فضيحة جديدة تعود الى عهد تولي وزير الخارجية الحالي جبران باسيل وزارة الاتصالات بين العام 2008 و2011. ولا نقصد بذلك فتح ملفات الماضي بل إلقاء الضوء على مشكلة حقيقية ستُفتح على مصراعيها في المستقبل القريب، وهي تركيب الالياف البصرية من دون مراعاة المعايير المطلوبة ويسعى البعض الى تغطية هذا الموضوع بشكل فاضح عبر الضغط السياسي والإداري بغية عدم وصول الملف الى النائب العام المالي.
ففي غضون تولي الوزير جبران باسيل حقبة وزارة الاتصالات في عهد حكومة سعد الحريري، حصل المهندس ج. ج. الذي يشغل اليوم منصب مستشاره الخاص، على تلزيم مدّ شبكة كابلات الألياف البصرية بعدة ملايين الدولارات. ولكن المشكلة تخطّت العلاقة الشخصية بين الوزير باسيل والمهندس ج.، وتخطّت الخطة التي اتبعها المهندس ج. للتقرب من الوزير باسيل طمعًا بالمناقصات في أيام وزارة الاتصالات، لتظهر فضيحة إدارية وتكنولوجية وعلمية مدوية.
وفي معلومات خاصة بموقع “ليبانون ديبايت”، تبيّن انه تم تركيب 72 كيلومترًا من الالياف المخالفة لدفتر الشروط الموقّع بين الوزارة والمتعهد، ومخالفة للمعايير الدولية المتبعة، حيث أنّه تمّ وضع الكابلات على عمق سطحي جدًا قدّر بـ 30 سنتمترًا بدل أن يكون عمقه أقله 90 سنتمترًا، من جهة أخرى لم يتمّ تغليف الكابلات بمادة “الطحل” كما هو مطلوب. وقد تردّد الى أن الدكتور عبد المنعم يوسف قد أحضر معه الى مجلس الوزراء نموذج عن الأغطية المعتمدة لتأكيد الخطأ والتلاعب في سماكتها التي قد تصل الى نصف السماكة المطلوبة. إضافة الى ذلك، فقد لزّم المهندس ج. كل من المتعهدين د. الحرّ وع. شمص لتنفيذ المشروع، وهذا يعني أن دوره اقتصر على قبض العمولة لا أكثر.
ولاستيضاح الموضوع اتصل ليبانون ديبايت بخبير الاتصالات الدكتور رياض بحسون الذي أكد أنّ العمق الأفضل لمدّ هذه الانابيب هي ما بين 80 سنتم و120 سنتم، وقد تشكّل خطرًا في حال انخفضت الى ما دون 50 سنتم. كما أشار الدكتور بحسون الى أن الدولة اللبنانية قد اعتمدت على الانابيب المحفورة من قبل الوزارات أو الأدارات العامة في بعض تمديداتها ويصل عمقها في معظم الاحيان الى 80 سنتم. أما الأنابيب التي حفرت خصيصًا لوزارة الطاقة فمن الممكن أن يكون عمقها لا يصل الى 80 سنتم، وإذا لا تتجاوز ال50 سنتم فيجب اتخاذ اجراءات ادارية لحل هذه المشكلة. من جهة أخرى لفت الدكتور بحسون الى أن سماكة الكابلات هي ضرورية وإلزامية ويجب أن تكون أقلّه 0,5 سنتم وتتألف من 15 طبقة لدرء خطرها عن المواطنين.
تجدر الإشارة الى ان الألياف البصرية أو الضوئية وما يعرف أيضاً بالـ « Fiber optic» هي ألياف رفيعة لا تتعدى سماكتها الشعرة، مصنوعة من الزجاج النقي الطويل، تُجمع في حزم داخل الكابلات البصرية وتُستخدم في نقل الإشارات الضوئية لمسافات بعيدة جداً.
ومن سلبيات الألياف البصرية أنه إضافة الى تكلفتها المرتفعة، عند تركيبها إنّ أي كسر أو انحناء تتعرض له يؤدي إلى عطبها، وتتطلب صيانتها عناية كبيرة وخبراء متخصصين. وفي ما يتعلّق بالملف المذكور، فقد تصل عمليات تصليح الضرر الى حوالى 15 مليون دولار.