مع ارتفاع منسوب التسويق لحلول مطروحة للملف الرئاسي، وسط تأكيد على خيارات ثابتة لبعض القوى السياسية المؤثرة في «الاستحقاق المؤجل»، يُجمع المتابعون للتطورات السياسية المتزامنة مع تطورات امنية خطيرة، في لبنان وعلى مستوى المنطقة، على ان اللبنانيين باتوا على قناعة كرّستها الاستحقاقات الرئاسية التي جرت منذ اتفاق الطائف، ان الطبقة السياسية اثبتت عجزها في التوافق على رئيس جمهورية توافقي، على حدّ قول مصادر متابعة للملف الرئاسي، فيما كل الاستحقاقات الرئاسية والنيابية التي جرت، ومعها التمديدان النيابيان، الاول والثاني، كانت ثمرة لصفقة سياسية تجريها القوى والاطراف الموزعة على معسكري الثامن من آذار والرابع عشر من آذار، الفارق : ان الصفقات التي جرت خلال «عهد» الوصاية السورية كانت تجري في الداخل، فيما بعد انتهاء الوصاية ودخول لبنان عهد «السيادة والحرية والاستقلال»اصبحت الصفقات تجري في الخارج.
ولعل اولى الاشارات التي توحي بان شيئا ما بدأ يتحرك، وان شككت قوى واطراف سياسية بحجم «هذا الامل»، جاءت من رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحسب المصادر، الذي اوحى بنوايا خارجية لتحريك الملف الرئاسي، في وقت تخوض القوى السياسية «ماراثونا»رئاسيا، يُترجم حينا بكباش سياسي، ويكون حينا آخر، مرنا مفتوحا على المبادرات والايدي المفتوحة، ولكن من دون شروط.. او المس بالثوابت.. الى ان يأتي «الوحي» الاقليمي، ليقول كلمته.
ولان قنوات الاتصال القائمة بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، تقول المصادر، تكاد تكون محصورة بالرئيس بري وبرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فان الهدوء السياسي سيكون سمة المرحلة، لحين ظهور تطورات او مستجدات على المستوى الاقليمي، مرتبطة بالمسار الذي تسلكه العلاقات السعودية – الايرانية، وتجزم المصادر بان الملف الرئاسي، وُضع مؤخرا على نار متحركة، لكنها غير مستعجلة، وان ما جرى من تفاهم «رباني» في ملف التمديد لمجلس النواب، ترك تصدعات داخل كل من المعسكرين، ما هو الا اشارة اقليمية ودولية على ضرورة تفكيك الملفات التي من شأنها ان تفجر الاوضاع في الداخل اللبناني، بالتزامن مع اشارات اطلقتها الامم المتحدة ومعها السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل خلال زيارته الى الصرح البطريركي، من دون ان يعني ذلك توقف الكباش الحاد الجاري بين الاطراف اللبنانية التي باتت مقتنعة، بان مفتاح المعالجة ما زال يتحكم به ملف العلاقات السعودية ـ الايرانية المتأرجحة بين التأزيم والحلحلة، وان كانت كفة الحلحلة مرجحة، امام تزايد المخاطر في الساحة الاقليمية جراء سطوع «نجم» القوى الارهابية الممثلة بـ «داعش» الذي بشر والي دولتها، بان امتداد هذه الدولة سيصل الى السعودية التي وصف امراءها بـ «رأس الافعى».
وتشير المصادر الى ان مؤشرات عدة برزت مؤخرا ، تؤكد السير في خطوات اختبارية في الملف الرئاسي، من دون ظهور اي حلحلة او تنازل عن اي من الثوابت الكبرى للاطراف، بعد ان استنفذت كل مظاهر الكباش السياسي الحاد، واُخمدت جبهات الداخل والاستنفار السياسي والامني ضد الجيش اللبناني في طرابلس وعكار وحسم ملف المجموعات الارهابية المحلية المرتبطة بصورة وثيقة بالقوى الارهابية من «داعش» و«النصرة»، وترى ان تسويق «تيار المستقبل» لمبادرة «انفتاحية» للرئيس سعد الحريري، لم تُلغِه الحملات التي ينظمها رموز حكومية ونيابية من «المستقبل» ضد «حزب الله». بالمقابل، وُضعت سياسة حزب الله بـ «مد اليد» التي برزت في خطاب امين عام الحزب السيد حسن نصرالله، تحت مجهر تأكيد «حزب الله» على دعم مرشحه الى رئاسة الجمهورية العماد ميشال عون «ليس من باب الوفاء، بل كحليف وخيار.
وفي السياق تبرز «رسالة الحسم والخيار» التي وجهها امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله الى عون «الزعيم المسيحي الاقوى في الساحة المسيحية، وعلى مستوى المنطقة»، والتي حملها رجلا «الملفات الصعبة» القياديان في الحزب حسين خليل ووفيق صفا الى رئيس تكتل التغيير والاصلاح الرئيس ميشال عون في الرابية، و«اغداقه» بـ «المبايعة» الرئاسية للجنرال، مع التأكيد على الحوار والانفتاح، تحت سقف «من دون شروط».. وترى الاوساط، ربما اراد «حزب الله»، وهو يمد يده للحوار «من دون شروط»لمعالجة الملفات المستعصية، ومنها ملف الرئاسة، ان يؤكد على خياره في الملف الاكثر تعقيدا، فـ «مبايعته الرئاسية» للعماد عون «صاحب القرار على الساحة اللبنانية» او «ملك الساحة اللبنانية ع بياض»، وهو قطع اشواطا كبيرة في تحقيق نتائج هامة في العلاقة مع عون وتياره، بحسب المصادر، اقله ملف سلاح المقاومة المستهدف من قوى الرابع عشر من آذار و«اصدقائها» على المستوى الاقليمي، ودوره في مواجهة القوى الارهابية عند الحدود السورية مع لبنان ووقوفه الى جانب النظام. فالعلاقة بين الطرفين، وفق ما قال حسين خليل المعاون السياسي لامين عام الحزب السيد حسن نصرالله، باتت «علاقة الوجود التكاملي والجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو، تداعت له سائر الاعضاء».. والعماد عون يشتكي رئاسة الجمهورية اليوم، فهل سيتداعى له «حزب الله» لمناصرته في معركته؟..هذا ما قالته «رسالة حسم الخيار» التي ارسلها نصرالله لعون.
وترى المصادر، ان «حزب الله» لم يلمس بعد، اي اشارات ايجابية من تيار المستقبل حول الحوار والتلاقي لبت الملفات العالقة، ومنها الملف الرئاسي، طالما ان الحملات التي يسوقها التيار ضد «حزب الله» مستمرة ومتصاعدة، مع سعي «مستقبلي» للتخفيف من وطأة المخاطر التي تتهدد لبنان، والقادمة تارة من جرود عرسال من قبل القوى الارهابية وتارة اخرى من المجموعات الموالية لـ «داعش» و«النصرة»في الشمال، لكنه ينتظر ان يكون التيار مستعدا للحوار، من دون ان يتراجع الحزب عن القيام بدوره في محاربة الارهاب والابقاء على وجوده في الداخل السوري، اضافة الى دوره في التصدي لاي عمل عسكري لـ«النصرة» و«داعش» على جبهة القلمون ـ جرود عرسال، والسهر على مواكبة اي سعي من هذه القوى لفتح جبهة عسكرية، انطلاقا من جبل الشيخ ـ شبعا ـ راشيا.
والمقبل من الايام، سيكشف ما اذا كان الخيار النهائي لـ «حزب الله» في الملف الرئاسي سينسف الحوار مع «تيار المستقبل».
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...