لا تزال المخاوف كبيرة وكبيرة جدا عند كبار المسؤولين والدبلوماسيين من سيطرة وانتشار عناصر «جبهة النصرة» و«تنظيم الدولة الإسلامية» في العراق والشام «داعش» على مساحات واسعة من الأراضي السورية المتصلة بأكثر من ثغرة بالحدود اللبنانية الهشة والرخوة.بحيث تفيد في هذا السياق مصادر دبلوماسية بارزة في بيروت بأن ما يجري على طول الحدود الشرقية والشمالية المتمادية بين سوريا ولبنان هو أمر يبعث على القلق.مشيرة بأنه بعد أحداث عرسال رقم واحد وما تلاها من أحداث أبرزها ما جرى خلال غزوة بريتال وأحداث عاصمة الشمال تصاعد الحديث عن مدى التهديد الذي يشكل الإرهاب التكفيري الذي تقوده «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» على أمن لبنان واستقراره،خصوصا ان الدول القلقة من تدهور الاوضاع السياسية والأمنية على الساحة اللبنانية تمتلك تقارير ميدانية تشير على أن كل من الجبهة والتنظيم تمتلك حاضنة اجتماعية متفاعلة ومتعاطفة معهم بشكل كبير ، وبأن هذه الحاضنة الإجتماعية للإرهاب آخذة بالإتساع يوما بعد يوم وهذا ما يثير القلق والمخاوف ، سيما أن الحكومة اللبنانية بتركيبتها الحالية الضعيفة لا تمتلك استراتيجية واضحة لمواجهة طموحات جبهة النصرة وداعش ومنع تمددهما نحو عمق الأراضي اللبنانية.
المصادر الدبلوماسية عينها أشارت الى أنه من دون ادنى شك أن الإنقسام المذهبي الذي يزداد حدة في لبنان والذي يرخي بعواقبه الوخيمة على قدرة الدولة اللبنانية بمؤسساتها و أجهزتها الحكومية والأمنية على مواجهة تطورات الأحداث، خصوصا أن مسألة تسليح الجيش عمليا بالأسلحة المتطورة ضمن إطار الحروب الجارية في المنطقة على الإرهاب لا تزال عالقة بين الكباش الإقليمي السعودي – الإيراني وهذا الأمر ينعكس على أداء الحكومة اللبنانية التي لا يزال موقفها الواضح بالسعي لتسليح الجيش بشتى انواع السلاح والعتاد الحربي الذي يعزز قوة وقدرات الجيش على كافة المستويات مجرد كلام يفتقد إلى الجدية والدينامية المطلوبة لتسريع خطوات تنفيذ تسليح الجيش، حيث أن المؤسسة العسكرية اللبنانية منذ غزوة عرسال الأولى وحتى اليوم لا تزال تتصدى في مواجهة الإرهابيين التكفيريين بالسلاح والعتاد الحربي التقليدي من دون أن يصلها اي قطع حربية حديثة من شأنها أن تعزز تفوق الجيش اللبناني وقدراته العسكرية والقتالية في مواجهة الإرهابيين التكفيريين المزودين باحدث الاسلحة القتالية والذين يتدفقون بالآلاف إلى العراق وسوريا وقد يصلون إلى لبنان الذي لا يزال جيشه ينتظر تنفيذ الوعود والتصريحات السياسية الحكومية وغير الحكومية التي تدعو إلى ضرورة الإسراع بتسليح الجيش اللبناني.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطلعة لـ «الديار» بأنه ليس صحيحا بأن هناك مجرد تهويل وتخويف مضخم إعلاميا وسياسيا من نشوء «الإمارة الإسلامية» في عاصمة الشمال طرابلس،بل أن هناك ثمة معطيات ميدانية وأمنية وعسكرية واجتماعية تؤكد بأن مشروع إعلان الإمارة كان على قاب قوسين لولا الضربة النوعية التي وجهها الجيش اللبناني للإرهابيين التكفيريين في منطقة الشمال عموما وفي طرابلس خصوصا. مضيفة بأن ما جرى على هذا الصعيد لا يلغي أبدا بأن مشروع إعلان الإمارة الإسلامية الموالية لأبو بكر البغدادي زعيم «داعش» قد سقط إلى غير رجعة، بل أن كافة المعلومات الأمنية المتصلة بالحراك الإرهابي التكفيري في لبنان ومحيطه وجواره تشير بأن مخطط إعلان هذه الإمارة من لبنان لا يزال قائما ومدرجا ضمن أولويات قائمة من مخططات غرف الإرهاب التكفيري المظلمة التي لا تزال تخطط وتعمل في الليل والنهار من أجل الوصول إلى هدفها المنشود بجعل شمال لبنان «إمارة اسلامية» يتمكن من خلالها الإرهابيون التكفيريون في الحصول على منفذ بحري استراتيجي على مياه البحر الأبيض المتوسط من خلال شواطئ لبنان الشمالية.
