عبثاً نحاول ان نستنتج ما تريده منا الولايات المتحدة: اكثر تشتتاً، ام اكثر تخلفاً، ام اكثر بداوة، ام اكثر عبودية، ام اكثر غرائزية، ام اكثر غباء؟
كاد السناتور جون ماكين ان يقول، بفظاظته المعهودة، كل ما نريده من هذه الثيران ان تعود الى الحظيرة. متى حطمنا اسوار الحظيرة، ودون الحاجة الى كهربة الاسلاك كما كان يفعل الكاوبوي في الغرب الاميركي؟ على كل حال، لا ندري ما اذا كان السيناتور، العزيز على قلب العرب وعلى بعض اللبنانيين، يرفع من شأننا حين يستخدم ذلك التعبير بعدما كاد روبرت كاغان ان يصفنا بالقردة…
اكثر من ذلك حين يتحدث فرانك غافني، وهو كاتب سياسي اميركي وعاشق لاسرائيل، عن تاريخ العرب الذي، في رأيه، صنعه الآخرون. لا بأس ان يغفل عنترة بن شداد او سيف بن ذي يزن. يبتعد عن الحقبة الاسلامية الاولى. يتساءل: «من هم ابطالكم، صلاح الدين الكردي، ام الظاهر بيبرس الكازاكي، ام طارق بن زياد البربري ام محمد علي الارناؤوطي ام نورمان شوارزكوف الاميركي؟».
لماذا يزدروننا الى هذا الحد حين نرى جون كيري يشعر بالغبطة بل وبالكبرياء حين يلتقي نظيره الايراني محمد جواد ظريف و بعدما تمنعت طهران طويلا عن لقاء اي مسؤول اميركي، وحين يكاد باراك اوباما ان يتوسل الى رجب طيب اردوغان الحد من شروطه الهائلة والمشاركة في التحالف الدولي لتقليم اظافر تنظيم الدولة الاسلامية؟
ألا يفترض بنا نحن ان نزدري الاميركيين الذين يتولون، و بأسنانهم، ادارة الكرة الارضية حين نراهم كيف يتساقطون امام قدمي بنيامين نتنياهو؟
وبالمناسبة كان مظفر النواب يتساءل ما اذا كان العرب يتحدرون من آدم ام من شهريار. في نهاية المطاف لاحظ ان يعرب بن قحطان خرج من قبره، كما المجانين، حين شاهد ساقي شهرزاد، مع اننا قتلة المرأة في كل جوانب الفقه، وفي كل جوانب الحياة…
نتابع ما يكتبه المعلقون الاميركيون، ونسأل مراسلين اميركيين عما تريده بلادهم منا اكثر مما فعلناه. من نحن الآن في المعادلات الدولية وفي المعادلات الاقليمية؟ واي دولة من دولنا تقف على عتبة القرن، ولا نقول دخلت في القرن، على المستوى التكنولوجي ام على المستوى الصناعي على الاقل؟ البدوي خلق بدويا لكي يبقى هكذا الى الابد…
البعض يقول ان واشنطن، ولديها مشكلاتها الداخلية المترامية، تتوخى احداث ترتيبات جيوبوليتيكية في المنطقة. لن تتغير الوصاية الاميركية، ولكن يتم توسيع صلاحيات الوكلاء الاقليميين. والمشكلة ان ادارة اوباما وكل الادارات الاخرى لم تتمكن من ترويض الايرانيين بعدما قدمت لهم اغراءات مثيرة، بما في ذلك المضي في برنامجهم النووي، على ان يوافقوا على تفكيك «حزب الله» لان رغبة العرب والاتراك في ذلك قد تفوق رغبة الاسرائيليين..
والمشكلة ايضا ان رجب طيب اردوغان، رجل الايديولوجيا المجنونة والاستراتيجيا المجنونة (لا تنسوا التاريخ المجنون)، يريد اعادة السلطنة العثمانية ليس فقط الى سوريا و العراق وانما الى الخليج ومنه الى مصر، وهو الامر الذي لم يساور خيال حتى عدنان مندريس الذي اعاد الاذان الى تركيا الاتاتوركية وحتى نجم الدين اربكان الذي طالما جاهر بتأثره بافكار سيد قطب وحسن البنا…
ماذا عن الاسرائيليين الذين اذ يرون ان النبوءة التوراتية بخراب سوريا قد تحققت، وبأن شبح الجيش العراقي قد تلاشى او تحطم بعدما كان ابا ايبان يتخوف من تحوّل العراق، بامكاناته البشرية و المادية وحتى الثقافية، الى يابان الشرق الاوسط، يريدون ان يكونوا شركاء مباشرين في كل جوانب الادارة الجيوبوليتيكية للمنطقة. انه النفط و انه الغاز و انه المال ايها السيد شايلوك!
هل تتصورون ان باراك اوباما يقاتل حقا ابا بكر البغدادي؟ لاحظوا تصريحات جون كيري وتشاك هيغل ومارتن ديمبسي. انها الامبراطورية وهي تبدو مضحكة فعلا، فيما يبدو على الارض كما لو ان « داعش» يعمل لحسابها.
حلقة اخرى من مسلسل التفتيت. و لا تحسبوا ان المملكة العربية السعودية بمنأى عن هذه الخطة، من اجل معمارية استراتيجية اذ تحوّل العرب الى حطام و تحول دون قيامتهم، ترسم خارطة جديدة للنفط و الغاز( وغداً الذهب و الاورانيوم) بعدما بدا ان المنطقة لا تطفو فقط فوق الغيب، واسئلة الغيب، ومنذ الحقبة السومرية وحتى الآن، وانما فوق ثروات نفطية ومعدنية لا حدود لها..
انه الكاوبوي يداعب «داعش». الايرانيون يعرفون كيف يلعبون، وان قيل انهم اخطأوا بنشر الحوثيين بتلك الطريقة في اليمن ليسقطوا، دراماتيكيا، بين اشداق القاعدة، او بين بنادق القبائل التي يعاد تأهيلها بالمال و السلاح. الاتراك ، والمقصود تحديدا الاردوغانية التي حلت محل الاتاتوركية، لا يتقنون اللعب (طوال تاريخهم). ارنولد توينبي هو الذي قال ان العثمانيين يذهبون حيثما تذهب خيولهم..
حتى الاثيوبيون على الخط. ماذا يعني اقتطاع تلك الكميات من مياه النيل. لدى هنري كيسنجر الحل: ايها المصريون ان مستقبلكم حول انهار النفط في ليبيا لا حول نهر النيل في الدلتا…
ولتكن ليلة الامبراطور والخليفة. من زمان لم تعد الشمس تشرق من الشرق!
لماذا يهدّد الروس العالم بالسّلاح النووي؟
كان الخطاب الذي أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الاحتفال بضمّ الأقاليم الأربعة إلى روسيا بمنزلة استكمال للخطاب السابق الذي...