أربع سنوات من المفاوضات وأربع رسائل مِن الرئيس الأميركي باراك اوباما لم تفلح في إقناع المرشد الإيراني علي خامنئي بقبول اتفاق شامل مع الدول الكبرى كاد يفتح أبواب الغرب امام طهران. الفشل هو بالدرجة الأولى إضاعة
إيران فرصة نادرة، وينذر بإعادة عقارب الساعة الى الوراء، نحو التشدد والعقوبات على الجمهورية الاسلامية.
الكثير سيكتب حول مفاوضات
فيينا وبنود “هيكلية اتفاق” لم يتم و”اتفاق شامل” رهن أوباما شرعيته الخارجية وأجندته الشرق الأوسطية بنجاحه، ولم يترجم عمليا بسبب اصرار ايران على رفع العقوبات فور الالتزام بالاتفاق، ورفضها توقيع اتفاق طويل الامد يستمر أكثر من 15 عاما.
وتلخص تغريدة السفير الفرنسي في واشنطن جيرارد آرود على موقع “تويتر” اليوم واقع المفاوضات والحائط التي اصطدمت به. يقول السفير: “بالنسبة الى
إيران فإن التوصل الى اتفاق يشكل خسارة لآخر علامة ايديولوجية للثورة ويمس بأساس النظام”. فبرفض التنازلات للغرب اختار خامنئي الجناح المتشدد وقضى فعليا على اي مساحة لوزير الخارجية جواد ظريف لتقديم تنازلات في
فيينا يرى “الحرس الثوري” انها تقوض السيادة الإيرانية بفتح المنشآت النووية امام التفتيش، وارسال اليورانيوم لتخصيبه الى روسيا. وكان المضي بالاتفاق الشامل سيعني الانفتاح الإيراني على الغرب اقتصاديا واجتماعيا، وسينهي بذلك ذريعة المتشددين الذين ينددون منذ 1979 بـ “الشيطان الأكبر” الاميركي. ومن المعروف ان الجناح المتشدد في ايران هو من يشرف على البرنامج النووي وليس المعتدلين والمقربين من الرئيس حسن روحاني.
ومن هنا ستكون أولى عواقب فشل الوصول الى اتفاق شامل تقوية الجناح المتشدد في
إيران وأيضا الأطراف الذين يساوونه تشددا في اسرائيل والولايات المتحدة. فالحديث عن العقوبات بدأ يعود أميركيا مع تولي الجمهوريين رسميا مطرقة الكونغرس في 20 كانون الثاني (يناير) في مجلسي الشيوخ والنواب.
ويعيد الفشل احياء الحديث عن الخيار العسكري الذي قد تمضي به اسرائيل بعد اغلاق النافذة الديبلوماسية، وهو ما لوحت به صحيفة “جيروزاليم بوست” السبت الفائت. وسيحاول أوباما احتواء المسارين من خلال حض الكونغرس على عدم فرض عقوبات جديدة وايضاً باستمهال اسرائيل والضغط عليها لعدم تنفيذ ضربة عسكرية خلال وجوده في السلطة، خشية ان تجر المنطقة والولايات المتحدة الى الحرب.
وسيرتأي البيت الأبيض تخفيف تداعيات الفشل قدر الإمكان لتفادي اي تصعيد إقليمي والاقرار بانتكاسة خارجية من دون تحويلها الى كارثة او جعلها تؤثر على الحرب ضد “داعش” في الساحتين العراقية والسورية. أما الكونغرس الذي يعد لمواجهات قانونية وتشريعية مع أوباما، فما من ضمانات بانه سيخضع لمطالب البيت الأبيض في السنتين الاخيرتين من عهد أوباما، لا بل قد يستخدم ورقة العقوبات ضد ايران لنيل تنازلات في أمور داخلية مثل قانون الهجرة او الإصلاح الضريبي. وتشكل الساحات المشتعلة في المنطقة المحور الأكثر تأثرا بفشل الاتفاق وبعودة المتشددين مع انتهاء “ليالي الأنس في
فيينا“.