ـ أنا لا أذكر أن اعتداء أو حربا شنها المستعمرون الإسرائيليون على بلد من البلدان المحيطة بفلسطين المحتلة، وما أكثر هذه الاعتداءات والحروب، لم تبدأ أو تـُختم أو يتضمن برنامجها ارتكاب مجزرة .. على شكل إحراق مدرسة أوى إليها المدنيون هربا من القصف العشوائي، أو تهديم عنبر من عنابر قوات حفظ السلام الدولية احتمى فيه الناس، أو ضرب ملجإ بالقنابل الفوسفورية . يقول المؤرخ إيلان بابيه، الإسرائيلي الأصل، ان «الخطيئة الأصلية للدولة الإسرائيلية تتجسد في كونها قامت على أساس التطهير العرقي الذي وقعت أثناءه أربعون مجزرة تقريبا». لهذه المجازر أسماء : دير ياسين، بلد الشيخ، سعسع، اللد، طنطورة، الدويمة، كانت تتلى في فضاءات الذاكرة الفلسطينية التي كانت المخيمات تملأ مساحات كبيرة منها .. قبل هذا الزمان، زمان الهزائم والنفط .. وذبح البشر في الساحات العامة … وسط التكبير والتهليل !
أغلب الظن أن هذا السلوك الإجرامي هو ديدن المستعمرين في حروبهم . فهم يبغون إحداث صدمة قوية، يشلون بواسطتها مقاومة الناس الضحايا، ويجبرونهم على أن يفروا مذعورين لا يلوون على أحد.
ـ من المعلوم أن حكام دول الخليج ساهموا في حرب الولايات المتحدة الأميركية ضد خصمها الاتحاد السوفياتي، التي دارت في بلاد الأفغان . ساهموا بأموالهم وبما تختزنه أرض شبه جزيرة العرب من نفط وغاز . ساهموا أيضا، وبوجه خاص، عن طريق توظيف الدين الإسلامي، أي استخدامه، في تحريض الناس ضد السوفيات، بصفتهم ملحدين، وفي تجنيدهم باسم الجهاد، وإرسالهم للقتال في أفغانستان، تلبية لرغبة الولايات المتحدة الأميركية وخدمة لمصالحها . قتال الملحدين واجب!
ـ قيل أن حكام الخليج تحملوا كلفة، حرب تحرير الكويت، وأن هذه الكلفة بلغت أرقاما خيالية. لم نسمع عن وساطة لإقناع الحكومة العراقية بالعدول عن خطة غير محسوبة العواقب . أذكر في هذا السياق أني قرأت أثناء احتلال العراق خبرا عن رجل من المرتزقة انتهت مدة عقده مع الوكالة الأمنية الأميركية التي جندته للقتال، وكان في طريقه إلى مطار بغداد عائدا إلى بلاده . يقول الخبر أن هذا الأخير أبصر من بعيد مركبة عراقية قديمة، تسير ببطء فطلب من رفيقه التمهل . فجأة أخرج مسدسه وأطلق الرصاص . فأنحرفت السيارة واستقرت في خندق . أكمل الإثنان طريقهما ؟ لا يقول الخبر أن القاتل كان مؤمنا وأن المقتولين العراقيين كانوا ملحدين !
من المعروف أن الحكومة الأميركية تعاقدت مع شركات أمنية، فوفرت لها هذه الأخيرة 137 الفا من الجنود من جنسيات مختلفة، أرسلوا من أجل القتال في العراق . من المعلوم أن جنودا مرتزقة توكلوا باكتساح الفلوجة وبعمليات سرية كمثل التفجيرات . بالإضافة الى الإشراف على السجون وتعذيب المعتقلين . كيف ننسى سجن أبو غريب . بلاك ووتر هي إحدى هذه الشركات الأمنية التي ذاع صيتها بعد أن ارتكب عناصرها جريمة في ساحة عامة في بغداد حيث أطلقوا النار عشوائيا على الناس، فقتلوا 28 منهم !
