«عتب» رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري على «الائتلاف السوري» المعارض بعد بيانه الاخير المنتقد لاجراءات الجيش اللبناني في عرسال، ليس سوى انعكاس لحالة الارباك والتخبط بين «الحلفاء»، بحسب مصادر في 8 آذار، خصوم، محور المقاومة في المنطقة على خلفية «ضبابية» المشهد العام الذي تسيطر عليه عوامل التشكيك بين اطراف هذا المعسكر الذي ينساق وراء حرب جديدة تقودها الولايات المتحدة دون اي استراتيجية واضحة لهزم الاعداء بينما تصب التطورات الاقليمية والدولية والمحلية في مصلحة الطرف الآخر.
هذا «النقار» الذي خرج الى العلن، ليس الا جزءا يسيرا من قمة جبل جليد الخلافات في هذا «المعسكر» حول كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، وبحسب المصادر، يشعر تيار المستقبل ان من يجب ان يكونوا حلفاؤه في الجانب السوري لا يقدمون اي مساعدة تذكر لانقاذه من ازمته الداخلية بعد ان خسر كامل «اوراقه» السورية التي كان يستخدمها في وجه حزب الله. فبعد سنوات من حمله «لواء» الدفاع عن «الثورة « السورية لم يجد الحريري معارضة معتدلة تقف الى جانبه وحفظ «ماء وجهه» لمواجهة ما يجب ان يكون انحرافا لاهداف هذه الثورة التي لا يجب ان يكون على جدول اعمالها التعرض للمؤسسة العسكرية اللبنانية، وذبح العسكريين. لكن كما ان الحريري يحتاج من فترة الى اخرى للمزايدة على المتطرفين في تياره، فان هذا «الائتلاف» المحسوب برئاسته على السعودية، يحتاج ايضا للمزيادة «شعبيا» تضيف المصادر على المجموعات «التكفيرية» بعد ان سحبت من «تحته البساط»، فكان لا بد من مهاجمة الجيش. والنتيجة ان الحريري يدفع مجددا من رصيده السياسي والشعبي بعد ان اصبح اصدقائه السوريون الاقربون في خندق واحد مع «داعش» «والنصرة» لمواجهة الجيش، فاي «ثورة» سورية سيدافع عنها بعد اليوم؟
في المقلب ألآخر، يتفرج حزب الله على «خصومه» ولا يبدو منزعجا من حالة انعدام الوزن السائدة لديهم في لبنان تؤكد المصادر، حيث «الشوفينية» الوطنية سمة غالبة لدى اللبنانيين، يتعزز موقعه بصفته الطرف الاقدر والافعل للدفاع عن الجيش في وجه المجموعات المسلحة «التكفيرية»، كما يعول معظم هؤلاء، وان كانوا لا يجاهرون بالامر، على مقاتليه في اي مواجهة جدية مع «العدو»، فيما يصارع رئيس القوات سمير جعجع لاجبار اللبنانيين على نسيان ماضيه، «يجاهد» سعد الحريري لاقناعهم انه لا يشكل مع تياره بيئة حاضنة «للتكفيريين». اما في سوريا فيواصل حزب الله القتال حيث يجب القتال وفق استراتيجية جديدة تتكيف مع الحملة الجوية التي يشنها «الائتلاف الدولي» على «الارهاب». واذا كان التعويل على التحولات الميدانية في قائمة الاولويات، فثمة رهان ايضا على زيادة الشرخ القائم بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة على خلفية الضربات الجوية ضد «التكفيريين»، فصمود هذا التحالف الاميركي العربي الاستثنائي على المدى الطويل بات موضع شك واصبح السؤال اليوم كم من الوقت سيصمد هذا التحالف بين هذه الدول المتنافسة اقليميا؟
اوساط ديبلوماسية في بيروت، تقول ان ثمة شكوكا كبيرة حول هذا الموضوع، واولى ملامح الانشقاق ستظهر قريبا مع التقدم السريع الذي يحققه الجيش السوري بمساندة حزب الله، في محيط دمشق، كمرحلة اولى، وثم في مناطق نفوذ «داعش» التي تتعرض للغارات في المرحلة الثانية. وهنا ستبدأ الاسئلة الصعبة والمربكة في تصدر المشهد، واهمها كيف تقوم الدول العربية المشاركة في الغارات بضرب مشروعها الذي دفعت عليه اموالا طائلة للقضاء على النظام السوري، وهي اليوم تساعده على التخلص من كل اعدائه دون ان تجد البديل القادر على اسقاطه؟ والانكى من كل ذلك ان واشنطن لم تبد حتى الان اي حراك جدي لخلق البدائل سوى الوعود بتدريب المعارضة «المعتدلة»، وهذا بدأ يدخل الشك الى قلوب وعقول الحلفاء بمدى التزام واشنطن جديا بمنع الاسد من الاستفادة من الوقائع العسكرية على الارض.
