له الحرية وليد بك في التلاحم القسري أو الإرادي مع حزب الله، وله كل الحق في الدفاع عنه كما يراه مناسباً، وله أيضاً الحق في الايعاز بالتهدئة الداخلية ودعوة الجميع للابتعاد عن التشنج في الخطابة والتصريح (نعم، وليد جنبلاط يدعو للتروي في التصريح)، ويستطيع على هذا الاساس أن ينتقد تصريح الوزير ريفي بشأن تشبيهه حزب الله بداعش، أما أن ينسب الى هذا التصريح صفة الهرطقة ويتّهم صاحبه بالغباء فهذا تنكّر لتاريخ حزب الله الحافل بالارهاب والذي اختبره البيك في ثمانينات القرن الماضي أيام نشأة حزب الله، ومؤخراً في 7 أيار نصرالله “المجيد”.
لا لزوم لتعداد الجرائم التي ارتكبها حزب الله في منتصف الثمانينات بحق المسيحيين المقيمين في بيروت الغربية، اي المناطق ذات الاكثرية المسلمة، بحجة التحضير لإنشاء الدولة الاسلامية، تماماً كما يفعل داعش اليوم في الموصل. ولا لزوم للتذكير بتصفية اليساريين لأنهم مخالفون للعقيدة تماماً كما يفعل داعش اليوم بحق الايزيدين. ولا لزوم للتوقف عند التفجيرين الانتحاريين لمقرات المارينز والقوات الفرنسية اللذين ذهب ضحيتهما اكثر من 300 جندي، أو التفجير الانتحاري الذي استهدف السفارة الاميركية في عين المريسة وأودى بحياة اكثر من 16 لبنانياً ذنبهم أنهم كانوا يتقدمون بتأشيرات دخول للولايات المتحدة الاميركية، او قل تأشيرات هروب من عبثية الحروب اللبنانية، تماماً كما يفعل داعش اليوم في كل من العراق وسورية. ولا لزوم للتذكير بخطف الاجانب من صحافيين وكتّاب وسياسيين وإعدامهم بدم بارد تماما كما داعش اليوم.
لا لزوم لذلك، فالبيك سيقول إن تلك الحقبة عفا عنها اتفاق الطائف. ولنتفق معه على هذا الامر. طيب، ماذا عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ ماذا عن مشاركة حزب الله في الحرب السورية؟
مشكلة النسيان، أو طي صفحات الماضي، كما يُطلب من اللبنانيين بعد كل حقبة دموية، تكمن في أنها لا تردع القاتل. عندما نعفو عن الماضي، نعفو عن القاتل وأفعاله وجرائمه، ونكون بذلك نستدعي تكرار فظاعاته.
فمَنْ قتلَ حسين مروة ولم يحاسَب، ومن قتل ميشال سورا ولم يحاسَب، ومن قتل مصطفى جحا ولم يحاسَب، سيقتل سمير قصير وجبران التويني ورفيق الحريري لاحقاً، وسيتّكل ربما على وليد جنبلاط ليبتدع مصالحة جديدة لتطوي صفحة أخرى من تاريخ ملعون يبدو أنه يستلذّ في تعذيب اللبنانيين. أم تراهم هم اللبنانيون أصبحوا لا يهنأ لهم عيش إلا في العذاب؟
إيلي فواز