يمثل موقف الرئيس سعد الحريري بأنه سيقاتل تنظيم «داعش» وكل من يقف ضد الجيش، حتى ولو كان من فريقه السياسي داخل «تيار المستقبل» او من 14 آذار، تراثا سياسيا ونهجا فكريا، لما كان والده الرئىس الشهيد رفيق الحريري يؤديه ويمارسه، على حدّ قول مصادر قيادية في «تيار المستقبل»، والذي ظهر في اكثر من معركة عسكرية خاضها الجيش ضد القوى التكفيرية والجماعات الظلامية منذ احداث جرود الضنية في مطلع العام 2000، فأيد الرئيس المرحوم الحريري الجيش وزار قيادته متضامنا ولم يكن رئيسا للحكومة، وهو الامر الذي تكرر مع نجله سعد، في معركة مخيم نهر البارد عام 2007، وفي احداث عبرا عام 2013 عندما اجتث الجيش ظاهرة الشيخ احمد الاسير.
فالحريري الامين على خطى الحريري الاب في مواجهة الارهاب، وفق وصف المصادر نفسها التي تشدد على ان هذا الموقف لا يجب ان يكون مفاجئا لاحد ممن واكبوا مسيرة آل الحريري السياسية حتى ما قبل وصولهم الى السلطة، اذ عمل رفيق الحريري على وقف الحرب الاهلية، وساهم في انجاز اتفاق الطائف الذي وضع لبنان على سكة السلم الاهلي واعاد بناء مؤسساته الدستورية واستعادة وحدته.
ولولا وجود «تيار المستقبل» اللاطائفي والمعتدل والمنفتح على الآخر في داخل الطائفة السنية التي يمثل نحو 70% منها، لكان الوضع مختلفا تقول المصادر التي تشير الى «ان الرئيس سعد الحريري يميّز في موقفه من دعم «الثورة السورية» المدنية السلمية، وبين الجماعات الدينية المتطرفة التي حرفت الثورة عن اهدافها، وهو ما بات علينا في «تيار المستقبل» ان نعمل بجهد قوي وعلى كل المستويات لمحاربة التطرف الذي يمثله «داعش» وغيره، وان السُنة في لبنان على مر تاريخهم لم يمثلوا بيئة للتطرف، وكانوا يشكلون حاضنا للحركات القومية العربية والسورية، فوقفوا ضد معاهدة «سايكس بيكو» وشاركوا في المؤتمر السوري الاول في عشرينات القرن الماضي الذي دعا الى الوحدة السورية، ثم قدموا صيغة للبنان بعد نيله استقلاله في العام 1943 جمعت بين لبنانية الكيان وعروبته، وساندوا الرئيس جمال عبد الناصر بمواجهة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وكانوا السباقين في دعم الثورة الفلسطينية وقبلها ثورة الجزائر، ومثّلت بيروت عاصمة العروبة بامتياز كما عاصمة المقاومة في اثناء الاجتياح الاسرائيلي».
هذه البيئة السنية من اقصى الشمال في عكار مرورا بطرابلس ووصولا الى بيروت وعبورا الى البقاع في كل امكنته، وتوجها الى اقليم الخروب وصيدا صعودا الى العرقوب في شبعا وجوارها، فان التطرف وان وُجد في هذه المرحلة التي نما فيها في كل دول المنطقة والعالم، فانه في لبنان لن ينجح، تقول المصادر، وسيواجه من داخل الطائفة السنية التي يدمرها الفكر المتطرف، كما يقتلها استخدام الاسلام كأداة لهدر دم الناس واستباحة حياة المواطنين، من هنا كان موقف الرئيس الحريري ومعه ايضا مواقف وزراء ونواب ومسؤولين في «تيار المستقبل» تصب كلها في خانة اظهار الاعتدال السني وتظهير الاسلام الحقيقي والفعلي، لا الذي يمثله «داعش».
وجاء توقيت تصريح الحريري ومن روما، لارسال رسالة الى الغرب، بأن لبنان لن يكون كما دول عربية واسلامية غزاها التطرف، تقول المصادر، فإن مواجهته ممكنة وهي حاصلة، تبدأ بتعزيز قدرات الجيش الذي اثبت في الميدان انه اهل وكفؤ لقتال الارهابيين، وينقصه السلاح النوعي والمتطور من طيران حربي الى طوافات ودبابات وقذائف صاروخية الخ… ويعمل رئيس «تيار المستقبل» على تأمين ما يحتاجه الجيش من عتاد من الهبة السعودية بمليار دولار، بدأ الحريري بالتنسيق مع الحكومة وقيادة الجيش وقادة الاجهزة الامنية تنفيذ مضمون الهبة بشراء السلاح.
فتعزيز الجيش ودعمه سياسيا واحتضانه شعبيا هي الاداة التي طرح الرئيس الحريري انه سيقاتل «داعش» من خلالها، تقول المصادر في المستقبل لأنه هو المؤسسة العسكرية الرسمية التي تأتمر بأوامر السلطة السياسية المتمثلة بمجلس الوزراء ولن تكون هناك ميليشيا لـ«تيار المستقبل» لمحاربة «داعش» فهذه مسألة تخص الدولة ولن نعود لزمن الميليشيات، لكن ثمة دور للتيار وهو احتضان الجيش سياسيا وشعبيا كما حصل في مرات سابقة وهو مستمر، وهو الذي وفّر سندا له لمحاربة الارهابيين في معارك الضنية ونهر البارد وعبرا وعرسال اخيرا.
وسيواكب محاربة الجيش لـ «داعش» عسكريا تضيف المصادر اذا ما استمر في تنفيذ مخططه والدخول الى لبنان، كل الطرق والوسائل المتاحة من خلال التعبئة السياسية والدينية في مواجهة المتطرفين وبث الفكر الديني المعتدل، والاعتماد على دار الفتوى بأن تكون المساجد في عهدة مشايخ غير متطرفين، بعد ان تمت السيطرة على بعض منها من جماعات تكفيرية، وقد تراجع دور مفتي الجمهورية السابق في ان يقبض بقوة على المؤسسة الدينية، مما افسح المجال بأن يمسك المتطرفون في التوجيه الديني، وان انتخاب الشيخ عبد اللطيف دريان، مفتياً للجمهورية، وانهاء حالة الانقسام داخل الطائفة السنية، فان كل هذه العوامل تساعد على محاربة «داعش» وكل متطرف يعمل على الساحة السنية.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...