ولفتت المصادر الى ان تأجيل أو تأخير أو تعليق إعلان «الإمارة الإسلامية» في طرابلس لم يأت من عدم أو بسبب تراجع الإرهابيين عن مخططاتهم التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار لبنان بل أن هذا الأمر وبناء على تقارير استخباراتية دقيقة قد حصل بفضل صمود الجيش اللبناني وتضحياته وبطولاته الإسطورية التي نجحت بضرب الخلايا الإرهابية وتفكيكها والقضاء عليها في مهدها وذلك ضمن الإستراتيجية التي يتبعها الجيش في الهجوم الإستباقي على أوكار تلك الخلايا قبل أن تباشر بتنفيذ مخططاتها الإجرامية….وما يتعرض له الجيش اليوم، بحسب الأوساط عينها، من حملات إعلامية جائرة ومن عمليات انتقامية تستهدف غدرا مراكزه وجنوده ليس سوى ردا على الإنجازات النوعية التي يحققها الجيش اللبناني قيادة وطباطا وأفرادا في مواجهة الإرهاب التكفيري بحيث أن الواقع الميداني يؤكد ويثبت بأن الجيش اللبناني بفعل خبراته وطاقاته وشجاعة جنوده لا يزال يملك زمام المبادرة في ضرب الإرهاب وإلحاق الخسائر الفادحة في بنيته وصفوف خلاياه على جميع الاراضي اللبنانية إلا أن ذلك لا يعني أبدا بأنه يجب التقليل من حجم المخاطر المحدقة بفعل الحراك الإرهابي التكفيري الذي لا يزال كما العدو الصهيوني الغاشم يتربص شرا وعدوانا وإجراما بلبنان الشعب والجيش والمقاومة.
وفي سياق متصل، أكدت المصادر عينها بأن الموقف المسيحي الإعتراضي على التمديد للمجلس النيابي لن يقرب ولن يؤخر طالما أن المكون السني – الشيعي قد توافقا على تمرير هذا التمديد الذي رسمت معالم مخارجه بكل دقة بين الرئيس نبيه بري والرئيس فؤاد السنيورة أما كل ما عدى ذلك فيدخل في سياق محاولة ممثلي «الكومبارس» توسيع هامش أدوارهم التي لن تتجاوز حدود هذين الدورين وهما: إما المجاهرة بقوة وبصوت عال بقبول تسوية التمديد للمجلس التي تم الاتفاق عليها سلفاً زعماء السنة والشيعة وذلك من باب إظهار هذا الفريق او ذاك أمام جمهوره بأنه شريك وعراب أساسي لهذه التسوية…وإما البقاء ضمن مربع الإعتراض الذي لا يقدم ولا يؤخر على خواتيم إخراج مسرحية هذه التسوية التي تؤمن حصول التمديد للمجلس النيابي لمدة سنتين وسبعة أشهر بالكمال والتمام، وتحقيق هذا الأمر سوف يكون واقعا حاصلا في مطلع الشهر القادم.
المصادر أشارت الى أن بعض القوى المسيحية لا تزال غارقة في أمجاد التاريخ الغابر وترفض التعاطي بواقعية وجدية مع الأوضاع الراهنة التي لا تحتمل مناكفات ولا مزايدات عبثية طالما أن الأهمية اليوم في لبنان والمنطقة ليس للمسيحيين أو غيرهم من الأقليات،بل أن هذه الأهمية تتمحور كلها حول الصراع الدولي الإقليمي الحاد الحاصل في المنطقة تحت جناح محاربة الإرهاب والتطرف والذي يلعب فيه كل من السنة والشيعة دور أساسي محوري… ومن دون أدنى شك أن نتائج هذا الصراع الدامي الذي لا يزال في بدايات مشواره الطويل والذي لا تزال أهدافه الغامضة والمستورة يحاول بشتى الوسائل استقطاب تأييد كل من المكونين الأساسيين الأقوى في منطقة الشرق الاوسط أي القطب السني والقطب الشيعي على حدٍ سواء…خصوصا أن الرؤية الغربية وتحديدا الأميركية تجاه قضايا المنطقة لا تزال محكومة بإستراتيجية المصالح التي تتحرك لتقديم الحماية والدعم هنا أو توجيه الضربات هناك وذلك ضمن معادلة الإزدواجية والتناقض وتبادل الأدوار والفوائد ومن دون الإلتفات إلى أي اعتبارات انسانية أو حقوقية لأبناء هذه المنطقة ويطلق العنان للتهديدات الإرهابية التكفيرية كي يشرعن مجددا تدخله وهيمنته من دون اي رادع أو اعتراض فعلي من داخل الدول العربية التي باتت شعوبها بين خيارين: أما القبول بسطوة ارهاب وتنكيل وفظائع التنظيمات الإرهابية أو القبول بالمساعدة الخارجية المشروطة والمقيدة ضمن مسار لعبة الأمم الجهنمية.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...