تتناول وسائل الإعلام كلفة الحرب الباهظة الثمن التي ستدفعها الولايات المتحدة الأميركية خلال عملياتها الجوّية ضدّ مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، والتي ستُكلّف الخزينة مليارات الدولارات سنوياً، علماً أنّها صرفت عليها حتى الآن مليار دولار.. غير أنّ أي من مراكز الدراسات الاستراتيجية المتخصّصة لم تحسب المبالغ الطائلة التي سبق وأن دفعتها الخزينة الأميركية لدعم الذين كانوا يسمّون بـ «الثوّار» بهدف إسقاط بعض الأنظمة العربية. كذلك لم تحسب كلفة ما قد تتكبّده الولايات المتحدة وسواها من الدول من خسائر فادحة في حال ارتد الإرهابيون من «ساحات الجهاد» الى البلدان الغربية، وقاموا بتنفيذ بعض هجماتهم فيها.
فإذا أجرت الخزينة الأميركية عملية حسابية لكلّ ما تقدّم، ستجد بالطبع أنّها لن تخسر شيئاً في محاربة الإرهاب، بل ستكون هي الرابحة، وستلعب دور البطولة في هذه المعركة التي كانت هي الحافز الأكبر لوجودها. فالدولة الأبرز التي غذت الإرهاب، بحسب مصدر ديبلوماسي، وجعلته بركاناً هائجاً، ثمّ عادت وخشيت من ارتداد حممه عليها، نجدها اليوم تقيم التحالف الدولي للقضاء عليه، لكي لا تُتهم مجدّداً بأنّها تتخذ القرارات العسكرية الآحادية وتقوم بتنفيذها، على غرار ما فعلت في حربها على العراق.
وما يلفت النظر هنا، بحسب المصدر نفسه، هو إعطاء الأرقام السنوية وليس الشهرية، ما يعني أنّ الحرب ضدّ الإرهاب سوف تمتدّ لأكثر من سنة، وربما تطول لسنوات، وذلك دون دراسة تبعاتها وآثارها السلبية على البشر والحجر في منطقة الشرق الأوسط. فرغم بدء الحرب منذ نحو شهرين، وإن بشكل متقطّع، فإنّ تنظيم «داعش» لم يتراجع كثيراً، بل قام أخيراً بتصفية تسعة مقاتلين أكراد بينهم ثلاث نساء. أمّا فرار بعض زعماء تنظيم «داعش» من القصف الجوّي الأميركي، على ما فعل أبو بكر البغدادي الذي هرب من مدينة الرقّة السورية الى محافظة نينوى العراقية، فلا يعني ربح الحرب، لأنّ المطلوب مخالف لذلك تماماً.
ويحاول التنظيم يضيف المصدر، بدلاً من محاصرة نفسه ليصبح لقمة سائغة للضربات الجوية، ربط المنطقة التي يسيطر عليها بأخرى حدودية مع تركيا حيث قد يجد الدعم السياسي والمعنوي، وحيث لن تقوم الولايات المتحدة بقصف عناصره هناك، لأنّ تركيا الداعمة لهذا التنظيم سوف ترفض ذلك، وبرأي المصدر الديبلوماسي، إنّ كلّ ما يُصرف اليوم هو ثمن السياسات الأميركية الخاطئة في المنطقة، وقد ذكّرت رئيسة الأرجنتين كريستينا فرنانديز دي كيرشنر دول العالم بها، منذ أيام خلال الكلمة التي ألقتها في مجلس الأمن، وجرى قطع الترجمة التي كانت ترافقها، كما قطعت وسائل الإعلام التي كانت تقوم بنقل الجلسة مباشرة، ذكّرت بسياسات أميركا ومجلس الأمن حيال الإرهاب وقضايا الشرق الأوسط المتناقضة، وهاجمتهما كما القرار الأممي، فاضحة الحقائق التي تتعامى عنها بعض الدول، «عن قصد» طبعاً، من دون أن تشير الى ذلك.