ـ الملاحظ أن جميع الصور والأشرطة المصورة التي تـُشنّع داعش بواسطتها على الإسلام والمسلمين، تضعها هي بنفسها، على شبكة التواصل . أي أن جهازا إعلاميا دعائيا داعشيا يروّج ليل نهار، لفكرة تقول انه يجب على المسلم الحقيقي، من وجهة نظر داعش، أن يكون مجرما همجيا وحشا كاسرا، من أكلة لحوم البشر، يقطع الرؤوس ويرجم النساء . كمثل عناصر داعش ! هكذا يريد الداعشيون المسلمون ! من يخالف داعش فمصيره محتوم !
ما لفت نظري في هذه المسألة، هو أن « داعش « ، تعمد إلى التزييف والتلفيق لكي تظهر قبحها ودمويتها . وكيف انها نتنة إلى درجة تجعلها مقززة ومرعبة ! لقد استخدمت داعش صورة من ملصق دعائي لفيلم إيراني، نعم إيراني، لتنبئ العالم بأن المحكمة الشرعية الداعشية قضت بإنزال عقوبة الرجم حتى الموت بالسيدة التي تظهر على الملصق، وأن الحكم نـُفذ، وقضي الأمر . وفي صورة أخرى، مأخوذة من مسيرة نسائية تجري عادة بمناسبة إحياء المسلمين الشيعة لذكرى عاشوراء واستشهاد الحسين بن علي على يد جند يزيد بن معاوية. زعمت داعش أن النساء اللواتي يظهرن في الصورة هن نساء عراقيات مسيحيات أو أيزيديات يأخذهن داعش إلى سوق الرق، مماثلة ببوكو حرام، في نيجيريا!
مجمل القول أن داعش أرادت ربما أن ترتجع قصة المرأة التي حكم عليها بالرجم في إيران، ولكن الحكم أسقط عنها ونالها العفو . ومن المحتمل أيضا أن تكون داعش قصدت من وراء قصة الرق، التشهير بالمذهب الشيعي من خلال مشهد من مشاهد الاحتفالية بعاشوراء أخرج من سياقه، ظهرت فيه نسوة محجبات مقيدات . هل القصد من هذا كله، هو التذكير بأن «الشيعة الملحدين» برجمون النساء ويسوقهن مقيدات، كما تدل الصور التي لمحنا إليها ؟
ـ ليس مستبعدا أيضا أن تكون صور «البغدادي» التي يتتابع ظهورها، جزءا من حرب داعش الدعائية . تارة «البغدادي» هو حفيد الرئيس صدام حسين، تارة أخرى هو إسرائيلي . هناك صور له بصحبة السناتور الأميركي في شمال سوريا ، فضلا عن معلومات تفيد بأنه تتلمذ وتدرب على يد المخابرات الأميركية. هل هذا يعني، بحسب الدعاية الداعشية، ان أنصار الرئيس صدام حسين تحالفوا مع أميركا وإسرائيل، وأن داعش، جيش كمثل جيش المرتزقة الذي عبّأته الولايات المتحدة الأميركية لقتال الملحدين السوفيات في أفغانستان، وأن الغاية من حرب داعش هي هزيمة الملحدين الإيرانيين في العراق وسوريا ولبنان؟
ـ أن دول مجلس التعاون الخليجي، كانت جزءا من الحرب على السوفيات في أفغانستان. لا حرج في رأيي، من القول انهم عصب الحرب على إيران، في سوريا والعراق ولبنان . مهما يكن فهم يخطئون، لأن أغلب السوريين يدافعون عن سوريا، ولأن لبنان ليس أفغانستان حتى ينجر اللبنانيون إلى حرب ضد «الإلحاد الشيعي» كما يزعم حكام الخليج، ومفكروهم ومُفتونهم. وإذا كان من نصيحة نسديها إليهم نذكرهم بأن الأميركيين يقتلون أعوانهم في نهاية القصة ويحرقون خشبة المسرح إخفاء لآثار جريمتهم!
عبد السلام: دول العدوان تتحمل مسؤولية إفشال الهدنة باليمن وتفاقم المعاناة
كشف رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام، اليوم الإثنين، عن آخر مستجدات الهدنة أثناء التواصل مع الاتحاد الأوروبي للشؤون...