وبحسب تلك الاوساط، جاء استهداف مواقع «جبهة النصرة» من خارج سياق جدول الاعمال المتفق عليه بين تلك الدول وواشنطن التي فاجأت الجميع باستهداف مواقع هذا التنظيم بعد ان تلقى وعودا قطرية وتركية بعدم وجود نية لاستهدافه، لكن المفاجأة القاتلة جاءت عندما ضربت مواقعه ما ادى الى انحسار قدرته على التحرك الميداني لنقل قواته بين المناطق، وتأمين الدعم اللوجستي الى الجبهات الساخنة مع النظام، فجاء الانهيار السريع في الغوطة الشرقية، وازداد العداء لـ «جيش الاسلام» الذي يتزعمه زهران علوش «رجل» السعودية في سوريا، بعد ان اصبح بالنسبة الى «جبهة النصرة» قائد «الصحوات» السورية الذي يعول عليه سعوديا لملء الفراغ، وهكذا قررت «النصرة» ترك علوش وحيدا لمواجهة مصيره خصوصاً ان معقله الرئيسي في دوما بات مطوقا «وقاب قوسين» او ادنى من السقوط.
وانطلاقا من هذه المعطيات، لا يبدو برأي تلك الاوساط، ان توحيد هؤلاء وراء «العدو» التكفيري كفيل ببقاء هذه الدول ضمن الشراكة على مدى طويل، في ظل الخلافات بين «الحليفين المترددين» تركيا وقطر، والمملكة السعودية ومصر اللتين تسعيان لادراج محاربة «تنظيم الدولة الاسلامية» في سياق حملة اوسع ضد «الاخوان المسلمين» الذين يمثلون بالنسبة لهما خطرا لا يقل عن خطر «تنظيم الدولة الاسلامية» ان لم يكن اكبر منه، وهذا ما يتعارض مع الموقفين القطري والتركي. كما ان الدول الخليجية وفي طليعتها السعودية تقول الاوساط انضمت الى التحالف لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية كمقدمة لرحيل الرئيس السوري بشار الاسد؟ فهل ستستمر فيه اذا ما اقتنعت ان واشنطن «تخدعها» مرة جديدة؟ اما مرد ازدياد القلق السعودي فجاء من خلال المقارنة بين ما حصل في العراق واليمن. فلماذا تتعامل واشنطن ببرودة مع «اجتياح» الحوثيين لصنعاء ولم تحرك ساكنا لمنع ما يفترض ان يكون تقدما استراتيجيا لايران في منطقة حيوية، فيما شكلت تحالفا دوليا للقضاء على «داعش» بعد احتلال التنظيم للموصل واقترابه من اربيل؟ ولماذا لم تكترث الديبلوماسية الاميركية بالحاح اكثر من مسؤول خليجي لادراج حزب الله على لائحة المجموعات التي يجب ضربها في سوريا؟ هل الحرب فقط على «الارهاب» السني؟ وماذا عن «الارهاب» الشيعي؟ وهل سيقبل المجتمع «الاصولي» في الخليج بهذا المشهد على المدى الطويل؟
هذه «الهواجس» لم تقنع واشنطن، وهي لم تستجب لهذه الدعوات، ليس حبا بحزب الله برأي الاوساط، وانما خوفا من الارتدادات السلبية على مجمل العملية برمتها، فهي من جهة لا ترغب في مواجهة مفتوحة مع ايران في المنطقة، ولا نية لديها لاغضاب موسكو الى هذا الحد، اما السبب الاهم فهو الخوف على امن اسرائيل الخارجة من حرب «منهكة» في غزة، ثبت خلالها انها عاجزة عن الدخول في مواجهة على حدودها الشمالية مع لبنان، وهي حرب ستكون حتمية في حال تعرض الحزب للاذى في سوريا، فقيادة حزب الله لن تتوانى عن ضرب واشنطن في «خاصرتها الرخوة» الاسرائيلية، وعندها ستذهب الاستراتيجية الاميركية القائمة على ادامة الفوضى في الشرق الاوسط ادراج الرياح، وستضطر جديا الى ابتكار الحلول لوقف الاذى عن اسرائيل. ماذا يعني هذا الكلام؟
محور المقاومة يراهن على عامل الوقت، تؤكد الاوساط، وهو يعرف ان الملاذ الاخير لواشنطن سيكون بصوغ تفاهمات جدية مع «اضلاعه» في المنطقة بعد ان تكتشف الولايات المتحدة «هشاشة» التحالف القائم مع حلفائها الذين يتنافسون على «الزعامة» السنية، وغير قادرين على مواجهة «الارهاب»، هذا سيدفع الادارة الاميركية لصوغ خياراتها بما يتناسب مع مصالحها على المدى الطويل، هذا ما يعرفه حزب الله ويدركه الحريري ايضا، ولذلك يرتاح الاول لنجاح خياراته، فيما يبدو «هلع» رئيس تيار المستقبل مبررا….
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...