“نريد أولادنا، وجبهة النصرة تتعاطى معنا بأخلاق أكثر من الدولة اللبنانيّة، لأنّها احترمت الأمهات وأرسلت لهن تسجيلات لأبنائهن لتهدئة نفوسهن، في حين أنّ الدولة لا تكثرث، ويتوزع مسؤولوها” في بلدان العالم “تاركين الشعب رايح سلاطة”، كما أنّها “لا تفاوض وتكذب علينا وترى أنّنا مزارعون وفلاحون وسنبقى بضع ساعات في ضهر البيدر لنعود بعدها إلى منازلنا”… بهذه الكلمات عبّرت عضو لجنة أهالي المخطوفين العسكريين ليال الديراني عن استياء أهالي العسكريين المخطوفين من الحكومة اللبنانيّة لـ”تأخيرها” في التفاوض للإفراج عنهم.
ويستمر الأهالي في قطع طريق ضهر البيدر “حتى الإعلان عن بدء التفاوض جدياً ورسمياً، لأنّ الدولة لا تسأل عنا، فلو لم يكن لدينا قضية لما جئنا إلى ضهر البيدر، ونتمنّى ألا نضطر إلى التصعيد”، وفق ما تقول الديراني، مضيفةً أنّ “المخطوفين طالبوا أهاليهم في التسجيلات التي أرسلتها لهم “جبهة النصرة” أمس، الضغط على الدولة لتحديد مفاوض جدّي لحل قضيتهم، مستنكرين ما حصل في عرسال من توقيفات قام بها الجيش أمس”.
وتقول الديراني: “إذا أصبحنا في شريعة غاب فلتقل لنا الدولة لنتدبر أمورنا، وإذا كان هناك دولة فلماذا تفتعل أزمة من ملف مقايضة العسكريين مع الموقوفين الإسلاميين؟ فهل أصبح القضاء الآن منزّهاً في لبنان؟”.
وترى الديراني أنّ “على كل وزير من أي فريق كان أن يقول إنّه موافق على المقايضة وأن يوقّع على القرار، وأن يعلن موقفه رسمياً ليتمكن من تسمية نفسه رجل دولة”، مضيفةً: “الرئيس تمام سلام قال لنا إنّ أبواب السرايا مفتوحة، ولكن نحن لم نذهب للسياحة ولا نريد التعرف على المبنى، نحن نريد أولادنا”.
صرخة الأهالي تزامنت اليوم مع إعلان وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أنّ “سلام أبلغه أنّه يبذل جهداً كبيراً لحل القضية، وأنّه تلقى وعداً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمساهمة في الحل، وأنّه سيلتقي الأمير القطري للغاية نفسها”. وجدد أبو فاعور الدعوة إلى اعتماد المقايضة للإفراج عن العسكريين، وقال: “نطرح هذا المبدأ ليس طعناً بحياة العسكريين، وإنّما للمحافظة عليها، ونحترم ونثق بالقضاء، ولا نريد أحكاماً عرفيّة، ولكن نريد منه مواكبة هذه القضية المأساة، وما نطلبه هو تسريع المحاكمات وتخفيض العقوبات”.
وفي مقابل الوعود الإقليميّة بالمساهمة في حل قضية العسكريين، تتمسك الوساطات المحلية بتعليق مشاركتها في المفاوضات. فهيئة علماء المسلمين لا تزال على موقفها، وفق ما أعلن عضو الهيئة الشيخ عدنان أمامة نافياً ما تردد عن عودة الهيئة إلى المفاوضات “فليس هناك أي جديد يدعونا إلى المبادرة، والحكومة لم تطلب منا أي شيء، كما أنّها لا تبدي أي مرونة على الأرض خصوصاً بعد ما حصل أمس في عرسال على خلاف الإشارات الإيجابيّة التي سمعناها من بعض المسؤولين فيها”.
ويقول أمامة: “ليس لدينا أي إمكانية للعودة إلى المفاوضات، ولن نعود في ظل هذه الأجواء، وعلى الحكومة إبداء بعض المرونة إذا أرادت أن نعود لإنقاذ أرواح العسكريين، خصوصاً وأنّها أبدت رفضها الكامل لتحقيق بعض المطالب البسيطة للخاطفين ولمبدأ المقايضة، كما أنّ ما حصل بالأمس في عرسال يؤثر سلباً على الملف وقد يسبب ردات فعل سلبية تجاهه”، محمّلاً مسؤولية ما قد يحصل لمن قام بالمداهمات بالأمس.
من جهته، يشير رئيس مؤسسة “لايف” وأحد المفاوضين السابقين نبيل الحلبي إلى أنّ “الثقة انعدمت بالحكومة اللبنانيّة، فعند بدء المفاوضات أوقفت مخابرات الجيش اللبناني أحد أعضاء الوفد المفاوض والناشط الإعلامي السوري أحمد قصير وحوّلته إلى الأمن العام ولم يفرج عنه منذ أسبوعين حتى اليوم، من دون أن يكون هناك أي تهمة قضائيّة بحقه، ولهذا السبب لا يريد أي طرف محلي أن يشارك في التفاوض”.
ويرى الحلبي أن “لا نية جديّة للتفاوض لدى الحكومة، لأنّها تصعّد بدل أن تظهر نية في التفاوض، والدليل الاعتقالات التي نفذها الجيش أمس في عرسال، وهذا دليل على أنّ هناك فريقاً يدفع بالجيش إلى استفزاز السوريين لعرقلة المفاوضات، ولا يريد المقايضة بهدف جرّ الجيش الى حرب قد تكون مدمرة للبنان وخصوصاً 8 آذار”. ويلفت الحلبي إلى أنّ “سلام كان مع المفاوضات في البداية، ولكنه لا يملك القرار لأن مجلس الوزراء مهيمَن عليه”.