مع امتداد “الدولة الإسلامية – داعش” وتوسع نفوذها ما بين سوريا والعراق، بات البعض يتقصّد الخلط ما بين الأحزاب والمقاومات الإسلامية وبين التنظيمات التكفيرية، تحقيقاً لمآرب سياسية “خبيثة”.
وأمام هذه المقاربة الخاطئة، وغير الجائزة أصلاً، تطرح جملةٌ من الأسئلة: ما الفرق بين حزب الله و “داعش” من حيث التأسيس؟ وما الفرق في التعامل مع الآخر والتعاطي معه؟ وما الفرق أيضاً بين الحزب المقاوم والتنظيم الإرهابي المتطرف من حيث الاستراتيجية والأهداف البعيدة الأمد؟
الفرق بين حزب الله و “الدولة الإسلامية” من حيث التأسيس
الخبير في الجماعات الاسلامية واستاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية الدكتور احمد موصلي يرى أن “المقاومة الإسلامية في لبنان وجدت بالأساس لقتال الاحتلال الإسرائيلي وصد عدوانه “. فمشروع حزب الله هو مشروع الأمة المقاومة وخلق الردع و بناء “توازن القوة” مع العدو الصهيوني”.
أما “داعش” أو “جبهة النصرة” أو “القاعدة” أو أي تيار تكفيري آخر، فيقول الدكتور موصلي في حديثه لموقع “العهد” الإخباري” إن “فكرة تأسيسها تقوم على مفهوم الوصول الى السلطة عبر قتل وإقصاء كل فرد يصنف على أنه “غير مسلم” أو “مسلم مغرر به” أو حتى “مرتد”، مسلم ترك الإسلام.
نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي، يشدد بدوره، على أنه “لا يمكن إطلاق كلمة “رجل سياسي” على من يعتبر أن حزب الله هو النموذج الشبيه لـ “داعش” في المنطقة. ويرى في هذا السياق أن “الاختلاف بين الاثنين (داعش وحزب الله) لا يمكن مقاربته بأي مفهوم. فالخلاف أعمق من عقائدي والنهج المتبع”، فالقياس والمقارنة، بنظر الفرزلي، غير جائزة أصلاً.
ويشرح نائب رئيس مجلس النواب السابق مفهومه لسبب تأسيس الطرفين بأن “حزب الله مشروع المقاومة في لبنان في وجه العدو الصهيوني وبدأ مقاوماً للاحتلال واستمر بذلك، واليوم يجهز للتصدي لأي عدوان مرتقب”.
أما “داعش“، فيقول الفرزلي في سياق حديثه لموقع “العهد” الإخباري إن مشروعهم قائم على التكفير وعدم الاعتراف بالآخر وحرمانه من حرية الاختيار في الشأن الديني أو السياسي حتى لو كان مسلما “.
الفرق بين حزب الله و “الدولة الإسلامية” من حيث التعاطي مع الآخر
وعن العلاقة مع الآخر يرى الفرزلي أن الفرق شاسعٌ جداً، يمكن رؤية هذا الفرق بمجرد النظر الى الدور الذي يتفاعل معه حزب الله في لبنان. ويوضح ان ” علاقة حزب الله مع الآخر قائمةٌ على مبدأ الانخراط في المجتمع، والعمل السياسي، فحزب الله دخل، الى جانب كل اللبنانيين، الى البرلمانات والوزارات”. ويضيف في صدد تأكيده للمفارقة أن للحزب مؤسسات وجمعيات رسمية تتعاطى مع كافة المواطنين وتتعامل بالتفاوض والحوار”. أما “داعش فلا يوجد عندهم آخر، ولا يقبلون بأي رأي أو فكر مرادف او بديل”.
موقف نائب رئيس مجلس النواب السابق يتجانس الى حد كبير مع الخبير في شؤون الجماعات الاسلامية الذي يرى أن “حزب الله يتعاطى مع المجتمع ككل، بكل فئاته وأطرافه حتى التي يوجد خلاف سياسي معها”. ويضيف في حديث لـ “العهد” أن “الحزب لا يلجأ الى التكفير أو التلزيم العقائدي والديني رغم معتقداته الخاصة”. ويستشهد موصلي على ذلك بدليل مشاركة حزب الله في الحكومة والبرلمان، غير الإسلامي، وتحالفاته السياسية مع أطراف من ديانات أخرى أو حتى علمانية.
أما فيما يخص “داعش“، فيؤكد موصلي أنه “هو بالأساس من يرفض الآخر، ويسعى الى تقسيم الآخرين أعداءه طائفياً ومذهبياً ومناطقياً”. ويضيف “ان “الدولة الإسلامية” ترفض الدخول في تحالفات، حتى التي تقاربها في التفكير (جبهة النصرة والجماعات المتطرفة)، وتسعى لبناء منطقة مستقلة منفصلة بحد ذاتها عن كافة الاقاليم الاخرى.
الفرق بين حزب الله و “الدولة الإسلامية” من حيث المشروع الاستراتيجي
من حيث المشروع الاستراتيجي، يجمع الخبير في الجماعات الاسلامية ونائب رئيس مجلس النواب السابق على أن “مشروع حزب الله هو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ودرأ الخطر الصهيوني والتكفيري عن لبنان“، ويضيفان ان الحزب الذي يجهد في الاستعداد والتجهيز لخلق “توازن الرعب” مع العدو”، يحرص ايضاً على إشراك الآخرين بمشروعه وإقناعهم بصحة مفهوم المقاومة عبر الحوار وعرض تاريخه والوقائع”.
أما “داعش“، التنظيم الإرهابي، فيشدد موصلي والفرزلي على أن مشروعه ليس مقاومة “إسرائيل” بالدرجة الأولى، بل رسم خريطة سلطة “الدولة الإسلامية” الى حيث ينتشر الإسلام”، من جهة، وزرع فكر متطرف جديد في المنطقة من جهة اخرى. ويريان في مشروع “داعش” توافقا مع المشروع الأميركي – الإسرائيلي القائم على خلط أوراق المسلمين وإشغالهم بمشاكل داخلية، وإزاحة بوصلتهم عن قضية المسلمين المتجلية بالقدس الشريف والأقصى المبارك.