هل ستشترط «داعش» غدا، اقامة «علاقات حسن جوار» بين «جمهوريتها» في جرود عرسال ولبنان ؟!.. سؤال افتراضي يُدل الى المشهد المأساوي الذي وصل اليه الوضع الحكومي، الذي ما زال يتلقى لوائح الشروط، اما برسائل صوتية ينقلها العسكريون اللبنانيون المخطوفون لـدى «داعش» و«جبهة النصرة» وتوابعهما، واما بافلام فيديو اُعدتّ لها سيناريوهات مستوحاة من السينما الهوليوودية، مع جرعات زائدة من «الاكشن» برعت فيها القوى الارهابية، وهي تعمدت في اشاعة الصورة البشعة والمرعبة التي خرجت من كهوفها واوكارها.
وبرأي اوساط متابعة، فان الوعود التركية والقطرية التي تلقتها الحكومة اللبنانية على مدى الشهرين الماضيين، حول «جهود» ستبذل من اجل الافراج عن العسكريين، باتت تشكل ثقلا على الحكومة نفسها التي تعد بدورها عوائل العسكريين بحل قريب لأزمة العسكريين، ثم تكتشف بعد ايام قليلة، بان هذه الوعود ما هي الا تسويفا لمصلحة القوى الارهابية التي باتت تملك القدرة على تحريك الاهالي من خلال موجة واسعة من التحركات المتنقلة، ينظمها اهالي العسكريين، تلبية لـ «نداءات» ابنائهم المعطاة لهم بايعاز من القوى الارهابية، تحت وطأة الضغط النفسي والجسدي والتهديد بقطع الرؤوس، لرفع منسوب الاحتجاج على «مماطلة» الحكومة اللبنانية في الشروع لاجراء مقايضة بين العسكريين والمسجونين والموقوفين الارهابيين، الذين القي القبض على بعضهم خلال معركة عرسال، فيما القي القبض على البعض الآخر، خلال مسلسل التفجيرات التي نفذتها الشبكات الارهابية، والتي طالت العمق اللبناني، واستهدفت بالدرجة الاولى حواجز الجيش اللبناني، التي اعاقت بصورة جلية وصول السيارات المفخخة القادمة من جرود عرسال الى اهدافها.
وتطرح الاوساط سؤالا مربكا، فيه الكثير من الجدية بقدر ما فيه الكثير من السخرية لما وصلت اليها الامور مع القوى الارهابية، وتقول ..هل تفتح «المقايضة» بين القوى الارهابية والحكومة اللبنانية بشأن ملف العسكريين، شهية القوى الارهابية، حيث يدفعها، الثمن الباهظ الذي قد تتكبده الحكومة من اية صفقة مقايضة تضمن اخراج افراد الشبكات الارهابية من السجون، الى استئناف عمليات الخطف ضد افراد القوى العسكرية والامنية، طالما ان نتائج هذه العمليات سيكون مربحا لها، من خلال مفاوضات ومقايضات، يكون الوسيط فيها اما جهات تركية او قطرية، واما جماعات محلية محسوبة على «داعش» و«النصرة» وتوابعهما، و«هيئة علماء المسلمين» واحدة منها.. فلم يعد سرا وجود حالات لبنانية مؤيدة او «متعاطفة» مع «داعش» و«النصرة»، تتستر تحت شعار «رفع مظلومية اهل السنة».
وتوقفت الاوساط عند ما يجري في عاصمة الشمال طرابلس من استهدافات امنية ضد الجيش اللبناني، وتقول .. ان هذا المسلسل المشبوه، يتناغم مع ما يجري على جبهة جرود عرسال، وترى انه من غير المستبعد ان تقوم القوى الارهابية باستثمار البيئات الداعمة و«المتعاطفة» معها في غير منطقة لبنانية، بعضها في العمق اللبناني، بحيث تعد سيناريوهات امنية خطرة تهدف الى خلق حالة ارباك امنية واسعة في صفوف الجيش اللبناني والقوى الامنية، وبالتالي اشغاله عن جبهة الجرود العرسالية والتخفيف من الاجراءات الامنية المتخذة مؤخرا والتي تعيق تحركات القوى الارهابية باتجاه عرسال البلدة التي كانت خط امداد حيوي لها، ولعل اخطر ما كشفته الجهات الامنية، تجنيد «داعش» و»النصرة» لاعداد كبيرة من النازحين السوريين في صفوفهم، والعمل وفق اجندة تحركهم لاعمال امنية تجري في اماكن ايوائهم، لاستهداف حافلات مدنية تنقل جنودا من الجيش اللبناني بين عدد من القرى الشمالية باتجاه الثكنات العسكرية او العكس، وهو امر يشير الى نوايا ارهابية متصاعدة ضد الجيش، وحركة التسليح الواسعة التي تجري في عدد من المناطق ذات الاغلبية السنية، فيما البارز في هذا السياق، تورط شخصيات لبنانية سياسية ودينية في رفد القوى الارهابية بالقدرات البشرية والتسليحية، بعضها عُرف عنه عداءه العلني للجيش، وهذا ما كشفته مخابرات الجيش اللبناني التي سعت الى محاصرة هؤلاء وتطويق نشاطاتهم المعادية، من خلال حملات دهم لمخيمات النازحين المستمرة، على الرغم من الحملات المنظمة التي اعدت لاثارة ما سُمي بـ «المضايقات والاهانات» التي «ارتكبها الجيش اللبناني خلال هذه الحملات، بهدف وقفها وابطال نتائجها الامنية .
وتتوقف الاوساط عند ما تم تناقله مؤخرا في طرابلس، على لسان «امراء» «النصرة» و«داعش» اللبنانيين في احياء المدينة، عن ان امراء «النصرة» في القلمون السوري تحدثوا عن تجنيد الالاف من المناصرين في مناطق لبنانية عدة، وان المعركة مع الجيش اللبناني لم تعد محصورة على الحدود في جرود عرسال، وتناغم ذلك مع ما اطلقه شيخ النصرة في لبنان زريقات الذي توعد بالوصول الى بيروت، وتعتبر الاوساط، ان سطوة «داعش» التي قامت على الضجيج الاعلامي وتسويقه في الداخل اللبناني وتسويق المجازر الوحشية، ما هي الا سيناريو انتحاري لاستهداف ساحة لبنان، وسط سعي حثيث للتأسيس لحرب استنزاف ضد الجيش اللبناني، فيما المسؤولية في اجتثاث هذه الحالة من عرسال، ما تزال غائبة من قبل الجهات الرسمية المختصة التي يبدو انها سلمت امرها للقدر الداعشي ولوصايا قوى اقليمية ودولية تدعو الى التريث في معالجة ما يجري.. «حفاظا على الوحدة الوطنية « ولتفادي الفتن المذهبية التي قد تجد لها الارض الخصبة، وسط حملات التحريض المذهبي التي تمارسها بانتظام القوى الارهابية في جرود عرسال.. وفي غير جرود عرسال.
جاد صعب