في خضم العجز السياسي الفاضح، اخترق “حزب الله” الجمود في ملف المخطوفين لدى مجموعات سورية مسلحة، فأعلن عن تحرير أحد مقاتليه عماد عياد، الذي كان أسره قبل أقل من شهرين “الجيش السوري الحر” في منطقة القلمون، في مقابل اطلاق أسيرين كانا محتجزين لديه تردد انهما يحملان جنسية خليجية، الأمر الذي ترك أكثر من علامة إستفهام وغضب خصوصاً لدى أهالي العسكريين المختطفين.
صحيفة “الاخبار” اشارت الى ان “حزب اهري” أفرج في صفقة التبادل عن مسلحين معتقلين لديه من “الحر” هما مرعي مرعي ومرهف عبد الغني الريس، أحدهما من مواليد حمص عام 1986 والآخر من مواليد يبرود عام 1976. وذكرت أن جهاز الأمن في “حزب الله” توصل الى معلومات قادته الى تنفيذ عملية أمنية في إحدى نقاط انتشار المسلحين في منطقة القلمون، حيث تم أسر القائدين الميدانيين مرعي والريس، ونقلهما الى مقر للحزب، وترافق ذلك مع توقيف الجيش اللبناني للعقيد في الجيش الحر عبدالله الرفاعي، الذي أطلق سراحه الثلثاء بقرار قضائي، ما ظهر كأنه جزء من الصفقة. وبعد أسر حزب الله لقادة من المسلحين، انطلقت جولة جديدة ومختلفة من المفاوضات قادت الى التفاهم الذي نفذ أمس بالتعاون مع شخصيات سورية محلية. وأشارت “الاخبار” الى انه تم نقل عياد الى مقام السيدة زينب جنوب دمشق حيث احتفل به رفاقه قبل نقله الى منزله في محلة الكفاءات في الضاحية الجنوبية.
وقالت مصادر لبنانية مطلعة على عملية التبادل التي اجراها «حزب الله» لتحرير الأسير عماد عياد، مقابل إطلاق سراح أسيرين من عناصر الجيش الحر كانا لدى الحزب إن عياد كان محتجزا لدى إحدى فصائل الجيش الحر وليس لدى «جبهة النصرة»، لافتة إلى أن الحزب لا يزال يحتجز أعدادا كبيرة من عناصر الجيش السوري الحر.
وأشارت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «حزب الله لم يخضع لشروط تعجيزية كالتي يفرضها التنظيمان لتحرير العسكريين المختطفين»، قائلة: «الحزب حرّر أسيره مقابل عنصرين اثنين من الحر، وليس مقابل 10 أو 50»، كما أشاع البعض.
وشدّدت المصادر على أن «الطرف الذي تم تفاوض معه لتحرير عياد ليس الطرف نفسه الذي يختطف العسكريين اللبنانيين».
وتضاربت المعلومات حول ما إذا كانت «جبهة النصرة» هي الجهة التي تم التفاوض معها أو فصائل مقاتلة أخرى نسّقت مع الجبهة، علما بأنه لم يصدر أي شيء عنها عبر حساب «مراسل القلمون» على موقع «تويتر» الذي آثر نشر أخبار التنظيم في جبهة القلمون وأخبار العسكريين اللبنانيين المختطفين.
وكان «تجمع القلمون الغربي» تبنى مطلع الشهر الماضي عملية أسر عياد، والتجمع عبارة عن تشكيل يتضمن فصائل عدّة، تأسس العام الماضي، بهدف توحيد صفوف الجماعات المقاتلة في القلمون، ويتألف من 22 فصيلا، اتفقوا على تشكيل مجلس شورى لقيادة التجمع، وهو مؤلف من «العقيد الركن عبد الله الرفاعي (قائد التجمع)، العمدة (نائب قائد التجمع)، و6 أعضاء آخرين». واللافت أن عملية التبادل بين الجيش السوري الحر و«حزب الله» تمت بعيد قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الأسبوع الماضي إخلاء سبيل الرفاعي.
وفور شيوع خبر تحرير مقاتل «حزب الله»، تسابق مؤيدوه على شبكات التواصل الاجتماعي للتذكير بالخطاب الشهير لأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي قال فيه في عام 2008: «نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون».
وقد شارك «حزب الله» في أكثر من عملية تبادل لأسراه مع إسرائيل سابقا مما جعله يطور آليات تفاوض. ولكنّ هذه المرة الأولى التي يُقر فيها بالتفاوض مع الجيش الحر وغيره من الفصائل المقاتلة في سوريا.
وتأتي هذه المبادلة، في ظل استمرار التفاوض بين الدولة اللبنانية وبين «النصرة» و «داعش»، على تحرير العسكريين اللبنانيين المخطوفين منذ 2 آب (أغسطس) الماضي.
وتخضع هذه المفاوضات الى تجاذب وتأرجح في ظل استمرار اعتصام أهالي العسكريين قبالة السراي الحكومية للضغط على الحكومة كي تسرّع مبادلة هؤلاء العسكريين بموقوفين إسلاميين في سجن رومية. وهي مبادلة خضعت وتخضع لخلافات داخل الحكومة، حيث يعترض البعض على تلبية مطالب الخاطفين بحجة الحفاظ على هيبة الدولة.
واعتبرت مصادر رسمية لـ«الحياة»، أن حصول المبادلة بين «حزب الله» و «النصرة»، يفترض أن يسهّل قيام الجانب اللبناني بالمبادلة من جهته لضمان إخلاء سبيل العسكريين، طالما أن الحزب قام بعملية المبادلة.
وعلمت «الحياة» أن المفاوضات بين «حزب الله» والخاطفين كانت بدأت منذ فترة طويلة من خلال احد المشايخ الذي نجح في تأمين قنوات التواصل بينهما.