يوما بعد يوم تتخذ ازمة العسكريين المخطوفين بكل امتداداتها السياسية والعسكرية والامنية ابعادا تصعيدية تقول مصادر متابعة للملف اتت تطغى في جانب منها على الازمات المتراكمة رئاسيا وانتخابيا وحياتيا، متحولة الى جرح نازف، تغذيه المزايدات والتكاذب السياسي والطائفي والمذهبي والكيل بمكيالي انعدام الثقة واختلاف الأجندات التي ترعى عمل الحكومة، المطوقة والمحاصرة بجملة لاءات، شلت قرارها وحركتها وجعلتها عاجزة عن الفعل كما عن رد الفعل، من رفض التفاوض مع الخاطفين حفاظا على الهيبة، مرورا باستحالة الحل العسكري لغياب الامكانات وخوفا على حياة العسكريين،وصولا الى رفض المخرج القضائي ولو من منطلقات عادلة، وسط تهديد «داعش» بتصفية العسكريين في اطار سياسة «قطع الرؤوس» ما لم تلب مطالبها سريعا، ما سبب في إفقاد الوسطاء المحليين والاقليميين رغبة الدخول على خطوط حل الأزمة.
فالتنازل من قبل الدولة تضيف المصادر سيدفع تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، الى المطالبة بالمزيد من التنازلات، ما سيحرج الحكومة ويضيق من هامش حركتها ومناورتها، واضعا اياها بين حدي التضحية بهيبتها عبر التسليم بمطالب الخاطفين وإما التضحية بالعسكريين المخطوفين للحفاظ على سيادتها، علما ان ادارة الملف اعلاميا وشعبيا من قبل المسلحين زاد من حال الإرباك الحكومية، من هنا رأت المصادر المطلعة ان الحل الانسب يتمثل في التجاوب مع بعض مطالب الخاطفين، عن طريق «تشريع» إطلاق سراح عدد من الموقوفين الإسلاميين، الذين سبق أن دُرست ملفاتهم، دون ان تشمل الأسماء الكبيرة التي تشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار، معتبرة ان الجهات الخاطفة تستغل الى ابعد الحدود مشاعر الاهالي وتحركاتهم للضغط على الحكومة، من خلال اظهارها جدية تهديداتها، ولايجاد شرخ بين الجيش اللبناني وحزب الله من جهة، وبين السنة والشيعة من جهة ثانية، وهو ما بدأ يطل برأسه عبر بوادر انقسام بين اهالي المخطوفين على اساس مذهبي.
واكدت المصادر ان الدولة اللبنانية التي تنسق مع دول اخرى فاعلة ومؤثرة تحرص على عدم الكشف عن طبيعة مطالب الخاطفين البعيدة بعض الشيء عما يروج في الاعلام، مشددة على ان بعضها قابل للتحقيق في ما لا يبدو البعض الآخر كذلك، مشيرة الى ان العمل جار على خطوة قد تسهم في خلق اجواء ايجابية لاطلاق المخطوفين جميعا، مشددة على اهمية الدور الذي تضطلع به تركيا وقطر في اطار وساطتهما البعيدة من الاضواء.
ففي وقت قرر مجلس الوزراء توسيع خلية الازمة الوزارية بضم وزير المال اليها ،اكد مصدر وزاري ان سقف المداولات في مجلس الوزراء تراوح بين رفض اجراء تنازلات على حساب الدولة التزاما برؤية رئيس الحكومة، واعتبار بعض الوزراء ان لا مفر من الاستجابة لمطالب الاهالي وتقديم تنازلات وفق آلية محددة لتحرير الاسرى والحفاظ عليهم احياء، دون المس بهيبة الدولة، فيما شدد وزراء 8 آذار على ان المخرج، استنادا الى السوابق المماثلة، هو في مطالبة قطر وتركيا بالضغط على الجماعات المسلحة لاطلاق سراح العسكريين المحتجزين، مشيرا الى ان الرئيس سلام وضع مجلس الوزراء في اجواء المعطيات المتوافرة دون الغوص في التفاصيل، نظرا لدقة الوضع وحساسيته لجهة واقع الاهالي وصورة الدولة.
