ارتبطت مخيمات اللاجئين السوريين بالارهاب بعد مداهمات للجيش اللبناني والقوى الأمنية واعتقال العديد من الإرهابيين غير أن حركة النزوح الهمجية التي شهدها لبنان والتي لا طاقة له على تحملها، أفرزت إرهابًا من نوع آخر تجلى بيوت دعارة منتشرة في معظم المناطق اللبنانية.
مَن يغوص في التفاصيل أكثر يجد أنّ نسبة عمل الفتيات السوريات في هذه المهنة إلى ازدياد لا بل إنّ الأعداد تتضاعف يوماً بعد يوم خصوصاً أنّ هناك إغراءات تشجع على القيام بهذه الأمور.. في حين أن الدولة إما غائبة أو مغيبة، ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول استمرارية هذه البيوت وممارسة عملها بشكل علني من دون حسيب أو رقيب.
الشيخ أنس وبيوت الدعارة:
سوق الدعارة كما كل الأسواق في لبنان على تعدّدها مقسّمة ومجزّأة وفقاً لمحاصصات ومحسوبيات محدّدة. وتتميّز الكورة بسوقها الكبير لأنه يمتد من البترون مروراً بشكا وصولاً إلى المناطق الجبلية وأولها بشري. وهذا السوق كان تحت أمرة رجل سوري ملقّب بـ”الشيخ أنس”.
للأخير خبرة كبيرة في هذا المجال تزيد عن العشرين عاماً على ما تقول ربى، وهو مَن قضى أعواماً بالإتجار بالبنات وبيعهن في السوق السوداء وسوق الدعارة. كما أنه بنى علاقات قوية لحماية نفسه محلياً، هذا ناهيك عن الحماية التي كان يتمتع بها والنفوذ المعطى له من السوريين ولا يزال الى يومنا هذا. وكان ينشئ في كل بلدة تقريباً من منطقة الكورة بيت دعارة، وقد تختلف البيوت حسب كل بلدة. فظاهرياً قد يكون أحد مكاتب توظيف الفتيات في القلمون هو الواجهة، أما في الواقع فهو بيت دعارة.
ويضمّ المكتب لبنانيات غالبيتهنّ من منطقة الضنّية وطرابلس إضافة إلى السوريات اللواتي لم تكنّ معروفات كما اليوم. والتسعيرة نفسها تسري على اللبنانيات والسوريات، والتعرفة على الساعة الواحدة مئة ألف ليرة لبنانية، حيث حصة الفتاة من هذا المبلغ الربع فقط والباقي يُعطى للشيخ أنس.
كما أنه حفاظاً على سرّية عمله كان يرسل سائقين يرافقون الفتيات إلى حيث الزبون، كي لا تقوم البنات بأيّ عمل قد يخالف قانون الشيخ أنس. وكان ممنوعاً على الفتاة أن تكون على علاقة مباشرة مع الزبون لا بل الشيخ أنس كان الرقيب الدائم للبنات اللواتي كنّ يعشن حياة العبودية بكلّ ما للكلمة من معنى.
على عينك يا تاجر:
ومن بين أكثر المشاكل إلحاحاً، مسارعة بعض اللاجئين إلى تزويج بناتهن المراهقات من لبنانيين لحمايتهنّ من الظروف المعيشية السيّئة وضمان مستقبلهن. هذا في العلن، او إذا أردنا القول إنّ الزواج هنا واجهة لا أكثر لتغطية الدعارة فتصبح في هذه الحال شرعية مئة في المئة على ما تقول هويدا السورية ذات الخامسة والعشرين من العمر. وهويدا تزوّجت من هارون (السيد) على أساس أنها تريد السترة في كنف عائلة تحت سقف يحميها من العوامل التي يمكن أن تعود عليها بالضرر. ويوماً بعد يوم راح يتّضح لها أنّ زوجها غيّر معاملته لها بعد أن حقّق مبتغاه الجسدي منها، ليبدأ فرض العمل عليها في الدعارة فهي زوجته وعليها أن تنفّذ ومن ثمّ تعترض إذا كان هناك من اعتراض.
اليوم وبعد مرور عام على زواجها اعتادت على بيع جسدها لأنه في النهاية لا حول لها ولا قوة، وزوجها مستعدّ لتقديمها على طبق من فضة لمن يريد. ولكنّ هويدا قالت كلمتها وأدارت ظهرها ومشت على هواها..
دعارة حرة:
ليس بإمكان السوريات الدفاع عن أنفسهن والمطالبة بحقوقهن، وبالتالي هرباً من الواقع المرير الذي يعشن فيه، يعملن اليوم لحسابهن الخاص. غالبيتهنّ لا يردن العمل تحت أمرة هذا وذاك واستغلالهن. من هنا تنتشر النازحات الجميلات اللواتي لجأنَ إلى طرق غير شرعية لكسب المال بهدف تحقيق حياةٍ أكثر رفاهية وفي رأيهنّ هذه الحياة بلا شك خالية من المشقّات وتَقيهنّ مصارعة المتاعب والشقاء.
غب الطلب:
والملفت أنه في المعاملتين ينتشر سوق السوريات عبر شقق خاضعة لاشخاص لبنانيين ميسورين يقوم بادارتها شباب سوريين لهم باع طويل بالمهنة و”يزن” شاب سوري من بين هؤلاء والذي بامكان الزبون الاتصال به شارحًا له مواصفات الفتاة التي يريد لامضاء معها الليل، لتأتيك “دليفري” من دون قيد أو شرط وبأسعار جيدة مقارنة مع بائعات الهوى الروسيات. وظاهرة الدليفري هذه هي الأولى من نوعها في لبنان وفريدة لتصبح معها الدعارة بمتناول الجميع ككل شيء جاهز وسريع ومن دون تعب أو مجهود.
مسلم والمداهمات:
لا يخفى على أحد أن القوى الأمنية تقوم بمداهمات جمة في المناطق اللبنانية كافة يقول رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدّم جوزيف مسلم حيث ترد معلومات عن وجود بيوت دعارة، وفي أغلب الأحيان يفيدنا بالمعلومات سكان المناطق والأحياء. المداهمات لا تتوقف يقول مسلم للكلمة اونلاين حول هذا الموضوع والبارحة بالذات قمنا بمداهمة بعض البيوت. وعلى هذا الأساس قمنا بتوقيف بعض الأشخاص الذين كانوا يستغلون النازحات بهدف الدعارة وهذا ما نسميه دعارة مقنعة. والأخطر من هذا الأمر هي عملية الإتجار بالأشخاص والزواج منهن وتشغيلهن…
درباس يندد:
في حين يشدد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين هي المسؤولة عن الإنحرافات التي تقوم بها النازحات السوريات في لبنان وعن استغلالهن وعرضهن للبيع ويؤكد للكلمة اونلاين أنه “من خلال مشاهداتنا اليومية فالأكيد أن هناك استغلالا للحالة المأساوية لإخواننا السوريين من هنا على الوزارات المعنية والجمعيات المولجة متابعة اوضاعهن القيام بواجباتهت على امكل وجه“.
هربن من بلدهن طلباً للحرية وها هنّ اليوم يبعن اجسادهن. فاستغلال السوريات وبيعهن أضحى موضة العصر بالنسبة للكثيرين