تتلطى الطوائف والمذاهب وراء شعارات طائفية يدفعها اليها النظام السياسي القائم على الطائفية، والذي تسبب بأزمات داخلية وحروب اهلية، كلفت لبنان اكثر من مئتي الف قتيل ومئات آلاف الجرحى والمعوقين، وآلاف المفقودين والمخطوفين، وعمليات تهجير وتدمير للمدن والقرى والبنى التحتية، قدرت بمئات مليارات من الدولارات.
ولا يمضي وقت غير قصير حتى يقع اللبنانيون في ازمة وطنية تضعهم على حافة الانفجار الامني والاحتراب الداخلي، ولم يستفيدوا من سنوات الحرب الاهلية التي عاشوها، وانتهت بتسوية داخلية رعتها دول خارجية انتجت اتفاق الطائف الذي ارسى اصلاحات للنظام السياسي، وفي طليعتها إلغاء الطائفية السياسية التي هي علة لبنان، كما تصفها مصادر سياسية مستقلة، وتحمّل الطبقة السياسية الحاكمة والتي تتداول السلطة مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع منذ ما بعد وقف الحرب الاهلية، اذ لم تقدم على وضع الاصلاحات موضع التنفيذ، ومنها قانون انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي وعلى اساس النسبية وتوزيع للدوائر تكون المحافظة نواتها او لبنان دائرة انتخابية واحدة.
فالسنة في لبنان بعد الاستقلال كانوا يشعرون بالغبن من طغيان «المارونية السياسية» وتفلت رئيس الجمهورية من ضوابط دستورية، فكان رئيس الحكومة «باشكاتب» لديه كما تقول المصادر، لذلك تم طرح المشاركة في الحكم، بعد صيغة عام 1943 بين الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح، حيث شكل الميثاق راحة للموارنة ان لبنان لن يضم الى سوريا كما كان المسلمون يطالبون، وتنازلوا عن مطلب الوحدة السورية، مقابل ان يتخلى الموارنة عن التطلع الى الغرب واقتلاعهم من محيطهم القومي والعربي، الا ان صيغة الحكم اختلت فيما بعد، ولم يعد الميثاق يحمي لبنان الذي تأثر بلعبة المحاور الخارجية فوقع الخلاف بين طرفي صيغة العيش المشترك فرفع المسلمون على حدّ قول المصادر شعار الغبن وطالب السنة بالمشاركة الفعلية في السلطة، في وقت كان الشيعة بقيادة الامام موسى الصدر، يقدمون انفسهم على انهم «محرومون» مستندين الى اوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية في الجنوب والبقاع واحزمة الفقر في ضواحي بيروت التي نزحوا اليها، بسبب الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب، والازمات الاقتصادية والاجتماعية.
بين الغبن والحرمان عند الطائفتين السنية والشيعية، كان كمال جنبلاط يترأس حركة وطنية من احزاب يسارية وقومية وشخصيات مستقلة، يطرح برنامجا مرحليا لاصلاح النظام من ابرز بنوده الغاء الطائفية السياسية، حيث كان يتطلع الى رئاسة الجمهورية التي يحرمه منها النظام الطائفي.
فتحت سقف النظام السياسي كان العمل لتطويره، الا ان ظروفا اقليمية ودولية، حرفت المطالبة بالإصلاح، ليتقدم عليها الوجود الفلسطيني المسلح، وتداخلت عوامل خارجية بحسب المصادر، على الازمة اللبنانية لتنتهي باتفاق الطائف الذي لم يطبق وقد مضى عليه نحو 25 سنة، حيث اظهر النظام السياسي عجزا عن اصلاح نفسه، وفشل اهله في ان يأخذوا لبنان الى بر الآمان والامن، وهو مهدد باستقراره وسلمه الاهلي، اذا لم يتنبه المسؤولون الى ضرورة الاسراع في تحقيق الاصلاحات، وتخشى المصادر ان لا تكون المرحلة المقبلة يمكنها استيعاب اجراء هذه الاصلاحات، لان الاوضاع السياسية والعسكرية تتطور باتجاه انظمة دينية، كطرح «الدولة الاسلامية» من قبل تنظيم «داعش» الذي فرض نفسه في المعادلات الاقليمية والدولية، مع مبايعة قوى اسلامية له في اكثر من دولة.
ولقد بات شعار «مظلومية اهل السنة والجماعة» هو السائد في لبنان كما في دول اخرى، تضيف المصادر، وهذه المظلومية تتأتى وبحسب المروجين لها من «الداعشيين» هي من النظام اللبناني ودستوره الذي لا يستند الى «حكم الله وشرعه» وكل الدائرين في فلكه ويعملون في مؤسساته هم «كفار» لا بدّ من الاجهاز عليهم لاسقاط النظام الذي يظلم المسلمين السُنة ويفرض عليهم دستورا من صنع البشر ولا يستمده من ما انزله كتاب الله، وهو ما ورد في التحقيق مع الداعية عمر بكري فستق، كما ما يتداوله الاسلاميون المتشددون، الذين يعملون لرفع المظلومية عن اهل السُنة واعادتهم الى «شرع الله وحكمه» وليس الى دستور وضعي، وقد تخطى هؤلاء اتفاق الطائف، واسقطوا من حساباتهم اصلاح النظام السياسي باتجاه دولة لا طائفية واكثر مدنية، ويعتبرون ذلك مخالفا للشرع الاسلامي، وسيدخل لبنان وتحت عنوان مظلومية اهل السنة في مرحلة مختلفة تؤكد المصادر عما سبق وما عرفه من ازمات كانت اسبابها طائفية وسياسية وفئوية مصلحية، الا ان ما يعمل له «الداعشيون» للبنان هو رفع الظلم عن السُنة من نظام كافر له مؤسساته الكافرة، وجيشه الكافر، وهو مسار سيغير طبيعة الصراع في لبنان الذي كان يحلم ابناؤه ان يخرجوه من الطائفية السياسية، فاذا بهم امام تطور لم يكن ينتظروه وهو تحويله الى «دولة اسلامية» برأي المصادر، اذا نجح «الداعشيون» ومع هؤلاء تسقط «دولة لبنان الكبير» التي تقترب من مئويتها، لتنهار معها صيغة العيش المشترك، والمشاركة في الحكم، ويقوم حكم اسلامي يخلّص اهل السنة من مظلوميتهم، ويتحررون من النفوذ الصليبي – المسيحي – وهيمنة الروافض – الشيعة – ومنع العلمانيين من تحقيق اهدافهم في تحرير النظام من الطائفية التي ما زالت تقتل اللبنانيين.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...