شيئاً شيئاً، يرتفع منسوب المراهنة على اطلاق حوار جدي بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، بمسعى من الرئيس نبيه بري «الوسيط الدائم» في صراعات الطرفين، ومع ان الملفات الشائكة التي تحفل بها الساحة السياسية، هي التي ستتحكم بمصير اي حوار يقوم بين الطرفين الاكثر تمثيلا وقدرة في الشارعين السني والشيعي، فان التشكيك بالوصول الى تفاهمات جوهرية قد يُفضي اليه الحوار، يحتل حيزا واسعا من المشهد السياسي.
وبرأي اوساط في 8 اذار، فان اولى تباشير الحوار الذي يسعى اليه الرئيس بري، زيارة السفير السعودي علي عبد الله العسيري الى عين التينة، وتقديم اشادات بدوره، وان كان الرئيس بري مقتنعاً بحدود المناورة لكلا الطرفين «تـيار المستقبل» و«حزب الله»، وتقول: اذا نجح الرئيس بري في جمع الطرفين في صورة تذكارية سيكون الامر انجازا، في ظل التعقيدات التي تعترض قيام تفاهمات بين مختلف القوى السياسية المنقسمة على معسكري الثامن من آذار والرابع عشر من آذار، وتتساءل: اي حوار سيقوم بين طرف ترى مرجعيته الاقليمية «حزب الله» كمنظمة ارهابية (؟!)، بعد الادراج السعودي للحزب على لائحته الخاصة بالمنظمات الارهابية، فيما اطلق الطرف الآخر اتهامات بتورط السعودية بدعم المنظمات التكفيرية والارهابية في شن هجمات انتحارية ضد السفارة الايرانية في بئر حسن ومناطق سكنية تشكل الحاضنة الشعبية لـ «حزب الله».
وتتوقف الاوساط، عند اشكاليات الحوار المنتظر والتعقيدات التي تقف دون تحقيقه، فتقول: ان الملفات الخلافية تكاد تغطي على ما تبقى من ملفات توافقاً بين الطرفين، من الملف الرئاسي الذي حسم الطرفان خيارهما، والمشاركة العسكرية لـ«حزب الله» في القتال داخل سوريا الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد، وهما ملفان لا مجال للطرفين الوصول الى نتائج بشأنهما، الا اذا حضرت المؤثرات الاقليمية، ولكن السؤال الاصعب الذي سيكون مطروحا امام المشهد التحضيري للحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، لماذا تُجيز السعودية لـ«وكيلها المعتمد» في لبنان، الذي يشكله «تيار المستقبل» لاجراء حوار للوصول الى التفاهمات الممكنة مع «منظمة ارهابية» كـ «حزب الله»؟.
الحوار مع «المستقبل»، من وجهة نظر «حزب الله»، بحسب الاوساط المتابعة، لن يكون من اولى الاولويات المدرجة عنده، وان كان يفضله، لا بل يسعى اليه، لاراحة الساحة الداخلية وتنفيس الاحتقانات ذات الطابع المذهبي، وهذا الامر يسعى اليه «حزب الله»، هربا من الاقتتال المذهبي الذي تغذيه جهات داخلية واقليمية وحتى دولية، بهدف ارباك «حزب الله» والتأُثير على مشاركته في القتال داخل سوريا، والحد من تأثيراته ونفوذه العابر للحدود، فيما الحسابات السياسية تشير الى خسائر بالجملة قد تلحق بالدور السعودي في لبنان وحجم تأثيره، اذا ما ذهبت المرجعية الاقليمية لتيار المستقبل الى الآخر في حربها على «حزب الله»، وقد تجد السعودية نفسها انها احرقت الكثير من المراحل، حين قامت بتصنيف «حزب الله» منظمة ارهابية.
وبرأي الاوساط نفسها، فان اللبنانيين لم يصلوا بعد الى سكة الحلول، وكل ما يجري ما هو الا محاولات للتهدئة «حتى اشعار آخر» يأتي من خارج الحدود، حينها يذوب صقيع العلاقات المتوترة بين السعودية وايران، تهدئة مرتبطة بصورة وثيقة مع ما يجري من تطورات ومستجدات على غير جبهة مشتعلة. فهل يصل الحوار المفترض قيامه بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» الى توافق على رئيس جمهورية؟ علما ان «حزب الله» لن يجد حرجا في حواره مع «ألمستقبل»، يدفعه الى تقديم تنازلات تُضحّي بترشح حليفه الاساسي العماد عون لرئاسة الجمهورية، ولا هو في وارد اعتبار هذا الترشح ورقة من اوراق حواره مع «ألمستقبل»، الا اذا…؟، وبالتنسيق مع عون نفسه، الوضع ذاته في ملف مشاركة الحزب في القتال في سوريا، وهو ملف خارج النقاش بالمطلق.
سؤال، تقول الاوساط نفسها، يوحي بان الطريق الى قصر بعبدا تمر بالتوافق السني ـ الشيعي، سؤال قد يصعق سيد بكركي البطريرك الراعي الذي هزّ بعصاه الكنسي المشهد السياسي، ورفع الصوت عاليا امام العراقيل التي تحول دون ملء الموقع الماروني الاول في النظام السياسي اللبناني، والذي يشكله موقع رئاسة الجمهورية، وهو دلّ بالاصبع، على ان الكلمة الفصل تبقى للخارج .. لكنها الحقيقة المُرّة التي اظهرت ان التأثير السياسي للقوى المسيحية ما زال محدودا، ان لم نقل معدوما، سيما في الاستحقاقات الكبرى، كالتمديد للمجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية، فيما الاولوية عند المسيحيين انتخاب رئيس .. وليس اي رئيس سيكون حصيلة حوار داخلي بين الاسلام السياسي في السلطة، فهل يُعقل ان تكون الساحة المسيحية في حال انتظار لما سيؤول اليه حوار، لم تكتمل عناصره وشروطه ومعطياته بعد، فيما نتائجه ستكون محدودة التـأثير، طالما ان الخارج المؤثر لم يُعط بعد «التأشيرة» لرئيس جمهورية جديد.. للوصول الى بعبدا.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...