المجموعات الارهابية تفرض شروطها وتواصل ابتزازها.. وهي التي ترسم الخط البياني لاي مفاوضات تهدف الى المقايضة بين العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى منظمتي «داعش» و«النصرة»، فيما الحكومة ما تزال تتخبط بالعشوائية في معالجة الملف، وتنحو الى الرضوخ لمفاوضات من دون قيد او شرط وبـ «وساطة داعشية» تمثلها هيئة علماء المسلمين، التي تقدم نفسها كجهة صالحة للوساطة، علما ان تجاربها التفاوضية السابقة التي ارتكزت الى سياسة الابتزاز التي تمارسها القوى الارهابية على الدولة، لم تُثمر الا عن عمليات اغتيال واعدام بشعة لعدد من العسكريين.
هذا ما تقرأه اوساط في قوى الثامن من آذار، التي ترى في استراتيجية بعض من في الحكومة انه ينطلق في تحركاته ومواقفه في ملف العسكريين المخطوفين لدى المنظمتين الارهابيتين «داعش» و«النصرة»، انطلاقا من الحفاظ على الحالة الارهابية، طالما انها تقاتل عدوه الممثل بـ «حزب الله»، والاستفادة من حالة «الارباك» التي تسببها لحزب الله، ولسوريا، من خلال الوان كانت هذه الرؤية تتعارض مع المصلحة الوطنية التي تحمل اسمها حكومة الرئيس تمام سلام، وتسأل الاوساط، هل يعقل ان تعجز الدولة بكل مؤسساتها، عن انهاء حالة ارهابية لا يتجاوز عديدها الالفي مسلح، يتمركزون في بقعة جغرافية محاصرة في جرود عرسال؟ وما هي الدوافع والغايات التي تقف وراء سياستها التي تحاصر الجيش وتجعله مكبلا من التحرك، لحسم الوضع كما جرى في عاصمة الشمال طرابلس؟
وترى الاوساط، انه لن يكون هدف المجموعات المسلحة المتمركزة في جرود عرسال، الافراج عن معتقلين وموقوفين في سجن رومية، وحتى ولو وصل الامر الى اطلاق معتقلين من السجون السورية، فان الامر سيبقى في اطار المناورة للاستمرار في تكبيل دور الجيش اللبناني ووضع عراقيل امامه في حال اتجه نحو الحسم العسكري، والابقاء على خط الامداد التمويني والطبي والغذائي لها، عبر خط عرسال، فلا مصلحة للارهابيين بانهاء الحالة العسكرية المفروضة على منطقة الجرود، ولا بانهاء «عسكرة» المنطقة، طالما انها تشكل حالة قلق وتوتر دائمين للداخل اللبناني، وتضيف، حتى ولو تمت اي صفقة مقايضة بين العسكريين من جهة والموقوفين الاسلاميين والمتورطين في عمليات تفجير ارهابية، فان الثمن سيكون مرتفعا جدا، فيما لا يمكن استبعاد ان تقوم هذه القوى بعمليات اختطاف جديدة للعسكريين، للتأسيس من جديد لمرحلة جديدة من التوتير، عبر جبهة عرسال.
وترى الاوساط نفسها، ان الجيش اللبناني، حين سُمح له بالحسم العسكري في طرابلس انطلاقا من مهمته الوطنية ومسؤولياته وعقيدته في محاربة الارهاب وضرب كل ما من شأنه ان يهدد الامن الوطني اللبناني، وقبلها في عبرا من خلال تصفية الحالة الاسيرية التي فرضها حجم الخسائر التي الحقتها مجموعات الاسير بعد الهجوم المباغت على مراكزه والياته، لجأ «تيار المستقبل» الى «التطنيش»، طمعا باستعادة نفوذه في عاصمة الشمال طرابلس، واستعادة بعض من جمهوره «السابق» الذي كان التحق بالاسير.
وتقول : حتى اليوم، لم يعرف احد من الحكومة، لماذا ظهرت المبادرة القطرية، عبر وسيط مقرب من المجموعات الارهابية، ثم انكفأت لتطل «هيئة علماء المسلمين» المقربة من «داعش» و«النصرة» لتتولى ملف التفاوض، فيما الهيئة تمارس ابتزازاً هي ايضا على الحكومة، حين تشترط للدخول في المفاوضات تفويضاً رسمياً من الحكومة، والتسليم بمبدأ المقايضة ومن دون شروط، وتتحدث الاوساط، عن معلومات تشير الى ان الهيئة ادرجت في اجندة مفاوضاتها اطلاق كافة الموقوفين المتهمين باعمال تفجير ارهابية حصدت المئات من الشهداء والجرحى في تفجيرات طالت الداخل اللبناني وتركزت على مواقع ودوريات الجيش اللبناني. فيما اللافت ان الوسيط القطري نجح في مهمته الاساسية، التي قد تكون هي التي استدعت قيام المبادرة القطرية المبتورة، حيث ذكرت اوساط متابعة ان الوسيط القطري نجح في مفاوضة الارهابيين، لاطلاق سراح احدى الموقوفات القطريات، وتم نقلها الى بلادها عبر مطار بيروت، فيما الدولة بكامل اجهزتها تتفرج على «الحركة الديناميكية» للوسيط القطري، وهو يتنقل من بيروت الى جرود عرسال، وبرعاية وتسهيلات من الحكومة.
وتلفت الى ان البعض يُصوّر «هيئة علماء المسلمين»، المعروفة بارتباطاتها الاقليمية، من خلال دولة مؤثرة وفاعلة لدى القوى الارهابية وبخاصة «جبهة النصرة» و«داعش» على انها «كاريتاس» الاسلام، التي سخرت نفسها لخدمة القضايا الانسانية، لكن ما لم يُقنع اللبنانيين بالصورة الانسانية التي تحاول الهيئة تسويقها لنفسها، «البراءة» التي قدمتها للنساء الارهابيات اللواتي اوقفهن الجيش اللبناني على خلفية تورطهن بملفات امنية خطيرة، فالمناورة التي اثمرت عن تولي هيئة علماء المسلمين التفاوض، على اثر انسحاب مبرمج للقطريين الذين سحبوا مبادرتهم، اطاحت بما تبقى من الدولة والمؤسسات.
وتخلص الاوساط الى اعتبار ان الحكومة اعلنت افلاسها في ملف العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى القوى الارهابية، وخصصت الوضع الامني الناتج عن العمليات الارهابية القادمة من جرود عرسال، الى جهات دينية علاقتها بها «متل السمن ع العسل»، لتتولى «هيئة علماء المسلمين» ادارة ملف سيادي بامتياز، حين يرتدي الامن اللبناني جلبابه الديني .. يكون البلد قد بدأ يلفظ انفاسه الاخيرة.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...