كيف يواجه لبنان خطر داعش والجماعات المسلحة؟ السؤال هو الشغل الشاغل ليس على المستوى السياسي فحسب انما دخل بمضامينه وتداعياته حياة كل الناس في بيوتهم واعمالهم وبات هاجسا يقض مضجع اللبنانيين على خلفية سرعة ما حصل في الموصل للمسيحيين والايزيديين ومعركة عرسال الاخيرة.
تجيب اوساط واسعة الاطلاع ان الدولة اللبنانية بأجهزتها ومؤسساتها تعمل على خلفية المطمئن – المنزعج على حد سواء فهي من جهة تكاد لا تصدق ان داعش في ديارها تسرح وتمرح خصوصا في مخيمات النازحين السوريين والذين باتوا يشكلون عبئا امنيا بعد ان كان معيشيا بحتا ولم تنجح تقارير مديرية المخابرات في الجيش في انعاش ذاكرة السياسيين حول مدى خطورة ما يحصل وتعاملت معها وفق اجندة سياسية خاصة ذات منفعة شخصية وما جرى من نتائج معركة عرسال برهن بالدليل القاطع ان بعض الايدي ممن في الدولة طبعت الحل على ما هو عليه الان وفق صورة ابقاء العسكريين المخطوفين اشهرا وربما اكثر من ذلك، وبالتالي فان الحلول اللبنانية مبتورة وغير ميسرة بفعل ربط البعض لها باستحقاقات داخلية ذات صلة بانتخابات الرئاسة اللبنانية وتوازن القوى داخل الجمهورية المنهوكة القوى وتعرض هذه الاوساط جملة من المعطيات التي تدل على ركاكة واضحة في الجسم الحكومي اللبناني بالتعاطي مع ازمة تساوي بقاء الكيان اللبناني او زواله وفق الآتي :
اولا: لا حل لبنانيا منتظرا لقضية العسكريين بشكل نهائي بل ان مبدأ الاستعارة شقيق او جار هو المعول الوحيد عليه، ومن هنا تتم ملاحظة استقالة الجميع من مسؤولياتهم المفروض ان يقوموا بها والتنحي عن القيام بجهود يمكن ان تثمر خصوصا انها قد سمعت ان اميركا واوروبا اعلنتا عن حرب على داعش او محاولة الحد من تمدد نفوذها ولكن هل لدى الدولة اللبنانية معلومات وان كانت في حدها الادنى عن هذه الحملة الغربية على هذه المنظمة التكفيرية؟ من الطبيعي ان من يجهل ما عنده في ارجاء بيته من معطيات ان يكون اكثر غباء اذا ما اتكل على اميركا واوروبا في معالجة الاخطار المحدقة ببلده.
ثانيا: ان اميركا اعلنت على لسان رئيسها باراك اوباما ان محاربة داعش سوف تتم على قاعدة عدم وصولها الى المصالح الغربية، ولبنان وفق حاله المزرية لا يمكن ان يشكل مصلحة للغرب في الامد المنظور وان من تحرك لمساعدة الاكراد في شمال العراق ولم يحرك ساكنا لقتل الاطفال والرجال وسبي النساء وخصوصا الايزيديين منهم على فرضية ترك المسيحيين لمصيرهم المحتوم وتهجيرهم من ارضهم لا يمكن التعويل على سياسته المبنية على روائح النفط والغاز بالرغم من تمثيلية المحافظة على حقوق الانسان، هذه الكلمة المطاطة التي يستعملها الغرب ورقة لوتو خاسرة لا يمكن صرفها في اي مكان.
ثالثاً: عربياً، هناك ملهاة طويلة للدول العربية بمشاكلها الداخلية وفيما بينها وهي لا تضع اي اجندة للعمل داخل لبنان الا في اطار الحل الكامل الآتي من الغرب وهذا يستغرق وقتا طويلا ونتائجه غير مؤّهلة للوصول الى ادنى الحلول، وكل ما تبتغيه الدول العربية هو مسألة الحفاظ على رأسها فكيف لها ان تعالج قضايا في بلدان اخرى، اذن حسب هذه الاوساط فان العمل العربي قد توفاه الله منذ امد بعيد وقيامه من جديد يتطلب معجزات ليس لديها وقت في الازمنة الحاضرة.
رابعاً: قرار الحلف الاطلسي بالامس حول ضرب «الدولة الاسلامية» لم تتوضح معالمه وعناوينه فضفاضة ولا احد حسب هذه الاوساط يعي تماما ما تعنيه الدول الغربية وكيفية المواجهة ما دام نزول قنوات برية على الارض خطاً احمر، ومحاولة حماية لبنان او اشراكة في هذه الخطة امر لم تشمله لا الدعوات للمشاركة ولا التقنيات المتبعة لإبادة داعش، ولكن خوف هذه الاوساط ينبع من كون سياسات الغرب تجاه لبنان بالتحديد وبعد فشل اعطاء الاسلحة الفرنسية للجيش اللبناني تضع البلد في آخر سلم اهتماماتها، وتتساءل: ما الذي يمنع الغرب بواسطة ضرباته العسكرية من ان يدع «الدولة الاسلامية» وشأنها في مناطق نفوذها ويمنعها فقط من الاقدام على خراب مصالحه وبمعنى آخر تكون دول الناتو قد امنت حدود داعش بواسطة قواها دون التعرض لها مباشرة باستثناء بعض الضربات الجوية انتقاما لمقتل صحافيين اميركيين ولارضاء الهيجان الاميركي والاوروبي ليس إلا.
خامساً: على القيادات المسيحية ان تجاهر بمواقفها علنية ارهابية تنظيم داعش وليس الاختباء وراء مفردات توحي وكأن شيئاً لم يكن، وعلى هذه القيادات ايضاً تفهم اشارة الغارات الاميركية في العراق عند الحدود الكردية ومساعدة الايزيدين فيما لم يأت احد على مصير المسيحيين المهجرين من ارضهم او محاولة عودتهم اليها، وهذه رسالة واضحة المعالم في كيفية تعامل الغرب مع مسيحيي الشرق وما بقي لدى الطوائف المسيحية المتوجهة خلال اليومين المقبلين الى واشنطن للقاء اوباما سوى محاولة اقناعه ان في الشرق طوائف مسيحية عمرها من عمر السيد المسيح وهي تتعايش مع المسلمين منذ اكثر من 1400 عام، ولكن هل «يقبض» اوباما هذا الكلام ويحاول صرفه خصوصاً ان تجارب البطريرك نصرالله صفير واضحة امام الجميع حين لم يقابله بوش في الرحلة الاولى ليعود بعد عدة اشهر ويستقبله في البيت الابيض والنتائج كانت «صفر مكعب».
سادساً: يبقى الجيش اللبناني الذي يحارب الارهاب وبعض الالسن الناطقة باسم هذا الارهاب على حد سواء، وحال الجيش حسب هذه الاوساط عسكرياً ولوجستياً معروفة ولكن لا تعويل الا عليه، ويبدو ان تأبين الرقيب الشهيد علي السيد اثبت ان للجيش قواعد شعبية ممتدة من الشمال الى الجنوب وما رفع العلم اللبناني دون سواه بالرغم من حالة الهيجان الا دليل على ان الناس يريدون جيشهم الوطني وليس اي قوة أخرى لضمان امنهم، وبهذا يحارب الجيش حتى الساعة بوحدته وعقيدته الوطنية بانتظار أن يأتي التسليح.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...