الأولوية الدولية اليوم بالنسبة للمنطقة هي لمحاربة «داعش» والأولوية الدولية – الإقليمية اليوم بالنسبة للبنان هي للحفاظ على أمنه واستقراره الهش بحسب اوساط وزارية، ودعم ومؤازرة الدولة اللبنانية في التصدي لتحديات الإرهاب التكفيري من خلال تقديم المساعدات العسكرية إلى الجيش اللبناني والقوى الأمنية كي تكون القوى العسكرية والأمنية اللبنانية في جهوزية أفضل لمواجهة تداعيات الحرب على «داعش» في المنطقة، خصوصا أن لبنان بموجب مشاركته الرسمية في مؤتمر جدة ومؤتمر باريس بات عضواً فاعلاً في التحالف الدولي – الإقليمي العريض الذي شكلته الولايات المتحدة لمحاربة داعش وذلك من دون مشاركة كل من روسيا والصين وإيران. وأشارت الأوساط الى أن لمشاركة لبنان في هذا التحالف فوائد على صعيد توفير الحاضنة الدولية – الإقليمية الداعمة والمساندة للبنان في حربه الضروس ضد تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية التكفيرية التي تتهدد أمن لبنان واستقراره وسلمه الأهلي ووحدته الوطنية بأكبر المخاطر الداهمة ، إلا أن لهذه المشاركة أيضا من ناحية أخرى عواقب وتحديات كبيرة.
الأوساط لفتت الى أن الحراك الديبلوماسي المكثف داخليا وعلى المستوى الإقليمي والدولي الذي شهدته كواليس الاروقة السياسية خلال الأسبوعين الماضيين، قد باء بالفشل على صعيد التمكن من تمرير الإستحقاق الرئاسي في تسوية كان يعمل عليها بالتشاور والتنسيق بين بيروت وأكثر من عاصمة دولية وإقليمية، مضيفة أن هذا الحراك قد شكل محاولة جدية لإستباق تطور الاحداث التي تزيد المناخ الإقليمي تلبدا بالغيوم السوداء في سماء الصراعات الإقليمية في المنطقة، وذلك من خلال خلق توافق دولي – اقليمي يسمح بانبثاق تسوية محلية تمكن لبنان من تمرير الإستحقاق الرئاسي، وذلك قبل الدخول محليا في لعبة المزايدات العشوائية في موضوع انتهاء ولاية المجلس النيابي حيث تنقسم الأراء بين المطالب العقلانية المنادية بالتمديد للمجلس النيابي وبين المطالب الشعبوية المنادية بإجراء الإنتخابات النيابية في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة برمتها.
وهذا ما من شأنه ان يضع أوضاع لبنان بحسب الأوساط الوزارية في الأسابيع المقبلة على حافة الهاوية التي تهدد بأخذ وطن الأرز برمته إلى مستنقع الفراغ المطبق على مستوى عمل جميع المؤسسات الدستورية وهذا أمر بالغ الخطور في مرحلة شديدة المخاطر والتحديات الأمنية والسياسية على لبنان ومحيطه وجواره الذي تتفجر فيه البراكين الملتهبة التي بدأت حممها المدمرة تصل إلى لبنان من بوابة عرسال وغيرها من المناطق اللبنانية القابعة فيها البؤر الإرهابية كالجمر تحت الرماد.
