انتظر رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون 24 عاماً ليرد الصاع للحريري الاب صاعين. قرر ان تكون اقالة الحريري الابن من رئاسة الحكومة من مقر اقامته في الرابية، استقال وزراء الثامن من آذار من على منبر عون هناك. دخل سعد الحريري رئيسا للحكومة اللبنانية الى البيت الابيض، ليخرج منه رئيسا مقالاً. لم يعد الحريري الى لبنان لاسباب كثيرة، وهنا يبرز ما قاله عون عن انه قطع للحريري بطاقة سفر من دون عودة. برع عماد الرابية في اظهار نفسه المسبب الاساسي لنفي الحريري الطوعي.
عام 1990 لم يكن خروج العماد ميشال عون من قصر بعبدا واستلام رفيق الحريري السلطة الفعلية في البلد بعد ذلك محض صدفة. كان الحريري محور كل شيء. يومها عمل مع جميع الدول المعنية، كان وسيط التسوية. كان صنيعة الالتقاء السوري السعودي الاميركي. رفض عون الوصاية، فخرج من قصر بعبدا بعد دخول الدبابات السورية اليه بغطاء سعودي اميركي. هو رفيق الحريري اذن الذي اخرج عون من قصر بعبدا وساهم بنفيه الى فرنسا..
في العقل الباطن لعون العسكري هناك من يقول ان الضربة تردّ بالضربة ولو بعد حين والتفاوض لا يتم الا في حال توازن القوى، وامام عون السياسي معطيات تشير الى ان الحريري لن يعود ما دام حزب الله غير راض، وان حزب الله لن يرضى الا بعون رئيس للجمهورية. من هنا بدأ التفاوض.
حاول الحريري ومن خلفه استدراج عون الى تنازلات لا متناهية لايصاله الى بعبدا. قالوا ماذا ستقدم لنا؟ سلاح حزب الله؟ او فك تحالفك معه؟ تحالف انتخابي؟ تراجع عن قانون انتخابي يحرمنا الاستيلاء على النواب المسيحيين؟ ضحك من يمثّل عون في هذه الجلسة التفاوضية. سنقدم لكم مشاركة في السلطة. عودة الحريري الى لبنان. وفتح خطوط حوار مع حزب الله. هذا كل شيء. فكروا فيها. كأن عون يقول للحريري: “والدك اخرجني من بعبدا قبل 24 عشر عاماً ومكثت جراء ذلك في المنفى 15 عاماً، وانت اليوم في المنفى، اخرجت من السرايا انا وحلفائي، وعودتك اليها مشروطة بعودتي الى القصر. هذه هي المعادلة”.
متفائلون كثر يستطردون: “هذه هي البداية فقط. عودة عون الى بعبدا ستكون بداية المشوار لاستعادة ما اخذه رفيق الحريري. استعادة حقّ المسيحيين الفعلي في المشاركة في السلطة. عودتهم الى الرئاسة الاولى وعودة الصلاحيات الى هذا الموقع. خسر عون معركته عام 1990 فخسر المسيحيين كل شيء تقريباً، وها هو اليوم يحارب مجددا ليربح ويستعيد لهم ما خسروه.”