المفاوضات الاميركية الايرانية – السعودية حول العراق فشلت، وهذه الساحة هي نقطة الاشتباك الاساسية بين هذه الدول حاليا، وتتساوى بأهميتها مع الملف السوري، ويأتي بعدها الملف الاردني ثم اللبناني…
المعلومات المتوافرة من المتابعين لهذا الملف، تؤكد ان واشنطن وايران رفضتا كل العروض السعودية والاغراءات والمصحوبة بعروض لتقديم تنازلات وتحديدا في لبنان في الملف الرئاسي اذا تخلت طهران عن ورقة المالكي في العراق وتاليا واشنطن وبالتالي فان العرض السعودي للدولتين بالتخلي عن المالكي لصالح اي قوى اخرى دون تفضيل وقادرة على التوازن بين ايران والسعودية في العراق فشلت لصالح التمسك بورقة المالكي من واشنطن وطهران بالتالي لم تنجح كل المحاولات والتوترات، وبحر الدماء، من الغاء الانتخابات العراقية، وتمسكت واشنطن بوصفها من افضل العمليات الديموقراطية في العالم العربي وحيا كيري وزير خارجية اميركا شجاعة العراقيين بالانتخاب والنزول الى صناديق الاقتراع التي حازت ايضا على اعجاب الامم المتحدة، وقد دلت عمليات الفرز الاولى عن تقدم لوائح المالكي الذي سيعود الى الحكم باوراق اضافية ستساعده في تثبيت حكمه وتنفيذ سياساته.
اما في سوريا فيقول المتابعون لهذا الملف ان الانتخابات ستحصل وسيفوز الرئيس بشار الاسد لان الانتخابات في سوريا هي معركة تصويت وليست نتائج وبالتالي لن تنجح كل عمليات التصعيد التي سيمارسها المسلحون ضد دمشق، وحمص واللاذقية وطرطوس وجبل العرب حتى 3 حزيران من اجل تعطيل الانتخابات وسيتعامل الغرب بعد فترة مع النتائج خصوصا ان تصريح رئيس الحكومة البريطانية السابق طوني بلير بضرورة حصول التسوية مع الاسد وليس مع غيره اكبر دليل على تبدل المزاج الدولي حيث الاسد رأس الحربة في مواجهة كل الارهابيين الذين تعرضوا لضربات قاسية في سورية حسب تقرير وزارة الخارجية الاميركية الاخير عن الارهاب.
ويضيف المتابعون لاجواء الاتصالات ان ايران استطاعت كسب الجولتين في العراق وسوريا. فيما احداث بلدة معان الاردنية الاخيرة، والمواجهة بين الجيش الاردني والاخوان المسلمين ستجعل من الاردن يتجه نحو مغازلة سوريا وايران لضرب هذه الجماعات. وبالتالي لم يبق في الميدان كساحة تجاذب بين ايران والسعودية سوى الساحة اللبنانية، لكن توازنات القوى في لبنان تمنع على اي فريق الحسم دون حصول توافق مستحيل ان يحصل حاليا بين الناخبين الكبيرين اي السعودية وايران، بعد المواجهة في العراق وفوز المالكي المدعوم ايرانيا واميركيا، وبالتالي يصبح الفراغ في لبنان حتمياً.
وتكشف معلومات مؤكدة عن تفاصيل حوار جرى بين قطب لبناني وديبلوماسي كبير يعمل في بيروت حيث سأل القطب اللبناني الديبلوماسي الغربي عن معلوماته عن اجواء الاتصالات بين النائب العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري اي بمعنى السعودية وايران فكان جواب الديبلوماسي هل ايران مستعدة للمقايضة على المالكي في العراق وتاليا الاميركيين؟ فكان جواب القيادي اللبناني لا املك معلومات، ولكن حسب تحليلي هذا الامر مستحيل فالمالكي هو الاساس عند ايران، عندها اجاب الديبلوماسي، لذلك الاتصال بين عون والحريري لن يصل الى اي نتيجة وواشنطن تدرك ذلك وربما كل العاملين على الملف الرئاسي، وهنا دخلت فرنسا بقوة على هذا الملف وفتحت خيوطا مع ايران، لكن فرنسا لن تستطيع اخذ اي موقف من ايران او اي تنازل منها في العراق وغيره، علما ان ايران اذا ارادت التنازل في لبنان فهي ستبيع واشنطن وليس فرنسا لان التفاوض حول العراق يتم بين الدولتين فقط.
ويتابع العارفون، على اللبنانيين الانتظار وتحديدا حتى 20 أيار موعد صدور الانتخابات العراقية، فاذا عاد المالكي فيعني ان لا تسوية بين السعودية وايران على الملف العراقي وتاليا على الملف اللبناني، وعندها سيكون الفراغ حتميا وسيكون الرئيس سلام مقبولا من الجميع، أما اذا كانت النتائج عكسية عندها تكون التسوية الكبرى المستحيلة قد حصلت وسترفع من حظوظ العماد ميشال عون الرئاسية، ولذلك من الصعوبة اعطاء جواب من الان على هذا الاحتمال، فيما كل المؤشرات تؤكد ان ورقة المالكي غير قابلة للمساومة عند واشنطن وايران.
ويؤكد العارفون «ان فترة حكم تمام سلام مرهونة بكيفية عمل الحكومة وادارتها للتوازنات فاذا نجحت في ذلك تبقى وتستمر، اما اذا سارت باتجاه مغاير نتيجة موازين القوى في تركيبتها الحالية عندها فان اسقاط الحكومة بالثلث زائداً واحداً يصبح حتمياً ومؤمناً، وهذا الاحتمال لن تقبل به الدول الكبرى التي «ستهرول» عندها نحو تسوية تأتي برئيس وفاقي وبحكومة وفاقية بين الجميع، لكن هذا الاحتمال وارد بعد اشهر وربما في ايلول وقبل الانتخابات النيابية، وكل هذه الاحتمالات مرهونة بتطورات الارض وكيفية سير الامور. لكن الثابت والاكيد ان دعم واشنطن للمالكي ليس جديدا وخلال الانتخابات الماضية كانت النتائج لصالح اياد علاوي لكن جيفري فيلتمان تدخل بقوة لصالح المالكي وابعاد علاوي قائلا له «الظروف تقتضي المالكي وتحديدا مصلحة العراقيين وواشنطن وجيران العراق»، ومنذ ذلك التاريخ بدأ جدار الثقة يهتز بين واشنطن والرياض ومستمر حتى الآن في ظل اسئلة سعودية عن مغزى دعم واشنطن اللامحدود للمالكي وحكومته.
الديار