فتساءلت رئيسة الأرجنتين كيف اعتبر مجلس الأمن منذ عام نظام الأسد إرهابياً، ودعم المعارضة التي كان يعتبرها «ثوّاراً»، واليوم يجتمع للجمّ «الثوّار» بعد أن تبيّن فيما بعد أنّهم إرهابيون، ومعظمهم تدرّج في التنظيمات الإرهابية وانتقل من المتشدّد إلى الاكثر تشدّداً. كما سألت كيف تمّ إدراج «حزب الله» في وقت سابق على قائمة الإرهاب، وتبيّن فيما بعد أنّه حزب كبير ومعترف به في لبنان. وكيف جرى بالتالي اتهام إيران على خلفية الإنفجار الذي طال سفارة إسرائيل في بوينس أيرس عام 1994 ، ولم تثبت التحقيقات من قبل بلادها تورّط إيران بهذا الإنفجار. كذلك كيف أصدر المجلس قرار محاربة تنظيم «القاعدة» بعد أحداث 11 أيلول، واستبيحت بلاد وقتل أهلها تحت هذا العذر مثل العراق وأفغانستان، ومازالت هاتان الدولتان تعانيان من الإرهاب بالدرجة الأولى. ثمّ كيف رحّب المجتمع الدولي بالربيع العربي ودعمه في تونس ومصر وليبيا وغيرها، وأوصل الإسلام المتشدّد للحكم في هذه البلدان بقراراته ومباركته، وما زالت الشعوب في تلك الدول تعاني من وصول المتشدّدين الإسلاميين إلى الحكم والعبث بحركات المواطنين هناك. ثمّ ذكرت أنّه اتضح من خلال القصف على غزّة فداحة الكارثة التي ارتكبتها إسرائيل، وموت العديد من الضحايا الفلسطينيين، بينما اهتمّ المجلس بالصواريخ التي سقطت عليها والتي لم تؤثر أو تحدث خسائر في إسرائيل.
وكشفت الحقيقة أمام المجتمع الدولي عندما قالت: «اليوم نجتمع هنا لإصدار قرار دولي حول تجريم تنظيم «داعش» ومحاربته، و«داعش» مدعوم من قبل دول معروفة أنتم تعرفونها أكثر من غيركم، وهي حليفة لدول كبرى أعضاء في مجلس الأمن».
وأمام مثل هذه الإعترافات، يُعقّب المصدر الديبلوماسيين بأنّ ثمّة تساؤلات تُضاف أيضاً الى تلك، تتعلّق بماهية الحرب الأميركية- الغربية- العربية ضدّ التنظيمات الإرهابية، التي لا يبدو أنّها مدروسة ومحدّدة، سوى من ناحية كلفتها المالية. فالحديث عن أنّ الحرب ستطول لثلاث أو أربع سنوات، هو أمر لا يُصدّق، بحسب بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن. وسيجعل بعض الدول التي انضمّت الى هذا التحالف تسحب موافقتها على هذا الإنضمام، ومنها لبنان، إذ ليس من مصلحته انتظار كلّ هذه السنوات ليُبعد خطر التكفيريين عنه. فمحاربة أكبر دول العالم لتنظيم يضمّ في صفوفه، على ما ذكرت آخر الإحصاءات، 31 ألف مقاتل، وبالطلعات الجوية، لا يُعقل أن يستلزم كلّ هذا الوقت، سيما وأنّ التحالف لا يُقاتل مليون عنصر، على سبيل المثال، موزّعين في بلدان العالم، بل مسلّحين موجودين في بقعة واحدة معروفة الحدود والمواقع، الأمر الذي يُسهّل مهمة القضاء عليهم.
وعن «حزب الله»، أكّد المصدر أنّه انطلاقاً ممّا ذكرته رئيسة الأرجنتين، فإنّ الضربات الأميركية، لا يمكن أن تطال الحزب، تحت أي ذريعة ممكن أن تقدّمها بعد القضاء على «داعش» أو سواه من التنظيمات الإرهابية التي تقوم حالياً بتهديد الولايات المتحدة والدول الأوروبية الحليفة لها.
تعميم المركزي يخفض سعر صرف الدولار؟
بعد أن اصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يلزم المصارف بالحصول على موافقة مسبقة منه قبل فتح اعتمادات او دفع فواتير...