رفيعا الى روسيا يضم وزير الخارجية وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد والمستشارة
الرئاسية بثينة شعبان. وفور وصوله الى سوتشي استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الوفد السوري، وهذا نادرا ما يحصل لأن وزير الخارجية سيرغي لافروف هو الذي يلتقي
عادة نظرائه وزراء الخارجية. في الشكل والتوقيت، تبدو الزيارة السورية الى روسيا
مهمة واستثنائية، أما في المضمون فإنها تتمحور حول «المبادرة الروسية» التي تحولت
في الآونة الأخيرة الى عنوان رئيسي في الأزمة السورية أضيف إلى العنوان الآخر وهو
الحرب على «داعش»، والتي أنتجت وحركت مسارا سياسيا للأزمة بموازاة المسار العسكري.
تنطلق المبادرة الروسية من مؤتمر «جنيف 1» لإنعاشه وإحيائه، أما «جنيف 2» الذي
أثير فيه مصير الأسد، فقد تجاوزته الأحداث.
وتهدف المبادرة الى وضع الحل السياسي على السكة في ظل بقاء الأسد ومع استمرار
سلطته على الجيش والأمن، وهذا الحل السياسي يتمحور حول فكرتين: قيام حوار بين
النظام والمعارضة «المعتدلة»، موسكو مستعدة لأن تستضيفه وترعاه، وتشكيل حكومة
انتقالية توزع مقاعدها مناصفة بين النظام والمعارضة على أن يكون لرئيس النظام
الوزارات السيادية (الدفاع والداخلية والخارجية).
وما تريده موسكو من وراء هذه المبادرة وتهدف إليه:
ـ الذهاب الى العملية السياسية حول الأزمة السورية على الرغم
من الاشتباك الديبلوماسي مع الأميركيين بشأن أوكرانيا، تأكيدا للقدرة على فصل
الملفات ولاستعادة المبادرة السياسية والديبلوماسية في الملف السوري.
ـ تعبئة حالة الفراغ السياسي الذي بدأ مع انهيار «جنيف 2»
وتعمق نتيجة تضعضع الموقف الأميركي من الأزمة السورية بشقيها ووجهيها: تنظيم «داعش»
ونظام الأسد.
ـ اقتناص اللحظة الدولية ـ الإقليمية المستجدة مع اقتحام «داعش» للمسرح والصدمة
التي أحدثها بسيطرته على مناطق واسعة في العراق وسورية والرد الدولي الذي أنتج
تحالفا موضوعيا مع إيران، والواقع على الأرض في سورية حيث كانت المعارضة المعتدلة
أبرز الخاسرين والمتضررين.
وفي حين أبعدت موسكو أو أبعدت نفسها عن التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، فإنها
تقصدت الاطلالة من الباب السياسي مقدمة نفسها في دور الوسيط بين النظام والمعارضة.
أما موقف القيادة السورية من المبادرة الروسية، فإنه يتلخص، حسب مصادر
ديبلوماسية مطلعة بالنقاط التالية:
1 ـ النظام السوري، في عمقه وقرارة نفسه، غير مقتنع بالمبادرة
الروسية وغير متحمس لها، ولا يرى أنها جاءت في وقت مناسب، كما لا يرى أنها قابلة
للتنفيذ، لكن تحفظه لا يخرج الى العلن وسيكون تعاطيه مع موسكو على قدر واف من
«المرونة والمسايرة».
2 ـ لن يكون النظام سببا لإعاقة أو عرقلة المبادرة الروسية،
ولا يجد نفسه أمام تحمل مثل هذا الجهد والعناء، لأن واقع المعارضة كفيل بذلك مع عدم
وجود معارضة على الأرض فاعلة ومؤثرة وموحدة، قادرة على التفاوض وإبرام اتفاقات
وتنفيذها. وسيكتشف الروس أن الرفض سيأتي من الائتلاف المعارض للأفكار الروسية لأنها
تخلو من مبدأ «رحيل الأسد»، وأنهم غير قادرين على إقناع المعارضة. أما الذين تتحدث
معهم موسكو مثل معاذ الخطيب وقدري جميل فإنهم لا يمثلون ولا نفوذ لهم على الأرض.
3 ـ دمشق مطمئنة الى الموقف الروسي والى نقاط أساسية مشتركة
تجمعها مع موسكو وخصوصا لجهة:
? التمسك ببقاء الرئيس بشار الأسد (بوتين أكد للمعلم تصميمه
على تعزيز العلاقات مع سورية ورئيسها).
? أهمية الجيش السوري وبقائه متماسكا وعدم تكرار تجربة الجيش
العراقي.
? الأولوية المطلقة لمحاربة الإرهاب، وهي تتقدم على الحل
السياسي وتفتح الباب له. وتلتقي دمشق وموسكو على أن خطر الإرهاب هو العامل الرئيسي
الذي يحدد كيفية تطور الأحداث في المنطقة.
4 ـ النظام السوري ليس على أجندته الحالية بند «الحل السياسي»،
وإنما بند واحد هو تكريس بقائه ودوره من باب الحرب على الارهاب، إذا تحول الى شريك
غير معلن في الحرب على «داعش» واستطاع من خلال تعاون أمني واستخباراتي مع الولايات
المتحدة فتح باب تقارب وقنوات اتصال معها وكسر الحظر واستعادة جزء من شرعيته
الدولية المفقودة.
بشار الأسد وفدا رفيعا الى روسيا يضم وزير الخارجية وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان. وفور وصوله الى سوتشي استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوفد الس” itemprop=”description”>