المسألة في قضية العسكريين المخطوفين لم تعد مجرد بلبلة وضعف وتخبط وعجز حكومي عن إدارة هذا الملف الأمني الشائك الذي يدار بعصبيات وخلفيات سياسية وطائفية ومذهبية ضيقة، بل أنه في خلفيات وأبعاد ما يجري في هذا الملف هناك إشارات واضحة تدلا على أن كثرة الطباخين الذين يتعاطون في هذا الملف ويكثرون من أخطائهم القاتلة والمميتة التي تضعف أوراق قوة الدولة اللبنانية الحقيقية في هذا الملف لم يعد بالإمكان النظر إليها على أنها عفوية أو مجرد صدفة عابرة هذا ما قالته مصادر أمنية .
مضيفة بأن كل المعطيات المحيطة بإرباكات هذا الملف المقصودة والعفوية تشير على أن هناك جهات إقليمية تتحكم بالخاطفين وبالتالي في مفاصل إدارة هذا الملف، وعلى ما يبدو فإن تلك الجهات الإقليمية المعروفة بتمويلها واحتضانها وتحريكها للإرهاب التكفيري في لبنان والمنطقة، والتي أحجمت دون مبرر عن الإطلاع بدور فاعل جدي لمساعدة لبنان بهذه القضية لا تريد حل هذا الملف، وهي ضمن هذا السياق مسؤولة بشكل مباشر عما يجري في ملف العسكريين الذي هناك احتمالات كبيرة في أن لا يصل إلى خواتيمه السعيدة لأن تلك القوى الإقليمية التي هي أيضا تتحكم بالخلايا الإرهابية التكفيرية النائمة والصاحية وسلوكياتها الإجرامية في لبنان تتحرك ضمن أجندة واضحة هدفها جر الساحة اللبنانية من خلال ملف العسكريين المخطوفين نحو المزيد من التوتر والتشنج الطائفي والمذهبي الذي يضع لبنان على فوهة البركان.
ولفتت المصادر الى أن العقدة الاساس التي كانت ولا تزال تحول دون وضع ملف العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» و«تنظيم داعش» على السكة الصحيحة هي القوى السياسية التي لا تزال تعرقل إضفاء السرية والمهنية الأمنية و الإستخباراتية و العسكرية البحتة على إدارة هذا الملف وذلك لأسباب واهية لا تمت بصلة إلى الواقع والمنطق بل تتعلق فقط بحسابات شعبوية ومزايدات عبثية تارة بإسم المقايضة المفتوحة وغير المشروطة وتارة أخرى بحجج واهية تفضي في نهاية الأمر إلى ابقاء ملف العسكريين المخطوفين مجمدا عالقا في بازار المزايدات من دون حصول أي تقدم في حين أن التهديدات التي تطاول حياة هؤلاء الجنود الأبطال مستمرة وترتفع وتيرتها يوما بعد يوم.
وتتابع المصادر الأمنية عينها بأن القوى السياسية هي من تتحمل اليوم مسؤولية التأخر الحاصل في حصر هذا الملف بيد المراجع الأمنية وحدها في أسرع وقت ممكن، ما يعني أن تلك الطبقة السياسية تتحمل أيضاً مسؤولية كل تأخير يحصل على خط المعالجات الناجعة لأن ابقاء الملف في بوتقة التجاذبات السياسية يعني بصريح العيارة ابقاء الوضع على ما هو عليه في ملف العسكريين وهو وضع غير مطمئن وينذر بوقوع الأسوأ حيث أن تطورات هذا الملف تبقى مفتوحة على كل الإحتمالات والسيناريوهات المظلمة والصعبة حتى اشعار آخر… سيما ان هناك معلومات متداولة في الكواليس تتحدت على أن احتمالات تدهور هذا الملف وانزلاقه نحو تطورات دراماتيكية مؤلمة ومحزنة تبقى قائمة بقوة في أي لحظة من اللحظات وكل من يحاول تطمين أهالي العسكريين والشعب اللبناني في هذا الملف هو إما غير مطلع على خفايا هذا الملف أو أنه يدرك هذه الحقيقة ويحاول التخفيف من وطأتها.
