تشكل كردستان العراق احدى أهم مناطق نفوذ ومصالح أميركا في المنطقة، وتعيش هذه المنطقة انتعاشا اقتصاديا في ظل أجواء من الاستقرار الأمني والسياسي تحت راية الحكم الذاتي. لكن هذه الصورة بدأت تهتز الاسبوع الماضي عندما بدأت “داعش” بهجوم مباغت على ابواب الإقليم الكردي وعلى الأقلية الايزيدية، الا ان واشنطن حسمت أمرها وقررت التدخل عسكريا من خلال ضربات جوية محدودة لأهداف عسكرية تابعة للتنظيم المتشدد لوقف تمدده الى باقي المناطق العراقية.
لكن لماذا تدخلت واشنطن عسكريا فقط عندما بدأ هجوم “داعش” على الايزيديين والأكراد ولم تتدخل عندما هجّر التنظيم المتشدد الأقلية المسيحية من الموصل؟ وكيف تُفسَّر تلك الضربات؟ هل خرجت أميركا عسكريا من الباب العراقي العام 2011 لتعود من نافذته اليوم؟
يأتي ذلك في ما تدخل السلطة المركزية في بغداد مرحلة سياسية جديدة بعد اقالة رئيس الوزراء المقرب من طهران نوري المالكي وتكليف حيدر العبادي لتشكيل حكومة جديدة بمباركة أميركية، فيما يتمسك المالكي بمنصبه بل ذهب أبعد من ذلك عندما اعطى أوامره لمؤيدين تابعين له للنزول الى شوارع بغداد كمحاولة يائسة لرفض الواقع الجديد.
هذا واكد العميد الركن المتقاعد الدكتور امين حطيط لـ “صدى البلد” انه عند ذهاب داعش في بعيداً في الميدان لا بد من اميركا من التدخل لضبطها، ويذكّر بالمعلومات الاخيرة التي صدرت عن كتاب وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون “خيارات صعبة” بأن داعش هي منتج أميركي يعمل على تنفيذ السياسة الاميركية في المنطقة. ويوضح ان الاعلام الاميركي اكد صحة المعلومات وان كلينتون حتى اليوم لم تصدر بياناً ينفي ما نسب الى كتابها، ويرى ان تنظيم “الدولة الاسلامية” هي صناعة أميركية بتمويل خليجي، هدفه خدمة المشروع الصهيواميركي.
وفي ما يتعلق بحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، يرى ان المرحلة المقبلة في العراق ستكون مرحلة “مراوحة” مؤكداً ان المالكي سيبقى رئيس حكومة تصريف اعمال في حين سيحاول الرئيس المرشح الجديد حيدر العبادي تشكيل حكومة جديدة، اذ يذكر ان حكومة العبادي لن تنطلق ما لم يوافق عليها المالكي لامتلاكه كتلة تشكل ربع البرلمان.
اما بالنسبة للترحيب الايراني بترشيح العبادي فيقول ان الحالة العراقية تريده اذاً لا بد من تماشي الموقف الايراني مع الحالة، ويرى ان الرئيسين يتماثلان من حيث محور المقاومة وتجنب الصراع مع اميركا والمحافظة على علاقات جيدة مع سورية والعراق، واحتضان الطائفة الشيعية ولكن في السياسة الداخلية قد يختلفان.
ويشير حطيط الى ان حكومة العبادي قد تواجه عقبات اذا لم تلق دعماً داخلياً واقليمياً.
وعند السؤال عما اذا كانت اميركا تمهد للعودة الى احتلال العراق مجدداً قال: ان الضربات الاميركية لا تعني النية بالاحتلال، وان القصف الاميركي متلخص بثلاثة اهداف وهي رسالة الى الاكراد بأن الدولة الكردية تحت حماية اميركا، رسالة للداخل العراقي بأن معاهدة التفاهم في الاطار الاستراتيجي لن تموت، واخيراً بناء سابقة يبنى عليها لاحقاً عند الحاجة لتدخل عسكري اميركي بضربات موضوعية قريباً من الحدود السورية – العراقية.
البلد