اذا كان الجيش اللبناني قد نجح في الاطاحة بمشروع التكفيريين في الشمال، مقدما خيرة ضباطه وعسكرييه على مذبح الشهادة، فان وهم اقامة «امارة اسلامية» لا يزال يراود المتطرفين الاسلاميين، وان ادت العملية الاستباقية الاخيرة للقوى الامنية الى وأدها قبل ان تبصر النور، لا سيما ان معظم الذين سعوا الى تحقيق هذا الحلم ما زالوا متوارين على حد قول اوساط مواكبة للتطورات، واعترافات احمد الميقاتي او بعض ما رشح عنها اعادت الى الاذهان حلم بسام الكنج الملقب بـ «ابو عائشة» اقامة امارته في منطقة الضنية في مطلع العام 2000، كون طبيعتها تتيح للارهابيين تنفيذ حرب عصابات ضد القوى الامنية انطلاقا من جرودها الوعرة والخالية من السكان، وهذا ما سعى الميقاتي الى تنفيذه لكن العين الامنية الساهرة اطاحت المخطط القديم الجديد.
وتضيف الاوساط نفسها ان الكلام عن عدم وجود بيئة حاضنة للتكفيريين من «القاعدة» ومشتقاتها يبقى في خانة الاخذ والرد في منطقة الشمال حيث ان الوقائع تؤكد انه منذ نهاية القرن الماضي وحتى يومنا هذا اي خلال 30 عاما تقريبا، جرت 4 محاولات لاعلان «امارة اسلامية» في الشمال كانت اولاها في الشمال وقادتها حركة «التوحيد الاسلامي» ولكنها سقطت تحت ضربات الجيش السوري آنذاك مدعوما بالحزب السوري القومي الاجتماعي وتبخر حلم الامارة او بالاحرى خبا بريقه ليعود الى الظهور مع «ابو عائشة» الذي تكفل الجيش اللبناني بالقضاء عليه، ليتكرر السيناريو نفسه مع شاكر العبسي الذي خطف مخيم نهر البارد معلنا امارته عام 2007 التي تهاوت امام بسالة الجيش الذي قاتله باللحم الحي وقدم اكبر عدد من الشهداء والجرحى في تاريخ المؤسسة العسكرية.
وتشير الاوساط الى ان احمد الاسير المتواري في ازقة عين الحلوة حاول التأسيس لاقامة امارته عبر المربع الامني الذي اقامه في منطقة عبرا وكانت النتيجة كسابقاتها وصولا الى الميقاتي وشادي المولوي واسامة منصور وخالد حبلص الذين كرروا المحاولات السابقة نفس وكان نصيبهم الفشل لكن هذه المحاولات تركت خلفها الكثير من علامات الاستفهام والاسئلة منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- لماذا نجح العبسي والاسير والمولوي وحبلص ومنصور في الفرار ومن هم السياسيون الذين ساهموا في ايجاد مخارج اتاحت لهم التواري عن الانظار، والذوبان حتى اشعار آخر، فالعبسي وفق المعلومات اختبأ في مخيم البداوي لدى احد الائمة مدة 6 اشهر وغادر الى منطقة جرمانا السورية حيث قيل انه قتل على يد المخابرات السورية، اما الأسير فبات مؤكدا انه من نزلاء مخيم عين الحلوة وحاول تحريك انصاره في صيدا لكن القوى الامنية افشلت ذلك.
2- العبسي اعلن اثر انهيار امارته انه خذل من بعض المشايخ الذين وعدوا بالتحرك «لدعمه عسكريا وقطع طريق شكا من النفق لفصل الشمال عن بيروت ومنع وصول الامدادات العسكرية. وقد تكرر المشهد مع المولوي الذي اعلن عبر مكالمة رصدتها وسائل الاعلام واذيعت على الهواء «والله يا شيخ خذلونا المشايخ الى حد انهم اقفلوا خطوطهم الهاتفية ولم يرد احد منهم على اتصالنا». وهنا يطرح السؤال : من هم هؤلاء المشايخ الذين حرّضوا ويحرضون على المؤسسة العسكرية ثم يختفي «حسّهم» مع نهاية كل جولة من الجولات الامنية.
3- لماذا تدخل «هيئة العلماء المسلمين» على الخط لايجاد حلول وهذا الامر طعن فيه الشيخ ماهر حمود لان تدخلهم يشجع التكفيريين على التمادي في تطرفهم بطريقة او باخرى.
وتقول الاوسط ان محاولات اقامة «امارة اسلامية» ستتكرر الى حين جلاء الافق في المنطقة، لا سيما ان «داعش» اعلن قيام «دولة الخلافة في العراق والشام» وكذلك «النصرة» التي تسعى لاعلان امارتها، وهذا ما يبقي الجمر تحت الرماد على الساحة المحلية وان زوال وهم الامارة او سطوعه يبقى مرتبطا بما تعده المطابخ الخارجية للمنطقة المهرولة بالتأكيد نحو ترسيم خرائط جديدة.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...