أينما تسمع بحادث او عمل مناهض للامبريالية والصهيونية، تسمع في المقابل اتهامات للشيعة وبالتالي حزب الله لدرجة انهم وصلوا الى اقصى اميركا الجنوبية. هذه العالمية هل هي حقيقة ام تكبير للدور تسهيلا للقضاء عليهم عندما تتمكن واشنطن من ذلك؟
انتقل الشيعة في العالم من درجة الصفر الى درجة أعلى بقليل بُعيد انتصار الثورة الايرانية عام 1979.. ولكن كان قد سبقهم شيعة جبل عامل، أي الجنوبيين، بشكل جزئي الى التململ من سوء الحال والتهميش بُعيد ظهور الامام موسى الصدر في محاولته انتشالهم من البقعة البعيدة، على مستوى النظام اللبناني، التي اقصوا اليها لاسباب طائفية ومذهبية.
لكن “المارد الشيعي” خرج من القمم مع نهاية السبعينيّات من القرن الماضي وانتفض على مضطهديه، بشكل عنيف مرّة ومدني مرّة اخرى. فقد سرت في الاوساط الشيعية “ترجومة” مفادها انّ الشيعي اذا ترك له القدر ان يقرر مصيره بعيدا عن الظلم لأظهر ابداعاته.
وكانت فلسفة المظلومية تستشري لدى الجميع مع اختلاف المستويات الثقافية والعلمية حيث كان يُهمس في الاذن دوما (اننا كشيعة…).
وكان لخطف الإمام موسى الصدر وتغييبه وجهه الايجابي، إذ أُفرِغ المخزون الداخلي للشيعة، الذين يدّعون أنهم “مغبونون”، اجتماعيا واعلاميا وسياسيا. إذ كانت رجالاتهم السياسية مغيّبة، لا قرار صادر عنها كقوة لها وزنها، ولا قوة اقليمية تدعمها، بل كانوا مهمشين وتابعين.
وهم كانوا وقود الثورة الفلسطينية، ووقود اليسار، ووقود الاحزاب اليمينية من شمعونية الى كتلوية.. وكانت “العصبوية اللبنانية” قد لعبت دورها السلبي، فأخذوا يعبرون عن القوة الناشئة انطلاقا من الافتخار بمقاتلة اسرائيل مع ظهور حركة امل التي كانت اول من حرّك العصب الديني والنزعة المذهبية من خلال احاديث واقوال ائمة اهل البيت التي لم يكن يسمع بها احد.
هذا التواطؤ الّذي بنته حركة امل مهدت لاجتياح حزب الله التدريجي، وببطء، للمجتمع الشيعي. فكانت انتصارات المقاومة الاسلامية المُفاجئة توطّد العلاقة بين الشيعة الحركيين وبين الاسلام الجديد الذي شدّ اليه الجميع، فكانت الانتقالات من حركة امل واليسار تسير بسرعة رهيبة الى ان جاء عدوانا 1993-1996 إذ تأكّدت سيطرة حزب الله على عقلية الشيعة و”أنّ النصر آت من الايمان” وليس من دعم ايران المادي والفقهي والمعنوي!
هذا التسلسل اوصل المقاومة الى تحرير الجنوب اللبناني في العام 2000، وباتت تنشر أنّها أدّت ما عليها من واجبات، فخرجت بشكل فاضح في العام 2011، اي بعد عقد من الزمن، الى دول مجاورة، منها سوريا وربما العراق، لتساند وتدعم وتحارب تحت عناوين دينية، لكن ذلك ليس الا تعبيرا عن تحولها من قوة محلية تحرّر وتنتصر الى قوة شيعية عالمية تُناصر في اليمن، وتخطف في غزّة، وتساند في مصر، وتقاتل في البوسنة والعراق، وتفجّر في بلغاريا والارجنتين وتجمع التبرعات في الولايات المتحدة…
وهنا يمكن القول إنّ الشيعة، ورغم عددهم القليل في العالم أجمع، إذ لا يزيدون عن 200 مليون شخص فقط، باتوا شغل العالم الشاغل.
فأين يمكنك ان تسمع بحادث او عمل مناهض للامبريالية والصهيونية لا بدّ أنّ تسمع اتّهامات للشيعة وبالتالي لحزب الله وإيران. إلى درجة أنّ “الصيت الشيعي” وصل الى اقصى اميركا الجنوبية. هذه العالمية هل هي حقيقة ام تكبير للدور تسهيلا للقضاء عليهم ربّما أة للحدّ من دورهم في أقلّ تقدير؟
فالإدارة الاميركية وإوروبا تحاربان رجال الاعمال الشيعة في القارة الافريقية وفي المصارف العالمية، وهذا ان دلّ على شيء فعلى أنّ هذه الفئة آلمت واشنطن وحلفاءها من العرب والأميركيين والأوروبيين والإسرائيليين.
لكن هل إنّ عقيدة الشيعة الدينية هي التي تؤلم هؤلاء؟ أم أنّ موقفهم اتجاه اسرائيل هو السبب؟ في حين ان الخطر الكبير على الحضارة العالمية هو في الاسلام الداعشي الذي ينفي الآخر بكافة حدوده ويُقصيه ويقضي عليه.
مؤخرا بدأت مفاوضات بين الأميركيين والايرانيين، وهي تسير حينا وتتوقف احيانا. وهذا يعني وجود إمكانية للحوار والتقارب. فلماذا استمرار الحملات المتبادلة إذن؟
يبقى القول إنّ أميركا تهادن ايران هونا ما لمصلحتها، وتحاربها هونا لمصلحة حلفائها العرب. وتحارب حزب الله لمصلحة اسرائيل وبعض العرب، ولا تهادنه لمصلحتها ايضا.
فهل إقترب الزمن الذي ستصبح فيه الشيعية العالمية مرضيّا عنها في واشنطن؟ خصوصا بعد بدء واشنطن حربها على داعش في العراق، وقريبا في سوريا؟ وهل يتحوّل الشيعة إلى لوبي عالمي متحالف مع الولايات المتحدة الأميركية؟ خصوصا أنّ جزءا من سوريا والعراق واليمن بات واضحا في خياراته اليوم، وبات الهلال الشيعي أكثر علانية عما كان عليه حين استقرأه الملك عبد الله بن الحسين؟
سلوى فاضل