ولفتت الأوساط عينها الى أن الجهود الدبلوماسية والسياسية التي بذلت على صعيد انجاز الإستحقاق الرئاسي تضمنت اقتراحات لإيجاد حلول عملية على صعيد تجاوز حالة المراوحة القاتلة التي تشبث وتجذر حالة الفراغ الرئاسي في قصر بعبدا، وأن هذه الجهود تضمنت ممارسة ضغوط كبيرة في الوسط المسيحي ضمن صيغة قديمة جديدة وهي سحب ترشيحات جميع أسماء المرشحين الأقوياء افساحا في المجال أمام توافق عقلاني ومنطقي يتيح الفرصة أمام انتخاب رئيس للجمهورية توافقي يحظى بدعم وقبول كافة القوى الأساسية السياسية في لبنان، إلا أن هذه الضغوط وبعد أن قطعت أشواطا متقدمة عادت واصطدمت بحائط التعنت، الأمر الذي أعاد الأمور الى المربع الأول وهو المربع الرافض لكل التسويات الوسطية المقبولة في موضوع الإستحقاق الرئاسي. المصادر لم تستبعد بأن يكون التعثر الذي أصاب هذه الجهود وأعاد الامور إلى نقطة الصفر وأن كان سببه الظاهري مرتبطاً بمسألة التعنت المسيحي الداخلي ،إلا أن السبب الحقيقي لهذا التعثر يكمن في جوهر المعطيات الدولية – الإقليمية الذاهبة نحو المزيد من التوتر والتواجه على أكثر من ساحة إقليمية في المنطقة وذلك عشية انطلاق التحالف الدولي – الإقليمي لمحاربة «داعش» على أرض العراق وسوريا.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر دبلوماسية رفيعة في بيروت أن الخوف الدولي على لبنان من تمدد تداعيات الحرب على «داعش» بكل أهوالها وفصولها الدموية يتصاعد على ضوء توسع البيئة المتفاعلة مع التنظيمات الإرهابية على الساحة اللبنانية في أكثر من منطقة، مضيفة أن مخطط إقامة إمارة إسلامية تكفيرية ممتدة بين عكار والبقاع مع ما كانت تتضمن من خطط عملانية لمهاجمة أكبر عدد ممكن من المدنيين الأبرياء في قرى شيعية ومسيحية تؤكد حقيقة وجود تلك التنظيمات بقوة في لبنان كما تؤكد على جدية عزم تلك التنظيمات الإرهابية في توسيع رقعة نفوذها باتجاه لبنان الذي يوجد في داخله قوى أصولية سلفية متطرفة متعاطفة ومتورطة بشكل مباشر أو غير مباشر مع تلك التنظيمات الإرهابية التي تقاتل في سوريا والعراق، خصوصا أن الوقائع الميدانية على الأراضي السورية والعراقية اثبتت بالدليل القاطاع مشاركة شبان لبنانيين أصوليين في القتال في صفوف داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية المقاتلة في سوريا والعراق تحت راية الجهاد… ما يعني ويؤكد أن هناك مناطق في لبنان تشكل أرضاً خصبة لتمدد التكفيريين الإرهابيين ولإنتاج المقاتلين الإرهابيين المستعدين للقتال حتى الموت في صفوف تلك التنظيمات التكفيرية التي تعمل بكل طاقاتها على تسعير الإنقسامات ذات الطابع الطائفي اي المسيحي – المسلم بالإضافة إلى تركيزها على تعميق الشرخ وإثارة العصبيات ذات الطابع المذهبي أي السني – الشيعي على أرض لبنان.
المصادر أضافت أن هذا الخوف الدولي المتنامي على لبنان تم التعبير عنه من خلال سلسلة من الرسائل التي حملت في طياتها نصائح دبلوماسية غربية جرى من خلالها التأكيد على حرص المجتمع الدولي على أمن واستقرار لبنان في ظل المرحلة البالغة الدقة والحساسية التي تمر بها المنطقة، وحث المسؤولين اللبنانيين وتشجيعهم على الحوار والتلاقي بعد وضعهم بصورة المرحلة الخطيرة التي يمر بها الوضع اللبناني، خصوصاً في ظل معلومات ومؤشرات تدل على ان الأوضاع متجهة لإتخاذ منحاً أكثر خطورة في المرحلة المقبلة على ضوء تفاقم تعقيدات وتشابكات الحملة الدولية ـ الإقليمية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وما يعتريها من اضطرابات وتصاعد لأعمال العنف الدامية خصوصا على الساحتين العراقية والسورية ومحيطهما المجاور .
المصادر نفسها اشارت الى أن هذا الخوف الدولي على لبنان يكمن في ان تطورات الحرب على داعش باتت العامل الرئيسي الموجه والمقرر للمواقف والسياسات والأحداث الأمنية على الساحة اللبنانية، وما شهدته الأسابيع الماضية من أعمال خطف وخطف مضاد بسبب قضية العسكريين المخطوفين دلت بوضوح على ان ارتدادات الحرب على داعش ومثيلاتها من تنظيمات ارهابية تكفيرية على لبنان لم يعد مقتصراً على أحداث حدودية أو ملاحقة لمسلحين وخلايا وبؤر بل اصبح مصدراً أساسياً لخلق التوترات واندلاع الإشتباكات على الساحة الداخلية تكاد تفلت عن السيطرة من قبل الحكومة ومؤسساتها الأمنية نظرا لما تحمله تلك الأحداث الأمنية من دلالات تستهدف اشعال الفتنة السنية ـ الشيعية على امتداد واسع في كل المنطقة.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...