وضع ذبح «داعش» لجندي لبناني آخر امس الدولة اللبنانية امام خيارين بالغي
الصعوبة، الاول قد يؤول الى تفكك الحكومة اذا ما قررت الاستجابة الى شروط
التنظيميين الارهابيين، والثاني يتمثل في استدراج الجيش الى مواجهة عسكرية مع
الجماعات المتطرفة التي تهدد حدود لبنان الشرقية والشمالية تحت عنوان رفض المفاوضة
والمقايضة حفاظا على هيبة الدولة ومعنويات الجيش.
وترى مصادر في 14 آذار ان معركة كهذه ليست في توقيت الجيش ولا في
حساباته، وبالتالي فانها فرضت عليه بتوقيت القوى الاقليمية التي لعبت دورا ومازالت
في توريط لبنان بالازمة السورية كما في توريط الجيش بأزمة عرسال. والراهن ان حكومة
الرئيس تمام سلام حاولت الاتكاء على خيار ثالث تمثل في الذهاب الى الدوحة واسطنبول،
لكن حسابات الحقل لم تنطبق على حساب البيدر، وليس من يدري الى اين تذهب الامور بعد
ذبح الجندي الثاني على يد «داعش» عباس مدلج اللبناني الشيعي، والذي وقع خيار
الجلادين عليه بعد السني علي السيد، وكأن المقصود ابلاغ اللبنانيين بان جميع الجنود
المحتجزين تحت المقصلة بصرف النظر عن الطائفة او المذهب او المنطقة، الجميع على حد
السكين.
رئيس الحكومة تمام سلام دعا في اطلالة تلفزيونية مساء امس اللبنانيين للتضامن
والوحدة في وجه التحديات والمحن.
وكان سلام ترأس اجتماعا لخلية الازمة الوزارية ظهر امس عرض فيه التطورات في ضوء
اعدام داعش للجندي المختطف عباس مدلج وما ترتب عليها من اضطرابات.
وعلمت «الأنباء» ان الحكومة تبلغت من حزب الله رفض المقايضة التي تطالب بها داعش
والنصرة تحت طائلة هز الاستقرار الحكومي، وهذا ما افضى الى إلغاء سفر وزير الداخلية
نهاد المشنوق الى الدوحة.
والملاحظ ان الاعلان عن هذه الجريمة جاء بعد ساعات من مغادرة الموفدين القطريين
عرسال وسط تسريبات حول التأكيد على سلامة العسكريين المخطوفين وعدم ايذاء احد منهم.
والجندي عباس مدلج من اللواء الثامن وكان يخدم في موقع وادي الحصن الذي سقط في
اللحظات الاولى من اندلاع المعارك في عرسال، وهو وقع في الاسر منذ اليوم الاول من
المعارك في 2 اغسطس الماضي مع ثلاثة آخرين اسروا من قبل مجموعة ابوحسن الفلسطيني،
لكن هذه المجموعة عادت وسلمتهم الى داعش، وقد ظهر في الفيديو الذي وزعته داعش بعد
ذبح الرقيب علي السيد ولم يعد يظهر بأي صورة حتى عندما سلمت هيئة علماء المسلمين
شريطا يظهر العسكريين لدى داعش، لكن لائحة سلمت الى الدولة اللبنانية وفيها اسم
مدلج.