قرر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تقديم مساعدة مالية عاجلة
للبنان بقيمة مليار دولار، تكون مخصصة حصرا لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية في
الحرب على الإرهاب لدحره بعدما أطل برأسه من عرسال. وكلف الملك عبدالله الرئيس سعد
الحريري الإشراف على تنفيذ هذه الخطوة (مع ما يعنيه ذلك من تكريس لموقع ودور
الحريري الذي يمر عبره الدعم السعودي للبنان) التي تأتي بعد تطورات عرسال المفاجئة
والهجمات على المراكز العسكرية والأمنية، وبعد خطاب هام لخادم الحرمين دان فيه
الإرهابيين وممارساتهم وأظهر توجها حازما الى محاربتهم والتصدي لهم.
هذه المساعدة الجديدة تضاف الى هبة الثلاثة مليارات ومنفصلة عنها تماما، وستسير
وفق آلية تنفيذية (إدارية ومالية) مختلفة.
ومما لا شك فيه أن هذه المساعدة
تعكس اهتماما سعوديا ملحوظا بالوضع في لبنان الذي يظل أولوية في حسابات المملكة رغم
تدافع الأزمات والملفات في المنطقة، وأن هذا الدخول السعودي المباشر على خط أحداث
عرسال يشكل عاملا مساهما في التهدئة وضبط الوضع والحؤول دون انزلاقه الى ما هو أسوأ
وأخطر في اتجاه الفتنة ونسف الاستقرار.
الخطوة السعودية قوبلت بردود فعل سياسية على الساحة
اللبنانية:
1- مصادر مقربة من 14 آذار رأت أن هذه المبادرة السعودية الجديدة اكتسبت أهمية
استثنائية لعلها تفوق تلك التي واكبت هبة الثلاثة مليارات دولار التي تقررت قبل
أشهر ولاتزال تنتظر المسالك التنفيذية، إذ عكست قرارا سعوديا حاسما بدعم الجيش دعما
فوريا ترجمة لحرص السعودية على استقرار لبنان ومضيها في مواجهة كل جبهات الإرهاب
المفتوحة في المنطقة.
2- أوساط إعلامية قريبة من 8 آذار أشارت الى أن ما يقف
في خلفية القرار – الهبة هو أن تتوافر للجيش اللبناني الإمكانيات الضرورية لإنشاء
ميزان قوى عسكري داخلي جديد يمنع حزب الله من التدخل في سورية أو في أي مكان عبر
الحدود.
3- أوساط مراقبة محايدة رأت أن الرسالة الكامنة خلف هذه الهبة الطارئة تتجاوز في
مقاصدها القيمة المادية الى الدلالة السياسية، ذلك أن الرياض أرادت أن تستعجل تقوية
الجيش ومنع انفلاش الفوضى، لأن البديل من وجهة نظرها هو أن يسقط لبنان بيد حزب الله
أو «داعش»، وهما خياران أحلاهما مر بالنسبة إليها.
وفي رأيها أن الرئيس سعد
الحريري يواظب على نهج الاعتدال ويضع حدا لارتباك تياره في التعامل مع أحداث عرسال
وهو وضع النقاط على الحروف: ما يجري ليس اشتباكا سنيا ـ شيعيا، فهل من يلاقي اعتدال
المستقبل ويشجع عليه؟ وهل يمكن أن تلاقي إيران المملكة السعودية من خلال التعبير عن
إرادة مماثلة بالمحافظة على استقرار لبنان عبر أي خطوة تساهم في تدعيم هذا المسار
خصوصا في ظل مصلحة لها مفترضة بعدم انفجار أمني يهدد مكتسبات حزب الله
وموقعه.