وفي هذا الإطار أكدت أوساط متابعة لملف العسكريين المخطوفين في 8 آذار، بإن الوقت الضائع والتأخير غير المبرر بات قاتلا ويحمل في طياته الكثير من المخاطر على حياة بقية العسكريين المخطوفين الذين قد يدفعون مجددا أثمان الأخطاء الجارية في هذا الملف والتي أدت وتؤدي إلى إضعاف دور الدولة اللبنانية وقدرتها على حل هذا الملف الذي لا بد من حصر إدارته لدى المرجعيات الأمنية التي هي وحدها تستطيع أن تتولى إدارة المفاوضات مع الخاطفين الإرهابيين ومشغليهم والضغط عليهم في مفاصل عديدة كي تدفع باتجاه الإسراع في حل هذه القضية التي هناك مؤشرات ومعطيات عديدة تشير على أن هناك من يتقصد أبقاء حالة التخبط والبلبلة في إدارة هذا الملف لمنع الدولة اللبنانية من حسم أمرها، مع العلم بأن هؤلاء المعرقلين والمضللين والمزايدين في هذا الملف يدركون جيدا بأن مربط الفرس في هذا الملف يبقى عند حلفائهم الإقليميين الذين لا يضغطون ولا يفعلون أي شيء جدي من أجل مساعدة لبنان على تجاوز محنة العسكريين المخطوفين وأهاليهم والتي يمكن أن تتحول في أي لحظة إلى نكبة ومأساة على كل لبنان.
ولفتت بأنه على القوى السياسية جميعها وخصوصا تلك التي تزايد في حمل راية هذا الملف بخلفيات وحسابات شعبوية مكشوفة أن تدرك جميعها بأن وضع ملف العسكريين المخطوفين على سكة الحل الصحيح تقتضي أولا تنحي هؤلاء السياسيين جانبا لإبعاد السياسة وزواريبها الضيقة والقاتلة عن هذا الملف خصوصا أن التدخلات السياسية قد أثبتت فشلها لحد الآن في إدارة هذا الملف ولا شيء يدل على أن هذا الفشل سيتغير في حال استمرار التدخلات السياسية الذي يعرقل الحلول الناجعة والجدية لهذه الملف.
وشددت المصادر على أن من يضع الفيوات على مسألة تعاون لبنان مع سوريا وجيشها لإنهاء هذا الملف هو لا يريد فعليا حل هذه المسألة بل يريد فقط أن يزايد ويمعن في المزايدة بهذا الملف من خلال المنابر والإطلالات الإعلامية، خصوصا أن هؤلاء المزايدين كما بقية المعنيين في الدولة اللبنانية باتوا على بينة واضحة في أن الحكومة السورية قد أبدت مؤخرا استعدادها لفتح ممر آمن عبر المناطق التي تسيطر عليها لخروج المسلحين الإرهابيين من جرود عرسال باتجاه مناطق المعارضة في سوريا مقابل اطلاق العسكريين اللبنانيين المخطوفين. وبالتالي من يرفض اليوم البحث الجدي في هذا الطرح من قبل الحكومة السورية هو اليوم يتحمل مسؤولية عدم حل ملف العسكريين خصوصا أن المطالب الحقيقية للخاطفين هي في نهاية الأمر تتمحور حول نقطتين أساسيتين: النقطة الأولى ابقاء العسكريين مخطوفين لإبقاء بازار ابتزاز الدولة اللبنانية مفتوحا ليضمن المسلحون عدم شن هجوم عليهم من قبل الجيش ومن أجل أن يضمنوا أيضاً ابقاء قنوات تمرير المؤن من طعام ومشروب ووسائل تدفئة لهم في الجرود مفتوحة طالما أنهم محاصرون هناك. النقطة الثانية القبول بمقايضة العسكريين في حالة واحدة فقط هي حالة تأمين ممر آمن لخروجهم من منطقة عرسال المطوقة والمحاصرة من كل الجهات باتجاه المناطق التي يسيطر عليها كل من «جبهة النصرة» و«تنظيم داعش» في سوريا. بالتالي فإن المقايضة المطروحة لن تنهي يشكل كامل وشامل قضية العسكريين المخطوفين طالما أن مطلب الخاطفين الاساسي في تأمين ممر آمن لخروجهم لم يتحقق.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...