المصدر الوزاري الذي لفت، الى خطورة الوضع ، الذي تفترض تعاطيا جديا مع الملف بعيدا عن المزايدات هو السبيل الوحيد لتجنب حصول الفتنة أمام مشاعر الغضب والإستفزاز، مؤكدا أن الحكومة ماضية في القيام بمهامها وفي تكليف الأجهزة المعنية عند اللزوم، مدركة في الوقت نفسه أن اي شرارة لإحداث الفتنة لا يمكن ان تنتظر أحداً في حال اتخذ القرار، لذلك تبقى الآمال معلقة على الإحتكام الى المنطق والتمييز بين ما يمكن للسلطة السياسية إنجازه وبين ما يفوق طاقاتها لا سيما إذا كانت المسألة تتصل بالتعاطي مع مجموعات إرهابية لا هدف لها سوى زرع بذور الفتنة، واشارت المصدر الى ان الجهات القضائية رفضت رمي الكرة في ملعبها لأن أحكام مبرمة صدرت عنه ، ولان العفو يتطلب توقيع عدد من الوزراء ورئيس الجمهورية، جازما بان الوزراء يجهلون فعليا من هي الجهة الرسمية التي تقوم بالتفاوض مع الخاطفين، بما أنه لم يصدر قرار واضح عن مجلس الوزراء بتحديد هذه الجهة، كما أنهم لا يعلمون عدد الوسطاء الذين دخلوا على خط التفاوض بين الدولة والارهابيين، معتبرين أن «أبو طاقية» ليس وحده المعني بهذا الأمر، كاشفا ان مسؤولا امنيا قطريا رفيع المستوى سيصل الى بيروت خلال الساعات القادمة على ان ينتقل الى جرود عرسال للقاء الخاطفين حاملا معه مبادرة بقيت بنودها سرية.
في هذا السياق، تقول المصادر المتابعة للملف انه مع استمرار الحرب النفسية التي يشنها تنظيما «جبهة النصرة» و«داعش» وتوالي إرسال شرائط الفيديو ، يبدو أن التطمينات الحكومية لم تعد تستطيع إقناع الأهالي الغاضبين والقلقين من إمكان تكرار ما حصل للشهيد السيّد في أي لحظة لغيره من العسكريين، في ظل المماطلة الرسمية المتمادية والممنهجة، ومضي بعض اللبنانيين في الانسياق الى هذا المخطط ،ما قد يسبب بانفجار الاوضاع، وسط الكلام عن اعادة تشكيل الوية مسلحة على غرار تلك التي تشكلت مع اختطاف الزوار الشيعة في اعزاز ،اذا ما طال حل ملف العسكريين ، حيث باتت الابواب مشرعة على كل الاحتمالات بحسب الاهالي، المتوعدين بانهم لن يتحملوا مسؤولية ما قد يحصل.
فعلى الطريق من عرسال الى فنيدق ألف سؤال وسؤال، ليس عن «التصفية» في حد ذاتها بل عما بعدها، في ما يتعلق برفاق ما زالوا في الاسر. وأحدث معطى في هذا المجال ما كشفته المصادر عن عودة «ابو مالك التل» لاستلام ملف التفاوض، في نفي واضح لما نشر عن مقتله في كمين نوعي إستهدف رتلا عسكريا من عشرين سيارة رباعية الدفع كان متجها من جرود عرسال إلى داخل القلمون عند منطقة «الجرجير»، وبعد تسريب معلومات لم تتأكد عن تكليف رأس التنظيم ابو بكر البغدادي عبر القيادة الهرمية لـ «داعش» في منطقة ريف دمشق الغربية ابو الحسن السوري ببسط سيطرته على منطقة جرود القلمون، مشيرة الى ان الوسطاء حاولوا ليل الاربعاء – الخميس الافراج عن عسكري من آل مشيك يعاني من وضع صحي الا ان النصرة رفضت وأبلغتهم أنها أمنت له كل ما يلزم، مؤكدة انها لن تفرج عن عسكريين جدد الا في إطار عملية تبادل ، وقد تبلغ الوسطاء من «ابو مالك» انه يطالب بـ 15 موقوفا اسلاميا في مقابل كل عسكري مخطوف ولن يتقدم بلائحة أسماء قبل موافقة الحكومة اللبنانية على مبدأ التبادل، علما ان التنديد الضمني بحرق راية «داعش» في الاشرفية في البيان الصادر عن اجتماع المطارنة الموارنة، واعتذار الاهالي عما حصل، حسب مطالب «النصرة»، كان يفترض اطلاق الاسرى المسيحيين من العسكريين.
عليه تبقى قضية التبادل في دائرة التعثر خصوصا بعدما تبين أن ما طرح من تبادل دونه اعتراضات سياسية وعقبات قانونية، ما يطرح السؤال: ما هو مسار التفاوض؟ وما هو مصير العسكريين المخطوفين؟ هل ستبقى الحكومة عاجزة عن حل هذا الملف؟ ام ان حياة العسكريين ستبقى عالقة بين عجز حكومي ومزايدة سياسية شعبوية؟ ماذا لو فعلها الارهابيون واكملوا مخططهم الشيطاني؟وكيف سيضبط حينها الشارع الذي «يغلي» اساسا؟
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...