لبنان بالأمر نفسه.
فبقاء الكرسي الرئاسي شاغراً، على ما يؤكّد مصدر يبلوماسي مطّلع، بات الآن وبعد أكثر من ستة أشهر على الشغور، أمراً ملحّاً وضرورياً بالنسبة لها، لا سيما في ظلّ الخطر المحدق الذي يحيط بلبنان ودول المنطقة بسبب وجود المتطرّفين الذين لا يلبثون يعبثون بالأمن والاستقرار فيها ويقومون بكلّ أنواع الجرائم من قتل وذبح وخطف وتهديد ووعيد.
ويجد المصدر، بأنّ الدول الخارجية حاولت عدم التدخّل في شؤون لبنان الداخلية طوال الفترة الماضية، لكي يختار النوّاب رئيسهم، لكن النتيجة السلبية أظهرت أنّه لا بدّ من أن تتدخّل في هذا السياق من أجل تسريع العملية إذ لا يجوز أن يبقى لبنان من دون رئيس مع مجيء العام الجديد. وتقول بالتالي إنّه ليس من أسباب وجيهة للتمسّك بهذا الفراغ أو ربطه بأي أمر آخر، مثل حلّ الأزمة السورية، أو القضاء على «داعش» وسواه من التنظيمات المتطرّفة، بل يجب السعي من أجل التوافق على رئيس جديد للبلاد، من أجل إيجاد حلول جذرية لما يعانيه لبنان من النزوح السوري، والإرهاب الذي يطال مناطقه الحدودية، وصولاً الى الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها.
وإذا كانت روسيا وفرنسا قد تحرّكتا من أجل تحريك الملف الرئاسي، يشير المصدر نفسه الى ضرورة حصول التوافق الإيراني- السعودي إذ من شأنه تغيير كلّ المعطيات، لا سيما وأنّ كلّ من هذين البلدين بإمكانه أن «يمون» على فريق سياسي معيّن، وإن كان ثمّة شكّ كبير في أن يبدّل رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون رأيه في التنازل عن حقّ المسيحيين في انتخاب الرئيس الأقوى بينهم، إلاّ في حال تمكّن من التعويض عليهم (أي المسيحيين) بتحصيل بقية حقوقهم في قطاعات ومجالات أخرى. علماً أنّ هذا المطلب يبقى أيضاً صعب المنال في الوقت الراهن.
رغم ذلك، يُشدّد المصدر على أنّ الأمور لن تتحلحل ما لم يحمل أحد الموفدين الرئاسيين مبادرة أو تسوية، لأنّ انتظار أن يتوافق القادة الموارنة الأربعة (عون، الجميّل، جعجع، فرنجية) على انتخاب أحدهم لن يحصل ولو بعد سنوات. من هنا، لا بدّ من حصول ضغط إيجابي يصل الى حدّ انتخاب رئيس ماروني توافقي، الأمر الذي لا يـرضي الموارنـة أنـفسهم.
أمّا الأطراف الأخرى من مسلمة ودرزية ومستقلّة، فيسهل توافقها يقول المصدر، على رئيس ماروني ليس من القادة الأربعة، لأنّه لن يكون تصادماً مع أي طرف منها، خصوصاً إذا ما أتى توافقياً، على غرار الرئيس السابق ميشال سليمان الذي تحاشى أن يُغضب أي من الأطراف اللبنانية إلاّ في أواخر عهده.
ويتفاءل المصدر، عندما يروّج الى أنّ عملية انتخاب الرئيس الجديد للبلاد ستحصل قريباً، أو مع بداية العام الجديد، على أن يأتي شخص مقبول من قبل الأطراف المحلية والخارجية، ولا يُشكّل انتخابه أي استفزاز لأي من فريقي النزاع 8 و14 آذار. علماً أنّ الرئيس الذي يدير الأزمة يجعل الأمور تراوح مكانها، ولا يعمل على حلّ أي منها. في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان الى رئيس قوي وحازم يضع النقاط على الحروف، ويُخرج الغرباء عن أرضه لكي يتمكّن شعبه من العيش بأمان وسلام.
ويضيف المصدر بأنّه يكفي لبنان ما عاناه من حروب داخلية بين أبنائه، ولهذا عليه اليوم لملمة جراحه وعدم السماح للغرباء على أرضه مرة جديدة، ولا للمتطرّفين على حدوده بإثارة الفتنة والنعرات الطائفية التي لا تؤدّي سوى الى المزيد من الإشتباكات والمواجهات وفتح المعارك، بهدف الإبقاء على لبنان داخل دائرة التوتّر الأمني في المنطقة. ولا تضع الدول الخارجية إسماً معيناً أو تشترطه، بل تأتي لمعرفة موقف العماد عون، والفريق السياسي الذي يدعم ترشيحه، وإذا ما كان ينوي سحب ترشّحه، لكي تدخل في لعبة الأسماء وطرح الشخص الثاني المناسب بعد عون.
وفي طبيعة الحال، إذا ما انسحب العماد عون لسبب ما أو لتسهيل عملية الانتخاب، فإنّ حقوق المسيحيين في لبنان، على ما يلفت المصدر نفسه، ستبقى مهدورة على مدى العهد الجديد، لا سيما إذا ما توافق الخارج وسمّى إسم الرئيس الجديد للبلاد، وكان هذا الشخص يريد إرضاء الجميع بهدف الوصول الى الكرسي الرئاسي. ولا فرق عندها إذا كان عسكرياً، أو ديبلوماسياً، أو إستخباراتياً ما دام وصوله الى قصر بعبدا تطلّب مجدّداً تدخّل الخارج وفرض اسمه دون سواه
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...