بعد التمديد لمجلس النواب للمرة الثانية تحت ذريعة تلافي الفراغ، وتحت عنوان «وقف العمل به عند حصول إمّا الإنتخابات الرئاسية أو النيابية، او انتفاء الظروف الاستثنائية»، ينكبّ الإهتمام اليوم لدى المسؤولين في الداخل والخارج على موضوع الإستحقاق الرئاسي، لا سيما وانّه أقلّ تعقيداً من الانتخابات النيابية، على ما تقول أوساط سياسية بارزة، التي لم يتمّ التوافق بعد على قانون جديد لكي تُجرى على أساسه.
فانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، وإن لم يحصل رغم الجلسات الـ 14 التي عقدها مجلس النوّاب لهذه الغاية، غير أنّ التوافق بشأنه من الممكن حدوثه، لا سيما إذا ما انطلقنا، تضيف الأوساط، من المكان نفسه الذي انتهى اليه التوافق بين فريقي 8 و14 آذار، ما أدّى الى ولادة حكومة الرئيس تمّام سلام.
وبعد ستة أشهر على الشغور الرئاسي، تصرّ الدول الخارجية، على ما تنقل الاوساط، على ضرورة انتخاب الرئيس الجديد، «بما تيسّر»، لأنّ وجوده على رأس السلطة، وإن لم يكن يحوز على رضى الجميع، ولا على تأييد غالبية المسيحيين، إلاّ أنّه ضروري في هذه المرحلة بالذات التي رأى المجتمع فيها بأمّ العين، تأثيرات تداعيات الأزمة السورية على لبنان من نزوح وأعباء ومعاناة، فضلاً عن الإرهاب الآتي من تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، وما قاما به في كلّ من المناطق اللبنانية الحدودية لا سيما في عرسال وبريتال وطرابلس..
ولأنّ الجميع في لبنان يعلم بأنّ الضوء الأخضر في كلّ قرار سياسي يأتي من الخارج، ويتمّ تنفيذه في الداخل، تشير الأوساط نفسها الى أنّ الأجواء تبدو مناسبة لطبخة رئاسية محتملة لتمرير هذه المرحلة بالذات. أمّا إسم الرئيس المقبل فليس من الأسماء المتداول بها، وإلاّ لكان انتُخب أحدها منذ أشهر. في المقابل، لو كان رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون يريد التنازل عن المنصب الذي يجده من حقّه كممثل لغالبية المسيحيين، ورئيس أكبر كتلة برلمانية مسيحية منتخبة من الشعب، لكان فعل منذ أشهر أيضاً. الأمر الذي يدلّ على إمكانية تنفيذ اقتراح أو تسوية ما توافق عليها الأطراف التي شكّلت معاً حكومة واحدة. عندها يصبح شرط انسحاب المرشحين الدكتور سمير جعجع وهنري حلو، تحصيلاً حاصلاً، أو غير ضروري.
يبدو إذاًَ وبحسب الاوساط، أنّ قطار رئاسة الجمهورية عاد للإنطلاق من جديد، على أمل تبلور مساره في الأيام المقبلة، بعد حلحلة بعض الأمور العالقة في الخارج، في موازاة ذلك، على اللجان المختصة استكمال العمل من أجل التوافق على قانون جديد للانتخابات النيابية، وعدم تمرير الفترة الثانية (سنتان وسبعة أشهر) من الولاية الممدّدة تذهب هباء كما الفترة الأولى (سنة وخمسة أشهر)، لأنّ مثل هذا التلكؤ يوحي بأنّ النوّاب يرفضون وضع قانون جديد، وبالتالي إجراء الانتخابات.
وفيما يتعلّق بانتخاب اللبنانيين المغتربين، فقد أجرت وزارة الخارجية والمغتربين اختباراً مصغّراً من خلال الانتخابات التي جرت في الكويت وأستراليا. ويقول مصدر ديبلوماسي بارز في هذا الصدد، بأنّ الوزارة أجرتها وفقاً لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة. وكان وزير الداخلية قد حدّد موعد الانتخابات في الكويت في 7 تشرين الثاني الجاري، وفي ملبورن – سيدني أستراليا في 9 الجاري، وذلك قبل التمديد للمجلس النيابي الذي هو في الأساس مطعون به من قبل تكتل «التغيير والاصلاح» ما اضطر وزير الخارجية لأن يجريها بحسب الأصول الإجرائية..
ويقول الوزير باسيل في هذا الإطار إنّه رغم أنّ المغتربين اللبنانيين لم يأخذوا هذه الانتخابات على محمل الجد، إذ انتخب شخص واحد في الكويت، وخمسة في سيدني، غير أن وزارة الخارجية استفادت من هذه التجربة بأمرين: الأول، أنّ فكرة انتخاب اللبنانيين في الخارج يُمكن أن تحصل، والثاني أنّ انتخاب عشرة ملايين لبناني في الخارج، أمر لا يمكن أن يتحقّق. ما يعني أنّ الانتخابات يستطيع لبنان أن يجريها في الخارج ولكن القانون يحتاج الى تعديل، لكي يتمكّن المغتربون من انتخاب نوّاب خاصّين لهم، إن عن طريق المغلّفات بواسطة البريد، أو عبر التصويت الإلكتروني.
ويؤكّد الوزير باسيل أنّه بإمكان الخارجية إجراء إنتخابات لألفي شخص في منطقة معينة من أي بلد في الخارج، فهذا الأمر يبدو سهلاً، لكنه يتساءل: إذا أراد نحو 50 ألف لبناني الإنتخاب في سيدني، على سبيل المثال، فأي سفارة تابعة للخارجية بإمكانها أن تتسع لعدد هؤلاء؟ علينا عندها استئجار 27 مبنى، لفتح أقلام للذكور والإناث، فضلاً عن أنّ الانتخابات يجب أن تحصل في مدن عدّة في العالم.
من هنا، لا بدّ برأيه، من تعديل القانون لتسهيل عملية التصويت على المغتربين خصوصاً وأنّ السفارة اللبنانية غالباً ما يكون مقرّها العاصمة في أي بلد، في حين أنّ أفراد الجالية يقطنون إما فيها أو في مناطق بعيدة عنها، وليس بإمكان هؤلاء التنقّل من مناطق إقامتهم الى مكان الاقتراع المحصور بمنطقة واحدة. فإذا انتخب أبناء الجالية المقيمين في باريس، فكيف يُمكن لأولئك الذين يقطنون في تولوز، على سبيل المثال، ونيس والمناطق البعيدة الانتخاب؟
أمّا لماذا جرت الانتخابات للمغتربين في كلّ من الكويت وسيدني، فلأنّ الرهان كان على أنّ وزارة الخارجية لا تريد إجراء الانتخابات في الخارج، وقد سمّت «القوّات اللبنانية» الوزارة بالإسم مرات عدّة في هذا الموضوع، في الوقت الذي كنا قد جهّزنا كلّ ما تحتاجه الانتخابات لوجيستياً، على ما يضيف باسيل، من دون أن ندعو اليها، أو نقوم بحملة لها. فإذا كان أحد في هذا البلد حريص على انتخاب اللبنانيين في الخارج، فعليه العمل من أجل تعديل القانون، وحلّ هذه المسألة، إمّا بالتصويت إلكترونياً أو عبر البريد.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...